رب ضارة نافعة، فرغم أن الجميع اعتقد أن قرار إلغاء الدوري للموسم الثاني على التوالي سيدمر الكرة المصرية بشكل تام في ظل الأزمات المالية الطاحنة التي تطارد الأندية في المرحلة الحالية، بعد أن أعلنت الأندية اتباع سياسة التقشف وتخفيض الميزانية المالية بالنسبة لأغلب الأندية إلا أن الواقع الجديد للكرة المصرية يفرض بعض المتغيرات التي تضفي تفاؤلًا لدى الجميع بسوق انتقالات مناسب للظروف التي تعيشها الأندية وأيضاً إمكانيات اللاعبين الفنية المتواضعة، والتي لم تكن ترقى للظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، لدرجة أن أغلى صفقة بالدوري حاليًا هي انتقال مسعد عوض حارس الإسماعيلي للأهلي مقابل مليون و200 ألف جنيه، بينما أعلن نادي تليفونات بني سويف فسخ عقود جميع لاعبيه والاعتماد على الناشئين ولجأ وادي دجلة لفسخ العقود وتوقيع آخرى مقابل 400 ألف جنيه لكل لاعب، واستغنت أندية الإنتاج الحربي والجونة والشرطة عن أكثر من 12 لاعبًا. قرار إلغاء الدوري نجح في تحقيق أحد أهداف ثورة يناير المجيدة وهو العدالة الاجتماعية بعد أن هبط بأسعار انتقالات ورواتب لاعبي الكرة المصرية إلى الحد شبه المعقول، بعد أن وصلت الأمور إلى أقصى درجاتها قبل ثورة يناير، فيكفي أن تعلم أن النادي الأهلي أنفق في صيف 2010 أكثر من 35 مليون جنيه لإبرام بعض الصفقات الصيفية السوبر بالتعاقد مع وليد سليمان لاعب وسط إنبي والسيد حمدي مهاجم بتروجت وعبدالله السعيد مهاجم الإسماعيلي، ووصلت أغلى صفقة بالدوري المصري في هذا الموسم بضم وليد سليمان للأهلي مقابل 13 مليون جنيه كاملة ومن قبلها كانت صفقة انتقال الغاني مانويل جونيور أجوجو إلى الزمالك مقابل 40 مليون جنيه، للدرجة أن أغلب اللاعبين كانوا يرفضون الانتقال للدوريات الخليجية ويفضلون إنهاء مسيرتهم في أوروبا من أجل الانضمام للأندية المصرية. ظاهرة أندية الشركات الغنية التي اجتاحت الدوري المصري وأنهت مسيرة العديد من الأندية الشعبية مثل أسوان والمنيا والترسانة والمنصورة وبلدية المحلة والشرقية وجمهورية شبين والتي كانت ملء السمع والبصر بالدوري قبل ظهور أندية إنبي وبتروجت وبترول أسيوط إلى جانب أندية رجال الأعمال الجونة ووادي دجلة وأندية الهيئات مثل الشرطة والداخلية وتليفونات بني سويف وطلائع الجيش وحرس الحدود والإنتاج الحربي، في الوقت الذي كانت تستند أغلب هذه الأندية إلى فكرة الوزير الرياضي الذي ينفق الملايين من الجنيهات؛ من أجل تدعيم الأندية بصفقات خيالية لا تليق بظروف الوطن، وأكبر دليل على ذلك المهندس سامح فهمي آخر وزير للبترول قبل ثورة يناير والذي أهدر الملايين من الجنيهات وأهدى اللاعبين وظائف بالجملة في قطاع البترول؛ من أجل تكوين أندية قوية تنافس على لقب الدوري ضاربًا عرض الحائط بمسألة اللعب النظيف لتواجد ناديين من نفس الجهة في مسابقة واحدة وهما إنبي وبتروجت، ليبقى الحل الوحيد للهبوط بشكل نهائي بأسعار اللاعبين بتطبيق الاحتراف الحقيقي بالدوري. "بوابة الوفد" حرصت على استطلاع آراء بعض الخبراء ورؤساء الأندية في ظاهرة انخفاض بورصة اللاعبين وتعديل ميزان أسعار اللاعبين والتي فاقت الحدود ثم انهارت بشكل مفاجئ، فإلى ما قالوه: أكد اللواء محمد عبد السلام، رئيس نادي مصر المقاصة والمرشح السابق لرئاسة اتحاد الكرة أن توقف النشاط الكروي أضر بكل الأندية في الوقت الحالي موضحاً أن الظروف المالية الصعبة تحاصر كل الأندية في الفترة الحالية بعد توقف النشاط. أشار عبد السلام إلى أن بورصة انتقالات اللاعبين في مصر انهارت بشكل كبير، فلا أحد لديه القابلية لإنفاق الملايين من الجنيهات تحت أقدام اللاعبين في دوري لا يكتمل ومسابقة لا تأتي بإيراد البث أو التسويق المناسب لها، موضحًا أن أغلب أندية الشركات باتت تعتزم تجميد النشاط في ظل صعوبة إقامة النشاط الكروي. أما المهندس محمد بدر الدين، رئيس نادي إنبي فأكد أن الواقع الجديد الذي تعيشه الكرة المصرية يفرض أسلوبًا جديدًا في التعاقدات بالنسبة للأندية لن يكون خلاله للأسعار الخيالية مكان متوقع رحيل العديد من اللاعبين لخوض تجارب الاحتراف خارج مصر بشكل كبير. وأشار رئيس إنبي إلى أن ناديه من أفضل الأندية في تسويق لاعبيها؛ من أجل إيجاد عروض احتراف خارج مصر تدر عائدًا ماليًا للنادي. وأكد شريف حبيب رئيس نادي المقاولون العرب أن الواقع الذي تعيشه الكرة المصرية تفرض نسيان الملايين من الجنيهات التي كان يتم دفعها بشكل غريب للاعبين، موضحًا أن المستقبل يتمثل في اكتشاف المواهب وتسويقها بالدوريات الأوروبية.