حتي هذه اللحظة، لم تسوق مصر إلي الخارج ما يحدث في ساحتها السياسية، لدينا مؤسسة إعلامية كبيرة تجعجع للمصريين، ولا صوت لها في الخارج، لدينا قنوات خاصة عندها امكانيات لا بأس بها تجعجع أيضا مع الإعلام الحكومي في الداخل، ولا صوت لهما في الخارج، لدينا وزارة خارجية وسفارات لديها امكانيات بشرية ومادية ضخمة، لم يحسن استغلالها، ولدينا سفراء لتلك الدول، لماذا لم تصلهم حقيقة ما يجري علي الأرض، ومازالت تتعامل مع ما يجري في مصر بطريقة موظف دولة درجة 15، ولدينا 10 ملايين مصري يعملون في الخارج يعملون طلبا للرزق، لا ينظر اليهم ولا يستفاد بهم لكشف ما يجري عندنا، لدينا دولة ورئيس مؤقت ورئيس حكومة ومؤسسات سياسية وقضائية ومقومات بشرية هائلة، كل ذلك لا يستفاد به، وما زلنا نخاطب انفسنا داخل الحدود، ونترك العالم بلا معلومة، وبلا كشف لواقع جديد علي ارض مصر.وكانت النتيجة ما نراه بكل ألم، ردود أفعال أقرب إلي السلبية تجاه ما يحدث في مصر، وحالة من القلق. وأعتقد أن خيبتنا مستمرة لا معلومات صحيحة وصلت إلي متخذي القرار في معظم دول العالم عما يجري في مصر، حتي قنواتنا الإعلامية والدبلوماسية فشلت في إقناع تلك الدول بما يجري في مصر ربما لأنها لا تنقل سوي وجهة نظر واحدة، أو غاب عنها المعايير التي يعمل بها في الإعلام الدولي، أو ضعف وهزالة المادة المنقولة والتي لا تجيب عما يدور في ذهن المتابعين للمشهد المصري في الخارج . يا سادة لا بد من المصارحة والمكاشفة، ولا بد أن نعي أن ما نقوله سوف نحاسب عليه أمام الله، لماذا نتهم الفضائيات غير المصرية التي تبث من القاهرة، دون ان نجيب علي سؤال عن سر إقبال وتهافت الناس عليها! الاجابة في نظري هي تقصيرنا واهمالنا، فضائياتنا الموجهة الي العالم لا تري لا في الداخل أو في الخارج ونفس الكلام ينطبق علي الإعلام المسموع والمكتوب الموجه للعالم، وإذا افترضنا أن المادة التي تبثها قناة مثل الجزيرة مثلا غير صحيحة، فكيف نفترض أن قنوات أخري أكثر مشاهدة عالمية مثل bbc و cnn وغيرها من القنوات التي تنقل كل منها مادة مختلفة عن الأخري، أعتقد أنه من المنطق ألا نزعم وجود اتفاق بين أكثر من 140 وكالة وقناة وإذاعة ومطبوعة تمارس عملها من أرض المحروسة علي بث مادة متفق عليها, وانهم يتآمرون علينا، ومن الخطأ أن نغمض أعيننا عن خيبتنا الإعلامية، ونغطي فشلنا بالحديث عن لغة التآمر وغيرها مما صار أمرا عفي عليه الزمن، لماذا لم تظهر قناة تليفزيونية مصرية منافسة لكل القنوات التي تحدثنا عنها، كل الشعب المصري يحلم بقناة, تنافس بنفس الأدوات، ونفس الإمكانيات، أين الجريدة المصرية التي تخاطب العالم بلغاتهم، أين الإذاعة المصرية التي يدوي صوتها فى أنحاء القارات، أين الخارجية المصرية بكل امكانياتها، يا سادة كصحفي مصري مندهش من تراجع الدور الإعلامي والدبلوماسي لمصر لدرجة أننا لا نقدر علي توصيل ما يجري عندنا إلي الخارج، المدهش أنه حتي الآن لا يوجد من يشرح للعالم والدول الكبري التي اتخذت مواقف سلبية ضد مصر، بناء علي معلومات استقتها من وكالات أنباء دولية ومحطات إعلام عالمية تنقل ما يجري في مصر حسب رؤية من يديروها. يا سادة أقسم لكم، إن المصريين في الداخل والذين خرجوا في 30 يونية، ومن قبل في 25 يناير، وخلعوا نظاما، وعزلوا نظاما آخر، شبعوا من جعجعة عشرات القنوات الرسمية والخاصة، ويتمنون أن توجه تلك القنوات رسالتها إلي الخارج، أما الداخل فيقف علي قلب رجل واحد، خلف قواته المسلحة في مواجهة العنف وكل من تسول له نفسه الخروج علي القانون. آمل من وزيرة الإعلام، ومن رئيس الوزراء، وقبلهما رئيس الجمهورية، أن يسارعوا لإنشاء شبكة إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة، موجهة للخارج بصورة جديدة وشكل ومضمون جديدين، ورسالة مختلفة، ونأمل من وزارة الخارجية أن تطور مهمتها في توصيل أحداث مصر بكل شفافية إلي العالم عبر قنواتها الدبلوماسية. اللهم بلغت اللهم فاشهد.