طموحات عريضة يضعها الشعب المصرى على أعضاء لجنة الخمسين للتعديلات الدستورية فى إنجاز دستور يليق بمصر الثورة ويخلصها من شبح الدولة الدينية بعدما قاتل «الإخوان» لتأسيسها عن طريق الدستور المعطل.. «أكتوبر» التقت بنخبة من خبراء القانون الدستورى لاستطلاع آرائهم حول سيناريوهات عمل اللجنة التى بات مرهون بها مصير الشعب المصرى والتى ستبدأ مناقشة تعديلات الدستور التى انتهت منها اللجنة الفنية المعروفة بلجنة العشرة والتى سلمت نسخة من عملها إلى المستشار عدلى منصور الرئيس المؤقت تمهيدا لتسليمها إلى لجنة الخمسين التى سيعلن أسماء أعضاؤها خلال ساعات. يرى المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة ورئيس نادى قضاة أسيوط السابق أن الدستور كما أعلن من قبل كافة القوى السياسية يجب أن يكون محل توافق مجتمعى إلى حد كبير بمعنى أن يكون الاتفاق عليه يجاوز الثمانية فى المائة على الأقل وهذا لن يتأتى إلا إذا تضمن الدستور مواد منقولة من الدساتير السابقة والتى كانت ولا تزال محل اتفاق تام بين كافة طوائف المجتمع سياسيا ودينيا وثقافيا واجتماعيا وهذه الموارد يجب أن يتضمنها الدستور الجديد بغير تعديل يلتف حول معناها مثل المادة الثانية من الدستور وكما هى تنص عليها الدساتير السابقة دون إضافة أو تعديل وهى عليها اتفاق تام بين كافة الطوائف وليست محل جدل أو تمثل مصالح بعض الفئات على حساب فئات أخرى أما المواد التى كانت ولا تزال محل جدل وخلاف فى الرؤية من الطوائف السياسية المختلفة والطوائف الحزبية وبخاصة الدينية فإنها يتعين أن تعرض مع الدستور محل التوافق على الشعب فى الاستفتاء ليقول كلمته فى شأنها بصورة محددة حتى يأتى الدستور الجديد ملبيا لكافة مطالب الشعب المصرى وتكون إرادة أغلبية الشعب المصرى هى القائدة والحاكمة فى شأن مواد الدستور وعلى سبيل المثال فإن تضمين الدستور المادة الثانية وهى الخاصة بمبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع كانت منذ تم وضعها فى الدستور محل اتفاق بين كافة طوائف الأمة وعلى الأخص شركاء الوطن وأبناء الوطن المسيحيين باعتبار أن غالبية الشعب المصرى من المسلمين فلا غرو أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية وهى مبادئ جميعها إنسانية صالحة للحكم فى كل زمان لم تكن محل اعتراض من شركاء الوطن بل كانت ولاتزال بحسب كل التصريحات التى تصدر عن قياداتهم الروحية والحزبية محل موافقة وارتياح وأى تعديل عليها سواء بالإضافة أو التغيير من شأنه أن يقضى على هذا التوافق ويدخل البلاد فى معارك جدلية تنتهى فى النهاية بالخسران دون تحقق أى مكاسب على الإطلاق. إرادة غالبية الشعب هى الحاكمة ويضيف المستشار السيد أن نسبة الخمسين فى المائة للعمال والفلاحين فى المجالس النيابية التى فرضت فى الدساتير السابقة فى ظروف اقتضتها المرحلة التى وضعت فيها حماية لحقوق العمال والفلاحين والمكاسب الاشتراكية التى حصلوا عليها فى الحكم الناصرى والتى أصبحت الآن فى ذمة التاريخ لا توافق المرحلة الراهنة والآمال التى يعقدها شعب مصر على البرلمان المنتخب ليقوده إلى مستقبل أفضل ينافس الدول المتقدمة والتى لا يوجد