تعتبر مصر بحكم موقعها الجغرافي «قلب العالم» ولذلك فإنها مطمع للغزاة، والأجانب من دول العالم، ومنذ شق قناة السويس واكتشاف البترول، وهي تتعرض للاحتلال والغزو الأجنبي، ويكفي أن نذكر لتأكيد هذه الحقيقة، احتلال الهكسوس لمصر أيام الفراعنة ثم تلاهم العديد من الدول الغربية مثل الرومان واليونان والفرنسيين والإنجليز.. إلخ، وبالتالي فإنه يكون مفهوماً ومنطقياً أن الشعب والجيش المصري في رباط إلي يوم الدين، وأن أجناد مصر هم خير أجناد الأرض، كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم، حيث حارب هذا الجيش العظيم، كما ناضل الشعب المصري الاحتلال الأجنبي وإزاحه خارج البلاد، علي مر التاريخ، الذي يؤكد أن الجيش المصري منذ «أحمس» وحتي «السيسي» قائده العام الحالي، هو جيش وطني يمثل الدرع والسيف الوطني، لحماية الشعب وكفالة حرية إرادته، واستقلال أراضيه، ورغم ذلك تحاربه جماعة الإخوان الإرهابيين. ومن المعلوم أن هذه الجماعة الإرهابية قد حدد أهدافها ومبادئها كل من «حسن البنا» و«سيد قطب» والأخير هو الذي قال في كتابه «معالم الطريق»: إن الوطن ليس أرض مصر، وإنما الوطن هو الدين الإسلامي بالتحديد الإخواني، وأن الأرض المصرية ليست سوي الطين والسكن، وقد قال أحد القيادات المنشقة عن الإخوان المسلمين في إحدي الفضائيات إنه قد انضم في سن الخامسة عشر عاماً إلي الجماعة، وتم تلقينه أن الأرض المصرية ليست سوي مساحات من الطين والرمل، وأن حب هذه الأرض، كوطن نوع من الكفر، لأن الطين والرمل يصنع منها التماثيل، وهي أوثان، ومن ثم فإن الوطنية والحب والعشق لهذه الأرض يعد نوعاً من الكفر. وقد اعترف بأنه لم يكتشف زيف هذه المقولات إلا بعد أن بلغ عمره الثلاثين عاماً، حيث أدرك أن مصر الوطن، ليست الأرض فقط ولكنها البشر والطين والحجر، والحيوان، والنبات والنيل والحضارة معاً. وقد قال «عاكف» مرشد الجماعة السابق، تأكيداً للمزاعم القطبية أو بالمواطنة، منذ عدة شهور «طظ في مصر»، فالإخواني لا يعترف بالوطن أو بالمواطنة، أو بالانتماء والارتباط بين المصري ووطنه، ولكنه يعتقد أن الوطن هو المبادئ الإخوانية المزعومة من الجماعة الإرهابية، أنها «الإسلام الصحيح» وأن غير أعضاء الجماعة غير مسلمين، وكفار يعيشون في عصر «الجاهلية الثانية» بعد الجاهلية الأولي قبل الإسلام. وقد ذكر سيد قطب في كتابه المذكور أن رسالة الإخوان هي إعادة الجاهليين المصريين وغيرهم من الشعوب الإسلامية إلي حظيرة الإيمان الإخوانية، ونشر هذه المبادئ في كل الدول الإسلامية، من إندونيسيا حتي أمريكا، وعلي رأسها إعادة الخلافة الإسلامية العالمية، ويتجاهل الإخوان القطبيون حقيقة أنه تم اغتيال ثلاثة من الخلفاء هم الخلفاء عمر وعثمان وعلي، كما تم اغتيال الحسن والحسين، أبناء الخليفة علي من فاطمة بنت الرسول صلي الله عليه وسلم، وأنه قد مرت الأمة الإسلامية بنظام الملك العضوض، في عصر الأمويين والعباسيين، وأن «الخلافة العثمانية» الإسلامية قد سقطت بعد الحرب العالمية الأولي، ولا يوجد أي دليل علي إمكان إعادة الخلافة الإسلامية، في الظروف والأحوال الدولية الراهنة ولو بعد عدة قرون للتخلف الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي والعسكري للشعوب الإسلامية، وللخلاف اللغوي والحضاري والبعد الجغرافي بين الشعوب الإسلامية غير العربية، في مختلف القارات، فالمسلم الإيراني غير الهندي أو الأفغاني أو الباكستاني، أو الأوزبكستاني أو العربي.. إلخ. ورغم كل ذلك يقول إمام الإخوان «سيد قطب» إن علي الإخواني أن يمارس الازدراء للشعب الجاهلي، ويتعامل معه معاملة «الاستعلاء الإيمانى» لأنه يؤدي الرسالة الإخوانية المقدسة التي يصبح معها الإخوان بعد نجاحهم في تحقيقها بالدعوة، أو بالقوة، سادة وأساتذة العلم. والواضح أن مبادئ وعقيدة الإخوان آنفة الذكر تعمل من أجل إعادة أشكال وأنظمة الماضي منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة إلي الحاضر بإنشاء دولة الخلافة الإخوانية العالمية، التي تخرج الشعوب الإسلامية من الجاهلية، ويذهب الإخوان علي خلاف إجماع الفقه الإسلامي إلي أن أفراد الشعب المصري غير المنضمين إلي جماعتهم جاهليون، وكفرة وغير مسلمين، رغم أنهم يشهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنهم يقيمون الصلاة ويخرجون الزكاة ويؤدون الحج! رئيس مجلس الدولة الأسبق