حذر خبراء الإدمان بدولة الإمارات العربية المتحدة من الاستهانة بمخاطر إدمان النيكوتين، المادة الأساسية في تركيبة التبغ، مشدّدين على أن إدمان النيكوتين يماثل إدمان الهيروين وغيره من المخدرات، الأمر الذي يفسر إخفاق الكثيرين في الإقلاع عن الآفة القاتلة دون الاستعانة ببرامج طبية متخصصة تشمل المشورة والعقاقير الدوائية. ويأتي هذا التحذير قبل أيام معدودة من اليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي يحييه العالم في الحادي والثلاثين من مايو من كل عام، إذ يبادر ملايين المدخنين حول العالم إلى الامتناع عن التدخين، تلك الآفة التي تفاقم خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وتضيّق القصبات الهوائية المزمن. ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن التبغ تسبّب في وفاة نحو 100 مليون شخص حول العالم خلال القرن العشرين. وفي حين يشدد الأطباء على أهمية العزم والتصميم بين الراغبين بالإقلاع عن التدخين، فإنهم يؤكدون في الوقت نفسه على حاجة غالبية المدخنين إلى المشورة المتخصصة المتاحة عبر عيادات الإقلاع عن التدخين، إذ توفر برنامجاً متدرجاً للمدمنين على النيكوتين. ووفقاً لخبراء منظمة الصحة العالمية فإن المشورة الوجيزة التي يقدمها المختصون في مجال الرعاية الصحية تعزز فرصة النجاح في الإقلاع عن التبغ بنسبة تصل إلى 30 بالمئة. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أحمد يوسف، استشاري الطب النفسي والمدير الطبي للمركز الوطني للتأهيل في أبوظبي: "لا خلاف بين المختصين على أن النيكوتين مادة إدمانية، فالمدخنون يدمنون عليه رغم يقينهم بشأن أضراره وأخطاره، بل قد يكون الإدمان عليه أشد من الإدمان على الهيروين وغيره من المخدرات". ويتابع قائلاً: "كثيرون يستهينون بإدمان النيكوتين، ويعتقدون أن باستطاعتهم الإقلاع عنه إن قرروا ذلك، ولكنهم يخفقون مراراً. ونحن نحث هؤلاء على ألا تهتز إرادتهم لأن النيكوتين، مثله مثل الأمراض المزمنة، يستلزم ما هو أكثر من الإصرار، ولابد من الاستعانة ببرنامج يشمل المشورة والعلاج وتقديم المعلومات اللازمة في حزمة متكاملة تضمن الإقلاع عن التدخين في أقرب فرصة ممكنة، وهذا ما تقدمه مراكز الإقلاع عن التدخين في الدولة". من جهته، قال الدكتور عماد القوتلي، استشاري الطب الباطني وأمراض الرئة في المستشفى الأمريكي - دبي: "نحن كأطباء نعرف أهمية العزم والتصميم بالنسبة للحريصين على الإقلاع عن الآفة القاتلة، ولكن ذلك ليس كافياً بحد ذاته. وقد ثبت حول العالم أن الاستعانة بمختصين مؤهلين يسهم إلى حد كبير في تعزيز التزام المدخنين وفرصتهم في الإقلاع عن الآفة المميتة". يُذكر أن عيادات الإقلاع عن التدخين تقدم دعماً متكاملاً للمدخنين يشمل تقييم اعتمادهم فسيولوجياً ونفسياً وسلوكياً على النيكوتين، وتقديم المشورة بشأن الجوانب السلبية للتدخين والإيجابية التي تعود على من يقلعون عنه، بالإضافة إلى تدريب المدخنين على مهارات حياتية يومية مثل إدارة التوتر. كما قد يصف الأطباء بديلاً للنيكوتين أوعقاقير دوائية خالية من النيكوتين، أثبتت قدرتها على تخفيف الكثير من الأعراض المرافقة للانقطاع عن النيكوتين، وكذلك تقليص الشعور بالنشوةالمرافق للتدخين. وختم الدكتور القوتلي تعليقه بالقول: "تشكل الإرادة الذاتية القوية مقرونة بدعم العائلة والأصدقاء حافزاً كبيراً للراغبين بالإقلاع عن التدخين؛ ولكن للاستعانة بالأطباء والمنهجية العلاجية المتكاملة المتاحة عبر المراكز المتخصصة الدور الأكبر، عند اقترانها بالعزيمة الراسخة، في تعزيز فرصتهم في ترك هذه الآفة إلى الأبد".