فيها مثل هذا التخصيص. الدستور المعطل طامة كبرى يرى المستشار الدكتور شوقى السيد الفقيه القانونى وأستاذ القانون الدستورى أن الإعلان الدستورى نص على تعطيل الدستور وتشكيل لجنة للتعديلات وهذه اللجنة تعتقد أن هذا الدستور طامة كبرى فى حق الوطن لأنه سيطرت عليه جماعة وسيطرت على وضع الدستور وأدخلت مواد تفتح أبواب الشيطان ومواد أخرى تنتقم من الشعب المصرى والهوية المصرية وقد اعتبرت اللجنة بأن التعديل يشمل الحذف والإضافة والتعديل حتى لو وصلت إلى دستور جديد وقد حذفت 38 مادة. ويضيف أن هذا الدستور المعطل أطول دستور فى العالم وهو بعد دستور تشاد ومن أجل هذ فإن لجنة التعديلات عملت مقترحا والمحك فى النهاية هو لجنة الخمسين والحوار المجتمعى وحسب الإعلان الدستورى فهى تمثل كل أطياف الشعب المصرى بما فيها الأحزاب واختيار لجنة الخمسين هو الشىء المهم. صراع محتمل يرى المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة الأسبق والفقيه القانونى أن مسودة الدستور بقدر الإمكان نستطيع أن نقيمها بدرجة 7 من عشرة وهو تشريع بشرى يحتمل التعديل فالتشريع لم يستجب لمطالب بعض الفئات وهو الذى سيتسبب فى الصراع بين أعضاء لجنة الخمسين وأشد صراع سيكون بين أعضاء حزب النور بين أعضاء لجنة الخمسين من أجل المادة 219 والمادة الثانية الأساسية فقد تم وضع نصوص غريبة فى دستور 2012 كانت تمهد لدولة دينية مثل المادة 219 فهى تمهد للخلافة وهى «مذاهب السنة والجماعة» وأيضا لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص دستورى أو قانونى وهو يمهد للحكم بالشريعة وليس بالقانون وقد تم إلغاؤه فى التعديلات. ويضيف أن هناك بعض الاعتراضات على بعض التعديلات التى تمت والبعض الآخر اعتبر ما حصل عليه فى دستور 2012 هو حق مكتسب لها ونحن الآن أمام وضع قائم وهو أن لدينا خطة طريق ولدينا إعلان دستورى ولدينا تعديلات على دستور 2012 وهذه التعديلات تنتج دستور 2012 المعدل وهذا لا يعنى إلغاؤه وهذه التعديلات لم يلغ الكيان وهذه الخلافات ستأخذ جدلا طويلا وكبيرًا خاصة بعض التعديلات مثل إلغاء نسبة العمال والفلاحين. ويضيف أننا نتوقع خلاف كبير بين أعضاء لجنة الخمسين وحزب النور سيؤدى إلى انسحاب حزب النور واعتقد أنه سينسحب وثورة 30 يونيو قامت ضد الخلافة الإسلامية والدولة الدينية وهى ضد الهوية المصرية وحضارتها. والغرب بزعامة أمريكا متربص بسوريا وبعدها مصر ونحن نتجنب هذا بأن ينسى الجميع خلافاتهم ويصبحون وطنيين وليس الخلافات الدينية وهم يريدون دولة خلافة ليس لها حدود. الأفضل كتابة دستور جديد يرى المستشار إسماعيل البسيونى رئيس محكمة الاستئناف ورئيس مجلس إدارة نادى قضاة الإسكندرية السابق أنه كان يفضل أن يعدل الدستور بالكامل أو نكتب دستورا جديدا لأن اللجنة التى أعدت دستور 2012 مطعون فى دستوريتها وكادت المحكمة الدستورية العليا أن تقضى ببطلان اللجنة لولا حصار جماعة حازم أبو إسماعيل. ويضيف المستشار البسيونى أننى كنت أفضل كتابة دستور جديد بدلا من ترقيع هذا الدستور رغم أن اللجنة قامت بمجهود كبير فقد ألغت 32 مادة وقامت بتعديل 24 وقامت بإضافة نصوص جديدة فى 10 مواد وتركت