في ظل تراجع اقتصادي وميزانية خربانة ووقف في جميع أوجه النشاط الاقتصادي وخاصة في مجالات السياحة والصناعة والزراعة والتجارة.. اتخذت الحكومة قراراً بتنفيذ الحد الأدنى للأجور في الحكومة وتوابعها الى 1200 جنيه.. هذا القرار مهم جداً من الناحية النظرية ولكن في حقيقة الأمر يمثل كارثة على ميزانية الدولة لأنه سيضيف أعباء سنوية لا تقل عن 700 مليار جنيه.. فمن أين ستأتي الحكومة بهذه الأعباء الاضافية على الميزانية المرهقة؟.. ديون الحكومة داخلياً وخارجياً تزيد على 1600 مليار جنيه فكيف تعالج الحكومة مشكلة بمشكلة أكبر؟ لماذا لم تفكر وتدرس الحكومة العشوائية الأمر قبل اصدار القرار وتحديد موعد تنفيذه في يناير القادم.. هل تظن الحكومة أن عمرها القصير لن يمتد الى يناير القادم وبالتالي فهى تصدر الكارثة الى الحكومة القادمة؟.. أم أنها ستضغط على البنك المركزي لادارة مطابعه لاصدار كميات ورقية لا قيمة لها في الأسواق لمواجهة هذا العبث؟ لا شك أن هناك كارثة اقتصادية في الوزارات والهيئات التابعة للدولة بسبب تباين الحد الأدنى في الأماكن المختلفة وعدم وجود حد أقصى مما يزيد الفقير فقراً ويزيد كبار القوم في الحكومة غنى!!.. هناك موظفون يبلغ عددهم نحو 20 ألف موظف يحصلون على 63 مليار جنيه سنوياً.. في حين أن عدد العاملين في الدولة يزيد على 6 ملايين موظف يحصلون على 120 مليار جنيه سنوياً.. فهل هناك وجه للعدالة في التوزيع بين العددين.. أم هذا الخلل الجسيم والتفاوت غير العادل كان كفيلاً بأن يدعو الحكومة لاعلان الحدين الأدنى والأقصى للأجور لديها في نفس الوقت.. ولكنها رفعت الحد الأدنى وصدرته لأوائل العام القادم.. وتركت الحد الأقصى مفتوحاً دون تحديد مما يعني مزيداً من الأعباء على الميزانية.. لأن تحديد الحد الأقصى كان كفيلاً بتوفير جزء من الميزانية اللازمة لتمويل الحد الأدنى.. ولكن القرار جاء متسرعاً وغير مدروس مما قد يزيد الأعباء على المواطنين بدلاً من تخفيفها.. وخاصة أن الحكومة عاجزة عن السيطرة على الغلاء وارتفاع الأسعار بحجة الاقتصاد الحر.. رغم أن الدول الكبرى في هذا المجال تلجأ احياناً لتحديد حد أقصى لأرباح الصناعة والتجارة حفاظاً على الأغلبية الكاسحة من أبناء الشعب.. لاتوجد حكومة تترك للصانع والتجار تحديد هامش الربح على مزاجه على حساب المواطنين!! تطبيق الحد الأدنى للأجور هل سيطال القطاع الخاص أيضاً.. وخاصة أن اجتماعات المجلس القومي للأجور برئاسة وزير التخطيط وبحضور ممثلي رجال الأعمال والعمال فشلوا جميعاً في الاتفاق على تحديد حد أدنى للأجور في القطاع الخاص الذي يئن من حالة الركود ووقف الحال وخاصة في المجال السياحي الذي يواجه حرباً دولية من امريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي برغم المحاولة المستميتة من وزير السياحة لدى هذه الدول لرفع الحظر المقرر منها لسفر مواطنيها الى مصر.. فكيف ستلزم رجال السياحة أصحاب الفنادق والمطاعم وشركات النقل على تطبيق حد أدنى وهناك مئات المنشآت السياحية التي أغلقت أبوابها بالضبة والمفتاح انتصاراً للخراب ووقف الحال الذي يخيم على هذا القطاع الذي يتأثر مباشرة بالحالة السياسية والأمنية في البلاد؟.. هناك أكثر من 4600 مصنع متوقف عن العمل وهى كفيلة في حالة عودتها للتشغيل بتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل.. فكيف يتم تحديد حد أدنى للأجر مع هذا التوقف وهناك مصانع اخرى يدق الخراب أبوابها بسبب حالة الكساد والرجوع الاقتصادي وعدم توفر الأمن واختطاف أصحاب أعمال للمطالبة بفدية!!.. أليس تحديد حد أدنى للأجور في ظل هذه الظروف في القطاع الخاص ضرباً من الخيال؟.. مما قد يؤدي الى مزيد من البطالة بسبب الاستغناء عن العمالة توفيراً في النفقات ومزيداً من الضغوط على العمال واهدار حقوقهم بنظام «اللي مش عاجبه يرحل»!! تطبيق الحد الأدنى للأجور خطوة غير مجدية لتطبيق العدالة الاجتماعية ما لم تتم السيطرة على الأسعار فما ستعطيه الحكومة باليمين سيأخذه التجار بالشمال وما يصيبهم غير مزيد من الحزن والنكد.. هل وضعت الحكومة أصحاب المعاشات في خطتها لرفع الأجور خاصة أن عددهم يزيد على 9 ملايين مواطن يعيشون تحت خط الفقر.. وهناك من يحصل على معاش الضمان الاجتماعي الذي لا يزيد على 300 جنيه شهرياً.. هل ستجري الحكومة اصلاحاً وظيفياً مالياً لتسوية حالات كل الموظفين في الدولة الذين سيظلمون بقرار رفع الحد الأدنى.. ماذا عن الذين يعملون منذ سنوات طويلة أم قصيرة ولم يصلوا الى هذا الحد الأدنى؟ وماذا ستفعل الحكومة للذين يعملون منذ زمن وتجاوز مرتبهم الحد الأدنى بقليل هل نسوي بين من عمل اليوم ومن عمل من سنوات هل هذه هى العدالة الحكومية؟ لقد فتحت الحكومة على نفسها أبواب جهنم برفع الحد الأدنى الى 1200 جنيه مرة واحدة. وكان يجب التدرج في تطبيق القرار على مدى 3 سنوات أو أكثر حفاظاً على حقوق كل العاملين الجدد والقدامى.. لماذا تخرج القرارات غير مدروسة وهل الحكومة بهذا الشكل تحقق أهداف الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية؟.. نرجوكم لا تتلاعبوا بأحلام البسطاء كما فعلت الحكومة مع ملف عودة أموال مبارك والأموال المهربة خارج مصر والتي لم يأت منها جنيه واحد.. لا تتلاعبوا بأحلام الشباب العاطل الذي يتمنى الحصول على قوت يومه.. في كل بيت قنبلة جاهزة للانفجار بسبب البطالة فماذا أنتم فاعلون فيها هل سيتم تعيين كل الشباب المتعطل في الحكومة للحصول على الحد الأدنى؟.. أفيدونا كيف الخروج من هذا المأزق وأين المفر يا حكومة؟