باتت الأوضاع الفلسطينية على حافة المجهول ، مع تنامى حدة الصراع والانقسام بين الفصائل الفسلطينية ، فقد أصبحت الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطينى تدور في دائرة مفرغة ، وصارت رهن تحقيق الأطماع الخاصة لكل فصيل أو فريق.. وتحولت تلك الخلافات إلى صراعات مسلحة أفضت بإنهاء القضية الوطنية ، واللجوء لأطراف إقليمية لتدبير شئونهم السياسية. ورغم أن الانقسام الفلسطيني ظهر جليا في صيف عام 2007 فإن جذوره تعود إلى بدايات الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر عام 1987، وتحديدا مع نشأة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في ظل بيئة فصائلية يغلب عليها الطابع اليساري والعلماني. بدأت دائرة الخلاف بالاتساع مع ازدياد القاعدة الشعبية لحركة حماس على حساب باقي الفصائل، وتحديدا حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي تقود فصائل منظمة التحرير، وتعمقت الفجوة أكثر بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993. وفي عام 1994 ومع قيام السلطة الفلسطينية وتسلمها غزة وأريحا وباقي المدن الفلسطينية في فترة لاحقة، زاد الشرخ تعمقا بتنفيذ السلطة حملات اعتقالات واسعة تركزت على قيادات حركة حماس وعناصرها وجهازها العسكري بعد كل عملية ضد الاحتلال. إن نشوء سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين عام 2007 ، إحداهما تحت سيطرة حركة فتح في الضفة الغربية، والأخرى تحت سيطرة حركة حماس في قطاع غزة..مثّل بداية الانقسام الفلسطينى الذي توج بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، ونشوء أزمة سياسية ارتبطت بعراقيل للانتقال السلمي للسلطة داخلية وخارجية، وخضوع أجهزة السلطة الفلسطينة للحزب الذي كان تقليديا ومنذ توقيع اتفاقية أوسلو يمسك زمام الحكم الذاتي الفلسطيني حركة فتح، الأمرالذي أزاد من حدة التوترات بين الجانبين ، فتم على إثرها فرض عقوبات على الفلسطينين وتعليق المساعدات الأجنبية . لكن إزدواجية الحكومات الفلسطينية واستمرار الانقسام كارثة قد تؤدي بكل نضالات الشعب الفلسطيني، وقد يشكل فرصة تاريخية لإسرائيل لتصفية حركة حماس وسلطة أبو مازن على رأسهم.. فأكبر حركتين سياسيتين على أرض فلسطين لا تملك فكراً واضحاً للوحدة حول القضية الفلسطينية ،فحركة حماس تعلن بكل وضوح أن هدفها العام هو القضاء على إسرائيل و استعادة أراضي فلسطين المنهوبة منذ 1948 و تحرير القدس .. أما على صعيد المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ، فحركة حماس ترى أن المقاومة المسلحة تعتبر أكثر الوسائل الفعالة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي و قد أعلنت عدة مرات أن المعركة القادمة ستعتبر معركة التحرير الكبرى. في حين تطالب حركة فتح بتأسيس دولة فسطينية على حدود عام 1967 مع الاحتفاظ بالقدسالشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.. مع تبنيها بشكل ضمني المقاومة المسلحة وذلك يظهر من خلال تأسيس الرئيس الراحل ياسر عرفات لكتائب شهداء الأقصى، لكنها حالياً وبناء على تعليمات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تُفضل أن تستخدم وسائل المقاومة السلمية التي تتمثل في دعم التظاهرات السلمية التي تندد بسياسة الاستيطان الإسرائيلي . إن انقسام الشعب الفلسطينى يمثل النكبة الكبري لهم منذ أكثر من ست سنوات ..لذا يطالب البعض منهم الحركتين بتعزيز مبادئ الديمقراطية و العدالة الإنسانية و بتغليب مصلحة الوطن عن مصلحة الحزب الواحد بحيث يتم الإعلان عن تشكيل حكومة وحدة وطنية و إجراء انتخابات فلسطينية جديدة في كل من الضفة الغربية و قطاع غزة وذلك لكي يتم ترك المجال للشعب الفلسطيني في اختيار أي مشروع وطني يريد أن يتم تطبيقه في الوطن ، فورقة الانتخابات يجب أن تكون الفيصل و المعيار الأساسي للحكم على البرامج السياسية والوطنية لكل من حركتي فتح و حماس أو حتى الأحزاب السياسية الفلسطينية الأخرى. لابد للشعب الفلسطينى الذي وقف في وجه أقوى جيوش العالم ، أن يعي أن عجلة التاريخ لن تعود للوراء.. ولابد لهم من الخروج من مستنقع الانقسام والصراعات السياسية ، والعودة لصفوف الوحدة الوطنية والوحدة حول راية تحرير القدس والتأكيد على حقوقه السياسية وعلى هوية الدولة الفلسطينية.