في تجليات د. محمد عمارة المفكر الإسلامي (الإخواني بحماس)، قال إنه كانت هناك «غفلة» من طرف الإسلاميين الذين تصوروا أن وصولهم إلى قمة السلطة سيفتح لهم النوافذ أمام المشروع الإسلامي، لكن الحديث عن أي أخطاء لهم يجب أن توضع في إطار ظروفهم، حيث عاشوا عقودا طويلة في الكهف والسجون والمعتقلات، كما أن «مرسي» كان أعجب رئيس جمهورية في العالم، لأنه يملك ولا يحكم والدولة كانت ضده. في الواقع إن حديث عمارة يوجز بكل تجرد غير مقصود حكاية نكبة شعب قام بثورة رائعة، فقفز عليها من عاشوا عقوداً طويلة في الكهف والسجون والمعتقلات (على حد قوله)، وحكم البلاد والعباد أحدهم فكان طبيعياً وفق رؤية المفكر الداعية الكبير أن يكون أعجب رئيس جمهورية في العالم (على حد قوله أيضاً)، وقبل أن تسأل لماذا؟! يرد د. عمارة «لأنه كان يملك ولا يحكم»، وهو لن يتركك حائراً للبحث عن السبب، فيؤكد «الدولة كانت ضد».. ويبقى السؤال، لماذا ينبغي أن يتحمل شعبنا العظيم أن يقود البلاد ويحكمها بشر غابوا عن الدنيا والوطن، وتم تغييبهم عن تجليات الحضارة الإنسانية، بعد أن أسقطنا نظاماً كان يحكم وفق آليات «الاستبداد السياسي» ليوافق أن يحكمه نظام يعتمد آليات «الاستبداد الديني» الذي هو أكثر فاشية لتصور رموزه أن لديهم وكالة من الإله العظيم لحكم البلاد والعباد!! وعليه، هل كان يتصور جماعات القهر السياسي الحاكمة أنه من المطلوب أن نتحمل غباوات فترات تدريبهم على إدارة شئون البلاد، بينما يرتكب رمزهم الأعظم كل يوم، بل كل ساعة خطايا تاريخية باتت تودي بمصالح شعبنا العظيم وحياته موارد التهلكة؟! وأسأل معالي المفكر: إذا كان الحاكم بات يملك ولا يحكم لأن مؤسسات الدولة كلها كانت ضده، فلماذا الإصرار على البقاء باسم الشرعية (المجني عليها حصرياً في حالة كبيرنا الذي عزل)، ولماذا إذا كان جديراً بحكم مصر العظيمة لم يبحث ولم يصل إلى سر الرفض الهائل له وأن يُغير من الواقع الذي واجهه لو كان بحق يستحق كرسيه؟!!.. ثم لماذا الإصرار على عودته وجماعته لكراسي السلطان بعد الاعتراف برفضه من جانب مؤسسات الدولة؟!!.. تحكم مين يا عم مرسي؟ وكيف؟! ومن هنا، كان المشهد الصعب الذي عشناه عبر وسائط الميديا في ميادين الاعتصام غير السلمي في رابعة العدوية والنهضة كنتيجة طبيعية لحالة صراع بين جماعات واهمة أنها قادرة على قهر شعب عظيم قام بثورتين للتحرر من الاستبداد السياسي، ثم التخلص من الفاشية الدينية.. كان المشهد حصاداً طبيعياً لمرحلة من الصراع ومازلنا في الميادين لإجلاء أعداء النور والحرية والديمقراطية عن مناطق الحكم والنفوذ بعد عام من بث مشاعر الكراهية بين الناس وتكريس سبل الانقسام والطائفية ونشر الرعب في المجتمع المصري.. شكراً لرجال الشرطة البواسل وإخوتهم في الجيش العظيم لفك الاعتصام اللاسلمي بروعة وحرفية، واللعنة على من ضرب رجالكم ومثل بجثث من استشهد منكم، وليكن 14 أغسطس هو اليوم الذي نحتفل فيه بانتصار الشرطة والجيش على دعاة التخلف والعودة إلى أزمنة التصحر الحضاري والإنساني (يقتحمون مراكز التنوير وآخرها مكتبة الإسكندرية ومتحف المنيا وملوي، وهم من حرقوا المجمع العلمي!).. من منا لا يذكر خطاب الرئيس السادات يوم 16/ 10 / 1973.. قال «لست أظنكم تتوقعون مني أن أقف أمامكم لكي نتفاخر معاً ونتباهي بما حققناه في أحد عشر يوماً من أهم وأخطر بل واعظم وأمجد أيام تاريخنا وربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكي نتفاخر ونتباهي ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله..». ولتسمح لي روح الزعيم الراحل السادات أن أقتبس ذلك المقطع من خطابه التاريخي لأهديه لأبطال فض الاعتصام، وكأن قادتهم يقولون لنا إنه قريبا سيأتي الوقت الذي نفاخر جميعاً بالنصر النهائي على خفافيش الإرهاب.. وأخيراً، أتفق مع رجل الدين المسيحي الذي قال إننا نفاخر بازدياد عدد الكنائس المحروقة، والتي تم هدمها لأنها شهادة بوطنية من يصلون فيها، وإلا لم يكونوا محل استهداف أعداء الوطن.. ولكنني أعرب عن حزني لهذا القدر المؤسف من التجاهل من جانب الحكومة ورئيسها لبشاعة ما تمت ممارسته مع المسيحيين في العديد من محافظات مصر حتى من باب إعلان المسئولية والشعور الوطني بأزمة مواطنين تم حرمانهم قهراً من ممارسة الصلاة في كنائسهم، فضلاً عن حرق بيوتهم ومتاجرهم.. ولعل تجاهل مقتل الطفلة «جيسي» يعد بقعة سوداء طالت رداء حكومة جاءت بعد ثورة شارك الجميع في تفجيرها في ميادين الحرية (جملة اعتراضية: لم يعلق البرادعي الزعيم الرومانسي الأوروبي الهوى والأمريكاني النزعة والإخواني التحالف أبو قلب خفيف على الحادث!!)...