لقد تلاشت ثقتي تماما في الادارة الأمريكية. أنا لا أثق في التصريحات التي أدلي بها جون كيري وزير الخارجية الأمريكي في مؤتمره الأخير في مصر، فلا ثقة لي في الإدارة الأمريكية كلها، حتي لو جاء أوباما شخصيا إلي مصر وتحدث في جانبها . أقول هذا بمناسبة الزيارة الاخيرة التي تمت لدينا من وزير خارجية أمريكا. لقد أفصح الوزير عن رغبة الولاياتالمتحدة في ان تفتح حوارا استراتيجيا مع مصر، وبمعني أصح محاولة إعادة المياه إلي مجاريها في العلاقات المصرية الأمريكية. وإذا ما صح هذا الكلام من جون كيري، فأنا أعتقد ان السبب في هذا التحول هو شعور أمريكا بان مصر ربما تتجه مرة أخري إلي المعسكر الشرقي وخاصة روسيا والصين وهما ألد أعداء أمريكا. أنا لا أعتقد أبدا بعد هذا الانحياز السافر من الإدارة الأمريكية للتيارات الدينية المتشددة في الشرق الأوسط عامة وفي مصر بصفة خاصة، ان تعود مرة أخري لتقف إلي جانب التيارات المدنية التي تحكم مصر حاليا. انحياز أمريكا لم يكن انحيازا منها وحدها ولكنه كان منها ومن حلفائها في الغرب وإسرائيل. كل هذه الدول أصبحت في يوم وليلة تنحاز إلي التيارات الدينية المتشددة في منطقة الشرق الاوسط مرة واحدة، فهل هذا معقول؟؟ من يتصور ان أمريكا وإسرائيل والغرب عموما، يقفون جميعا إلي جانب التيارات الدينية المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط؟؟ ما أريد قوله ان هذا الانحياز للإرهاب الأسود الذي شمل هذه الدول جميعا رغم ما تعرضوا إليه من تخريب واغتيالات وتدمير . هل نسيت أمريكا ما حدث لها في 11 سبتمبر 2001؟؟ هل نسي الغرب ما تعرضوا له من تدمير في أعقاب أحداث أمريكا سنة 2011؟؟ هل نسيت إسرائيل ما حدث لها من حزب الله؟؟ هل نسوا جميعا كل هذا، حتي يتجهوا الآن الي تأييد ومؤازرة التيارات الدينية المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط؟؟ . ويا ليت كان الأمر قد اقتصر علي المساندة المعنوية والسياسية. لكن مع الأسف الشديد، لقد تكبدت أمريكا والغرب أموالا طائلة لهذه التيارات المتشددة، لكي تنفذ مخططها المسموم بتفتيت منطقة الشرق الأوسط ويا ليت الأمر قد انتهي إلي المساندة السياسية والعطايا المادية، إنما الأكثر من ذلك هو هذا الموقف المعادي تماما لمصر من جميع هذه الدول وخاصة أمريكا، التي انتهي بها الأمر إلي قطع المساعدات العسكرية والاقتصادية عن مصر، رغم الاتفاقات المبرمة بيننا وبينهم. هل كل هذا من أجل سواد عيون التيارات الدينية المتشددة في هذه المنطقة؟؟. تتشدق أمريكا بأسباب واهية وحجج مكشوفة بادعائها كذبا وافتراء، بأن مصر ليس لديها ديمقراطية ولا حرية ولا شرعية. مرة واحدة اصبحت أمريكا ومن معها من دول الغرب وإسرائيل، هم الحامين للديمقراطية والحرية والشرعية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة مصر، مدعين أن ما حدث أخيرا في مصر هو انقلاب عسكري وليست ثورة شعبية عارمة . تصور يا عزيزي القارئ أنه رغم هذه الملايين التي خرجت في مصر يوم 30 يونيه وما بعده للتخلص من هذا الأخطبوط الذي التف حول شعبنا في محاولة لإغراقه والقضاء عليه، هل تتصور عزيزي انهم يدعون كذبا وافتراء، ان ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري، رغم وجود اجهزة الاستخبارات المنتشرة في المنطقة وخاصة استخبارات أمريكا واسرائيل، الذين يعلمون جيدا ان مصر عن بكرة ابيها خرجت للتخلص من هذا الأخطبوط، الذي التف علي عنقها . ورغم هذا يدعون انه انقلاب عسكري، ومن ثم يطالبون بعودة الديمقراطية والشرعية للبلاد . ما هذا الاهتمام المفاجئ من هذه الدول بالديمقراطية والحرية والشرعية ؟؟ اين كنتم طوال الستين عاما الماضية، منذ عهد عبد الناصر مرورا بعهد أنور السادات وصولا إلي عهد حسني مبارك؟؟ لماذا خرستم ولم نسمع منكم صوتا واحدا يطالب بالديمقراطية والحرية والشرعية، رغم ان مصر في كل هذه الفترات لم تر بصيصا للديمقراطية ولا الحرية والشرعية . هل مصر حاليا فقدت الحرية والديمقراطية والشرعية وطوال الستين عاما الماضية كانت تنعم بها؟؟ الحقيقة المرة انكم لا تهتمون لا بالديمقراطية ولا بالحرية ولا بالشرعية، ولكنكم تسعون فقط إلي مصالحكم وتنفيذ مخططاتكم المسمومة في منطقة الشرق الأوسط، لتفتيتها وتقسيمها إلي دويلات صغيرة لكي تستطيعوا جميعا بلعها وامتصاص دمائها. هذه هي الحقيقة التي يعلمها جيدا الشعب المصري، ومهما حاولتم إخفاء تلك الحقيقة، فلن يفلح خداعكم ولا أكاذيبكم، حتي لو جاء إلي مصر أوباما نفسه. حمي الله مصر وشد من أزر شعبها وقادتها