كنت قد نشرت منذ يومين هنا رسالة حررها بعض الشباب المصريين الملحدين بغرض إرسالها إلى رئيس الجمهورية، طالبوا فيها المشاركة فى كتابة الدستور، وأن يتضمن الدستور بعض المواد التى تؤكد حقوقهم كمواطنين ملحدين، ولا أخفى عليكم أنني اندهشت جدا من توقيت ظهور هذه الرسالة، لماذا اليوم؟، ولماذا لم تنشر من قبل؟، ولماذا لم نسمع بها فى ظل حكومة جماعة الإخوان المسلمين ورئاسة د.محمد مرسى؟، وقد عبرت عن دهشتي هذه في بعض الأسئلة، بعض الشباب الملحدين اندهشوا لأنني أبديت دهشتى، وعبروا عن دهشتهم هذه بالتعقيب على المقال بالإجابة عن الأسئلة التى طرحتها، وقد تلقيت على بريدي رسالة من الأستاذ ألبير صابر وهو مواطن مصري ملحد، ومن الشباب الذين وقعوا على الرسالة المرفوعة إلى رئيس الجمهورية، وإعمالا بحقه فى التعبير عن رأيه أنشر رسالته بالنص كما وصلتني: «لو حقا تتساءل وليس قصدك تشويه أو تخوين أحد، ولأنني افترض حسن النية من كلامك، ولا أستطيع أن أحكم علي النوايا رغم وضوح كلماتك واتهاماتك بالتخوين، أنا ألبير صابر الذي تم اتهامه منذ عام بالضبط بازدراء الأديان لأنني نشرت بعض الفيديوهات التي أتحدث فيها بنفسي عن مدي التناقص بين الأديان وعن مصادرها من الديانات القديمة، وتم الحكم علي بالسجن ثلاث سنوات لأنني لم أنكر معتقدي وردا علي تساؤلاتك: بعد أن قرأت الرسالة تساءلت: لماذا الآن؟ الإجابة: لأنه الآن يتم عمل دستور جديد ، والدستور هو العقد الاجتماعي الذي يحمي حقوق المواطنين، لذلك نحن نطالب بحقوقنا المشروعة. ولمصلحة من؟ لمصلحة كل مواطن مصري في حفظ حقه في الحياة والاعتقاد والتعبير ومن الذي دفعهم؟ الذي دفعنا هو ظلم القانون والعدل ومن يدعون أنهم علمانيون أو يدعون لدولة مدنية ويحكمون علي الآخرين ويتهمونهم بالعمالة والخيانة لأنهم يدافعون عن حقوقهم. وما المقصود من وراء نشر هذه الرسالة؟ المقصود هو أن يعلم الجميع أننا مختلفون وليس معني الاختلاف في عقائدنا أو أفكارنا أننا خونة أو أعداء بل نحن مواطنون مثلكم ولنا نفس الحقوق والواجبات. هل يهدفون إلى زرع فتنة بين المصريين؟ إهدار حقوقنا هو الفتنة الحقيقية هل سعوا إلى الوقيعة بين الأحزاب ذات المرجعية الدينية والأحزاب المدنية؟ لا تسعي لأي فتنة و لكننا نطالب بحقوقنا المشروعة التي ضمنتها المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والتي وقعت مصر عليها. هل قصدوا من نشر هذه الرسالة أن يشوهوا معنى الدولة المدنية؟ وهل الدولة المدنية تنكر حقك في الاعتقاد أو التعبير أو المطالبة بحقوقك؟، أم الدولة المدنية في نظرك هي دولة لا تحفظ حقوق المواطنين سوي من يتفق مع حضرتك فقط هل خططوا لكي يؤكدوا للإرهابيين والمتطرفين وللتيارات المتأسلمة أن الدولة المدنية هي دولة للملحدين والشواذ؟ وهل الملحدون ليس لهم حقوق في الدولة المدنية التي تتحدث عنها حضرتك؟، وهل لكونه إنساناً مثلى يجعله أقل حقوقا من المواطن العادي؟، هل كوني مختلفاً مع بعض الناس في الاعتقاد يهدر حقوقي؟». هذا نص رسالة الشاب ألبير صابر المواطن المصري الملحد، يعترف فيها بأنه ملحد، ويكرر ما سبق وطالبوا به فى الرسالة المرفوعة إلى رئيس الجمهورية، وللحق في ردوده منطق ووجاهة، فهو بكل احترام يرمى الكرة في ملعب الدولة والشعب المصري، أنا ملحد وأريد حقى كمواطن مثلى مثلكم، نريد أن يعترف الدستور بوجودي وبحقوقي كمواطن ملحد وكذلك القوانين، أنتم تتحدثون عن دولة مدنية، والمواثيق والمعاهدات الدولية تقر حقوق الملحدين والمثليين، فهل الدولة المدنية التي نحاول أن نرسم ملامحها وحدودها، الدولة المدنية التى تقوم قوانينها على مبادئ الشريعة الإسلامية، هل في هذه الدولة مكان لمواطن ملحد وآخر من المثليين؟، السؤال نتركه للجنة الخمسين ومن قبلهم نوجهه للشعب المصري بجميع أديانه ومذاهبه، هى دولة إسلامية يعيش فيها المسيحي واليهودي والبهائي والملحد، أعطيتم حق المواطنة للمسيحي واليهودي بجانب المسلم واعترفتم قضائيا بالبهائي، ماذا عن الملحد؟.