مواد خلافية مثل نسبة العمال والفلاحين وأنا أرى أن هذه النسبة يتم إلغاؤها على الفور لأنها لم تعد صالحة حاليا فى ظل هذه الظروف. وأنا مع اللجنة فى إلغاء مجلس الشورى فهو عبء على ميزانية الدولة. وأنا مع إلغاء المادة 219 المفسرة للمادة الثانية وكان وضعها مجاملة لحزب النور وكانت ستتسبب فى مشاكل كثيرة فى المجتمع بين كافة فئاته وأطيافه ولا خلاف على المادة الثانية بين كافة أفراد المجتمع وأطيافه ويضيف أننى مع النظام الفردى فى الانتخابات لأن نظام القوائم سيفرز مجىء الإخوان المسليمين وسيعيدهم للبرلمان مرة أخرى أيضا لم تحدد التعديلات طبيعة نظام الحكم وأن أرى أن يكون رئاسيا برلمانيا أن مناصفة بين مؤسسة الرئاسة وبين مجلس لوزراء. ويضيف أن مادة العزل السياسى قد تم إلغاؤها وهى خطوة ممتازة فالعزل السياسى لابد أن يكون إلا لمن صدر له حكم قضائى بالحرمان.. ويوافق على تعديل اللجنة بإلغاء الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية العليا فلابد أن تعود إلى سابق عهدها وهو الرقابة اللاحقة بدلا من الرقابة السابقة وأيضا لم يذكر التعديل عدد أعضاؤها الذى حدده الدستور المعطل. خطوة للأمام يرى الدكتور نبيل حلمى أستاذ القانون الدولى وعميد كلية حقوق الزقازيق السابق أم ما وصلت إليه لجنة العشرة من تعديلات فى دستور عام 2012 هى خطوة للأمام فى سبيل إعادة مصر إلى هويتها وتاريخها الحضارى بالرغم من أننى كنت أرى أنه من الأفضل أن نكتب دستورا جديدا لأن مصر فى حالة تأسيسية لمستقبل أفضل يتفق مع تاريخها وحضارتها ونجد أن التعديلات الدستورية قد راجعت دستور 2012 وحاولت على استيحاء أن تعدل بعض المواد التى جاءت منتهكة لطبيعة الشعب المصرى وتحاول أن تدفعه إلى أزمات مستقبلية بنص الدستور. تعديلات ممتازة ويضيف أن أهم النقاط التى تم تعديلها والتى أراها ممتازة هو رأى اللجنة أنها تميل إلى إلغاء مجلس الشورى وتركته إلى لجنة الخمسين وانا أرى أن مصر فى أشد الحاجة فى أن يكون لديها غرفتين للسلطة التشريعية الأولى وهى مجلس الشعب من السياسيين ومجلس الشورى من المتخصصين لكى تخرج قوانين مدروسة تتفق مع الحياة المستقبلية لمصر وإذا كان هناك مآخذ على مجلس الشورى الأخير فإن ذلك يرجع إلى أن ثورة 23 يوليو ألغت مجلس الشيوخ وأعاده الرئيس السادات وطلب من مجلس الشعب أن يضع قانونه فلم يتخلى مجلس الشعب عن أى سلطة تشريعية لدى وجاء مجلس الشورى بلا طعم وبلا لون وحتى بعد التعديلات فى الدستور عام 2007 ولكن لابد أن نعود إلى دستور 1923 فلا يصدر قانون إلا بموافقة غرفتى التشريع وبعد الدراسة المتكاملة له وهذا السبب فى أن هناك من يعينون فى مجلس الشورى لسد فراغ بعض التخصصات غير الموجودة فى مجلس الشعب مما يعطى قوة للسلطة التشريعية. و يضيف الدكتور نبيل أن اللجنة اتجهت إلى ترجيح الانتخابات بالنظام الفردى وليس القائمة وأنا أرى أن النظام الفردى هو الأنسب فى هذه المرحلة لأن نظام الانتخاب بالقائمة يتطلب أحزابا قوية وبرامجها واضحة مما يجعل اختيار لبرنامجه وليس لأفراده ونحن لم نصل إلى هذه الحالة حتى الآن. وأيضا قامت اللجنة بإلغاء نسبة العمال والفلاحين وأنا أرى أن