تمر مصر بحالة احتقان بين ابناء الوطن الواحد لم تحدث من قبل فى التاريخ الحديث، لقد سالت دماء مواطنين مصريين منذ احداث ثورة 25 يناير و30 يونيو مروراً بإنهاء اعتصام ميدان رابعة العدوية. ان وفاة مواطن مصرى واحد سواء مؤيد أو معارض يعتبر من وجهة نظرى مصيبة كبيرة. مهما كان معتقد المواطن الذى توفى فانه مصرى ودمه غال. ان هذه التضحية العظيمة وضعت أمانة فى عنق أعضاء لجنة الخمسين لان يتم وضع تعديلات دستورية تليق بهذه الدماء التى سالت من اجل الحرية والكرامة. ولقد اصبح لزاماً على ان اشير الى قناعتى الشخصية أن طريق لجنة الخمسين وعر وسوف يكون به مطبات قد لا تسمح باصدار دستور يسمح باستدامة التقدم لمصر. ان هدفنا هو انشاء دولة مدنية تسمح بعدم احتكار السلطة وحماية الضعيف وتتبنى العلم والعدل اساساً للتقدم ورفاهية المواطن المصرى الذى عانى كثيرا ومن حقه ان يرى ضوءا فى نهاية الممر. وبما ان المصريين بطبعهم متدينون فانهم لن يقبلوا اى مساس بحرية العقيدة وممارساتها. وهذه التوصيات هى رؤيتى الشخصية التى أومن انها لصالح المواطنين: أولا: ان ما أنصح به لجنة الخمسين الموقرة ان تتبنى النظام البرلمانى لنظام الحكم، مهما وضع من مواد تقيد استبداد الرئيس فى النظام شبه البرلمانى او شبه الرئاسى، فسوف يتم التلاعب بهذه المواد – اننا لنا القدرة الفائقة فى صناعة الفرعون – كفانا ما حدث من تجربة مريرة لنظام الحكم حتى هذه اللحظة – مهما كان من تحفظات على النظام البرلمانى فى بعض المواقف فانها لا تقارن برئيس مستبد وسوف يتمكن هذا الرئيس من أعضاء البرلمان. إن بعض النواب يركز على خدمة ناخبيه وتنفيذ طلباتهم والتى هى فى يد السلطة التنفيذية. وبالتأكيد الرئيس المستبد سوف يكون له نصيب من الضغوط فى اعطاء خدمة لنائب ووقف الخدمة عن نائب آخر مما يضع تحدياً على النواب بقبول هذا الاستبداد لانهاء مصالح ناخبيهم ونعود الى خلق فرعون جديد بأيدينا. مازال الوقت مناسباً لمراجعة اى قرارات تم اتخاذها. ثانياً: ان النظام الانتخابى يجب ان يساهم فى انشاء دولة مدنية ذات تعددية حزبية، ولذلك انصح بوضع معايير لهذا النظام، وألا يتم ذكر النظام الانتخابى فى الدستور ولكن يتم اصداره عن طريق قانون. فلا يصح ان يتم وضع نظام لتحصينه بالدستور. وقد تكون هذه المرحلة الحالية تسمح بنظام يحتاج الى اضعاف فرص تحكم رأس المال وتوظيف الامية والفقر لمصلحة مرشح ضد مرشح. كما ان مصر يوجد بها ما لا يقل عن 28% من المواطنين لا يعرفون القراءة والكتابة. ومع تطور الاداء الديمقراطى وتنمية المواطنين قد يتم تغيير اسلوب الانتخاب فى فترة اخرى فلا نحتاج الى استفتاء جديد على الدستور لتعديل نظام الانتخاب. فأرجوكم لا تحصنوا نظاماً انتخابياً كما كان ما يقوم به د. محمد مرسى من تحصين قراراته فى اعلانه الدستورى المشهور. ولكن يمكن وضع مواد تمنع الفراغ الدستورى اذا حدث لا قدر الله. ثالثاً: فى اطار مناقشات الغاء الغرفة الثانية للبرلمان والتى تعرف فى الوضع الحالى بمجلس الشورى – ان جميع ممارسات مجلس الشورى التى تمت فى السنين الماضية ليست لها علاقة بمسئوليات الغرفة الثانية فى البرلمان - ان مسئوليات الغرفة الثانية تتبلور فى انها لها ذات الاختصاصات التشريعية للغرفة الاولى والتى تدعى مجلس الشعب، ولكن تهدف هذه الغرفة الثانية الى تعزيز جودة اصدار القوانين. لقد عايشنا اصدار القوانين فى ليلة وهذا لا يحدث فى وجود غرفة ثانية للبرلمان بكامل الاختصاصات التشريعية. الادعاء انها تكلف اموال كثيرة، ظاهره حق ولكن باطنه باطل، إن اصدار قانون واحد دون مراجعة متأنية من الغرفة الثانية قد يكلف المواطنين أموالاً طائلة وقد يهدد السلم الاجتماعى. فلتتم تسميتها مجلس الشيوخ حتى لا ترتبط باسم مجلس الشورى ذي السمعة السيئة، وبالطبع عضو مجلس الشيوخ له معايير اعلى من عضو مجلس الشعب تساعد فى اصدار قوانين عالية الجودة. رابعاً: المجالس المحلية – يجب ان تتم تقوية المجالس المحلية لكى تكون هى اساس خدمة المواطنين دون اعطائها سلطات تنفيذية كما حدث فى دستور 2012. انه يجب أن يكون لها سلطة مجلس الشعب على المستوى المحلى من مساءلة المحافظ ورؤساء المدن والاحياء وقد تصل الى سحب الثقة منهم فى ظروف محددة. سوف ينجح هذا الدستور عندما لا يذهب المواطن إلى عضو مجلس الشعب لأخذ حقه ولكن يذهب الى عضو المجلس المحلى. أتمنى ان نصل فى يوم الى انتخاب المحافظ ورؤساء المدن والاحياء والعمد. خامساً: وقف جميع أنواع التمييز بين المواطنين فلا يجب وضع أى مواد تعطى مميزات لاى طائفة سواء مهنية او دينية ولكن يجب ان يتم وضع المواد التى تحمى حقوق الضعفاء. سادساً: ان هذا الدستور يتم وضعه فى أجواء محتقنة، مما يجب علينا مراجعته بعد فترة من الزمن عندما تهدأ النفوس، ولذلك يجب وضع مواد تسمح بهذه المراجعات وتحديد مدة زمنية لهذه المراجعات ولتكن ثلاثة اعوام منذ عقد مجلس الشعب. سابعا: ان الدين عند الله هو الاسلام فلا يجب ان يتم ذكر اى مذاهب فى الدستور، من يخاف ان يتغلغل مذهب فى مصر ضد المذهب الذى يؤمن به عليه ان يقوم بالدعوة الصالحة وليس بوضع مواد لن تحمى المذهب الذى يؤمن به، ان الشعب المصرى مؤمن وقادر على حماية هويته الدينية. إن هذه التوصيات التى رأيت أن من واجبى أن أتقدم بها الى لجنة الخمسين بعد أن مررت بتجربة أليمة وانا عضو فى لجنة دستور 2012 والتى كان يبنى على الانتقام والاستحواذ. اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد.