للمرة الثانية.. كارثة تتعرض لها منطقة "بين الجبلين" الأثرية بمدينة إسنا التاريخية جنوب محافظة الأقصر، خلال العام الجارى، تشهد عمليات هدم وتجريف وتدمير لمقابرها, وتلالها وأسوارها التاريخية, ونهب وسرقة لآثارها التى يرجع تاريخها إلى العصور الفرعونية الأولى. وحررت منطقة آثار إسنا عدة محاضر للمتعدين، فيما قال مصدر أمنى بالسياحة والآثار بالأقصر أنهم فى انتظار قرار النيابة بشأن القائمين بالاعتداءات التى تتواصل منذ يوم العاشر من شهر أكتوبر الماضى. ويعد هذا الاعتداء هو الثانى بعد أن شهدت المنطقة اعتداءات واسعة أدت لانهيار إحدى المقابر الأثرية في شهر مايو الماضي. وكانت منطقة آثار إسنا فى جنوبالأقصر قد حررت أول محضر للمتعدين فى العاشر من شهر أكتوبر الماضي، وحررت آخر محضر بتاريخ الثالث من شهر نوفمبر الجاري. واتهمت منطقة آثار إسنا المتعدين بالتعدى بالحفر والتجريف باستخدام حفارات وعربات نقل ثقيل وإزالة وهدم مقابر ومعالم وتلال أثرية ، والقيام بعمل حفريات بعمق 6 أمتار، وتغيير المعالم والطبيعة التاريخية للمنطقة وتشوين كميات من الطوب البيض للشروع بالبناء فوق أراضى المنطقة الأثرية بعد تجريفها وإزالة مقابرها ومبانيها وتلالها التاريخية . لكن التعديات وعمليات الهدم والتجريف لآثار وأراضى المنطقة منذ العاشر من شهر أكتوبر الجاري ، وحتى اليوم. في وضح النهار ، وأمام أعين المسئولين . واتهمت مصادر أمنية، وزارة الدولة لشئون الآثار بالمسئولية عن تلك التعديات لتهاونها وتأخرها في إصدار قرار بنقل ملكية أراضى منطقة بين الجبلين الأثرية للوزارة ، والاكتفاء بخضوعها لإشراف الآثار فقط، الأمر الذي يحول دون صدور قرارات بضبط وإحضار المتعدين ، وعدم صدور قرارات أحكام رادعة ضدهم فيما سبق من تعديات . وذلك نظرا لأن المنطقة برغم احتوائها على مقابر ومعالم أثرية إلا أنها لم يتم نقل ملكية أراضيها للآثار . ومن جانبه أمر اللواء علاء الهراس السكرتير العام لمحافظة الأقصر بتشكيل لجنة من مجلس مدينة إسنا لحصر أي تعديات تمت أو منشآت أقيمت بدون ترخيص ومحاسبة مسئولي القرية في حال ثبوت تقصيرهم في تحرير مخالفات للمتعدين . وكان أثريون يعملون في المنطقة - التي تعد من المناطق الأثرية المهمة في إسنا وترجع أهميتها إلى العصور الفرعونية الأولى حيث كانت الحد الفاصل بين الإقليم الثالث والإقليم الرابع من أقاليم مصر الجنوبية ويعنى اسمها القديم والحديث "التلين " أو الجبلين لأنها تقع بين الجبلين الشرقي والغربي على الضفة الغربية للنيل، كما كانت تسمى Perhathar أي معبد أو مقر الآلهة حتحور التي كان يوجد معبد لها في الجبل الشرقي والذي يرجع في أصله إلى ما قبل الأسرة الثالثة الفرعونية وكان يضم نقوشا من عصر الاضطراب الأول وأسماء الملوك " منتوحتب – بنحتب رع " من الأسرة 11 الفرعونية وملوك من الأسرة 13 مثل جدف – نفر رع – جد عنخ – رع – منتو أم – ساف إلى نفر – حبت رع ثم من ملوك الهكسوس الأسرة 15 مثل خيان أوس رع – أبوقيس – قد كشفوا عن تعرض المنطقة لاعتداءات على معالمها الأثرية في وضح النهار وباستخدام معدات وحفارات ثقيلة تسبب دخولها إلى المنطقة في انهيار عدد من مقابرها الأثرية المبنية بالطوب اللبن ، ودمار كبير لمعالمها التاريخية دون أن تتحرك الشرطة أو الوزارة لوقف تلك الاعتداءات برغم قيام مسئولي الآثار في المنطقة بتحرير مخالفات ومحاضر بأسماء من يقومون بأعمال الهدم والتدمير والسرقة لآثار بين الجبلين ،. وأشار الأثريون في