هذه خطوة موفقة لأن المرحلة التى كانت تتطلب مشاركة العمال والفلاحين بنسبة استثنائية فى المجالس قد انتهت لأن جيل جديد يمارس السياسة الآن ويعبر عن مصالح العمال والفلاحين. وكنت أتمنى اقتراح نسبة محددة لفترة محددة دورة أو دورتين للمرأة أو لذوى الاحتياجات الخاصة. تعديلات جيدة يرى المستشار عزمى البكرى رئيس محكمة استئناف بنى سويف السابق ورئيس جمعية القضاة للتنمية ودعم الفكر القانونى والفقيه القانونى أن التعديلات الدستورية التى انتهت إليها لجنة الخبراء هى تعديلات جيدة ونقرها جميعا وهى فى محلها ففيما يتعلق بالنظام الفردى فى الانتخابات فهو النظام الملاءم لطبيعة الشعب المصرى والمرحلة التى يمر بها لاسيما الأحزاب فى مصر لازال عمرها قصيرًا ولم تكتسب التجربة الحزبية كاملة ما يؤهلها للمشاركة فى العملية السياسية بالقدر المطلوب بل هناك بعضها ما هو غير معروف لكثير من الناخبين وسيؤدى الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة أن يختار الناخب من أجل شخص هذه القائمة فهو يعرف شخصًا واحدًا ولا يعرف بقية القائمة ويعتبر التصويت غير معبر هنا عن كفاءة وقدرة المرشحين وإذا أخذنا بنظام القائمة سندفع بنواب ليس لهم من القوة والكفاءة التى تؤهلهم لأداء وظيفتهم التشريعية وهى وظيفة هامة تمثل إحدى سلطات الدولة خاصة أن النظام الفردى يسمح لكل مرشح أن يكون معروفا معرفة كاملة للناخبين عن طريق تاريخهم وانجازاتهم وكفاءتهم فيكون هنا الرجل المناسب فى الموضع المناسب. ويضيف المستشار عزمى أنه فيما يختص باستبعاد نسبة العمال والفلاحين ففيما مضى لم يكن العمال والفلاحين لديهم ما يؤهلهم من الانخراط فى العملية السياسية أما الآن وبعد انتشار الوعى السياسى بين العمال والفلاحين وأصبح غالبيتهم العظمى على دراية كاملة بشئون المجتمع ومتطلباته ويستطيعون بكفاءتهم وقدراتهم خوض الانتخابات كأى مواطن آخر فلا يجوز أن نخصهم بنسبة معينة دون غيرهم من فئات المجتمع فضلا عن أن ذلك ينطوى على الاخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين وهو مبدأ حرصت الدساتير المصرية جميعا على عدم الاخلال به. يضاف إلى ذلك ما ثبت فى التطبيق العملى من صعوبة وضع تعريف دقيق للعامل والفلاح بل وجدنا أن بعض رجال الشرطة وبعض وكلاء الوزارات رشحوا على أنهم عمال. فإلغاء هذه النسبة ستبعدنا عن الخلط فى العملية الانتخابية وستعيدنا للمساواة بين المواطنين فى الحق فى الترشح للانتخابات. ويضيف أن المادة 219 من دستور 2012 المعطل كان إلغاؤها ضروريا فى التعديلات التى تجرى لأنها قد وضعت تعريفا لمبادئ الشريعة الإسلامية مخالفا لما استقرت عليه المحكمة الدستورية العليا فى تعريف هذه المبادئ إذ عرفتها بأنها الأحكام قطيعة الثبوت والدلالة والتى لا تتقيد بمذهب معين. كما أن تعريف مبادئ الشريعة بأنها مذهب أهل السنة والجماعة تكون قد استبعدت المذاهب الأخرى كالمذهب الشيعى مثلا وقد نجد فى المذاهب الأخرى أحكاما أكثر يسرا من مذهب أهل السنة والجماعة كما نجد فيها أحكاما تتواءم وطبيعة والمجتمع المعاصر. كما أن صياغة هذه المادة جاءت فى غير موقعها فى الدستور المعطل وهو خطأ دستورى.