مدينة إسنا ومنطقة بين الجبلين إلى تقدمهم باستغاثات للمسئولين في وزارة الدولة لشئون الآثار لإنقاذ آثار المنطقة مما تتعرض له من نهب وتدمير لكن حالة الإهمال والتجاهل من قبل المسئولين تسببت في استمرار التعديات على آثار المنطقة - التي تحوى مقابر من عصر الاضطراب الأول على الجبل الغربي من أهمها مقبرة إتى ITI المحفوظة حاليا بجناح المتحف المصري في تورين بإيطاليا ، بجانب عثور البعثة الإيطالية حديثا على سور ضخم ربما كان يحمى القرية القديمة بالمنطقة - منذ العاشر من شهر أكتوبر الماضي دون أي ترحك أمنى لوقفها . وأثبتت المحاضر التي حررها المسئولون بمنطقة آثار إسنا وبين الجبلين وسلمت لوحدة شرطة السياحة والآثار في مدينة إسنا والمذكرة التي تقدموا بها للمسئولين بمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا ووزارة الدولة لشئون الآثار عن أن المتعدين يستخدمون حفارات ضخمة في أعمال التعدي مما أدى إلى إتلاف الآثار الظاهرة بالمنطقة من مقابر وأسوار ودفنات سبق اكتشافها بمعرفة بعثة أثرية ايطالية كانت تعمل بالمنطقة بجانب إزالة وتدمير للطبقات والشواهد الأثرية التي تحدد هوية المنطقة وتاريخها الأثري . وذلك بهدف الاستيلاء على أراضى المنطقة وسرقة مابها من آثار . حيث يتعرض التل الأثري بالمنطقة للتجريف بهدف الزراعة والبناء فوق مايضمه التل من معالم أثرية وهدم وتدمير للمقابر والدفنات المبنية بالطوب اللبن والاستيلاء على ما بها من آثار , دون أي تحرك شرطي لوقف تلك الاعتداءات المستمرة حتى لليوم . وكشف الأثريون بمنطقة بين الجبلين عن تقدمهم بطلب لتحويل المنطقة إلى محمية أثرية ونقل ملكية أراضيها إلى وزارة الدولة لشئون الآثار بدلا من الاكتفاء بإخضاعها لإشراف الآثار فقط بهدف تحقيق مزيد من الحماية لها وإقامة سور حولها إلا أن أحد لم يستحب لمطلبهم الذي تقدموا به للجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار في العام الماضي 2012 . يذكر أن منطقة أو قرية بين الجبلين غرب إسنا في جنوب محافظة الأقصر كانت قد أنجبت أعظم مهندس في التاريخ ايموحتب، وهو من أعظم البنائين والأطباء النوابغ في الطب والحكماء. هو " ايموحتب " كاهن الملك زوسر ووزيره تعرف الإغريق على عظمته بعد آلاف السنين، فقدروه وقدسوه وعدوه خالق عمارة الحجر، وأول حكماء الدنيا وأمام أطبائها فساووه بالإله " اسكايبيوس " اله الطب واعتبروه ابنا للإله بتاح. وكان الملوك قبل " ايموحتب " يدفنون في قبور على هيئة مصاطب لا تختلف عن قبور رعاياهم إلا بعظم حجمها وفخامتها وكانت تبنى من الطوب اللبن. ولكن ايموحتب نجح في تشييد قبر مليكه زوسر الذي وضع تصميمه ليكون أفخم من أي قبر شيد من قبل كانت الفكرة الجريئة في بناء هذا القبر هي أن يكون مبنيا بكتل من الحجر بدلا من الطوب اللبن، فشيد مصطبة كبيرة من الحجر الجيري قطعها من المحاجر القريبة ثم كسا جدرانه الخارجية بأحجار جيرية من النوع الأبيض الممتاز . وبين الجبلين هي إحدى مناطق مدينة إسنا وتبعد 55 كم جنوبالأقصر وتقع على الضفة الغربية لنهر النيل. وكان لإسنا عدداً من الأسماء في القدم: أيونيت، تا -سِنِت، ولاتوبوليس. واسم لاتوبوليس عائد لسمكة البلطي Lates niloticus المتواجدة بكثرة في ذلك الجزء من النيل. وتحوى إسنا الكثير من المناطق الأثرية والتاريخية من أهمها معبد إسنا الذي يتوسط المدينة القديمة ويرجع تاريخ اكتشافه إلى عام 1843م . ومواقع أخرى ذات شهرة عالمية مثل منطقة بين الجبلين ومنطقة كومير .