مخاطر تدخين التبغ لا تغيب عن أحد, ولكن الحقائق التي عرضت مؤخرا بالقاهرة كانت تفوق كل ما عرفناه من قبل عنها, بل أنها تستوجب من كل مدخن وقفة صادقة لمراجعة النفس. فقد وصل عدد المدخنين في العالم إلي حوالي1.3مليار شخص. يموت منهم سنويا نحو5 ملايين إنسان بمعدل فرد كل6 ثوان, وهو عدد يفوق ضحايا إدمان الهيروين والكوكايين والكحوليات وضحايا حوادث السيارات والإيدز وحوادث الحرائق والانتحار والقتل مجتمعة. ففي مصر يوجد حوالي13 مليون مدخن بينهم500 ألف دون الخامسة عشرة, و73 ألفا دون العاشرة, ويستهلكون جميعا80 مليار سيجارة سنويا أي4 مليارات علبة. ويبلغ حجم الإنفاق القومي علي التدخين سنويا حوالي5 مليارات جنيه, بمتوسط22% من دخل المدخن, في حين تصرف الأسرة علي العلاج نحو5% فقط من دخلها, وهي مفارقة غريبة, إذ كيف يكون التدخين سببا في تدمير صحة الفرد في الوقت الذي ينفق عليه أكثر من أربعة أضعاف ما ينفقه علي صحته. ويقدر ما يصرف علي علاج الأمراض الناتجة عن التدخين سنويا بنحو3 مليارات جنيه, وتزيد نسبة التغيب عن العمل بين المدخنين بواقع50% عن غير المدخنين. وحول مشكلات التدخين الصحية, أوضح الدكتورعادل الإتربي أستاذ القلب بطب عين شمس أن أهمها جلطات القلب وهبوط وتوقف القلب المفاجيء وتصلب وانقباض الشرايين الذي يؤدي لارتفاع ضغط الدم, كما يزداد أداء القلب بمقدار15 ضربة عند تدخين سيجارة واحدة, وأثبتت الأبحاث أن تدخين20 سيجارة تجهد القلب بما يعادل ركوب دراجة لمدة10 ساعات متواصلة, ولكن دون استفادة أي عضلة بالجسم, ومن المعلوم كما ذكر الدكتور الاتربي أن عقارا جديدا نجح بنسبة كبيرة في مساعدة المدخنين في الإقلاع عن عادة التدخين الذي يؤثر سلبيا بسبب النيكوتين علي بعض مراكز المخ, ويسبب الإدمان, ولهذا تواجه محاولات الإقلاع دائما بعض المتاعب المعوقة لها, ونظرا لأن العلاج الجديد يعمل علي إيقاف مراكز استقبال النيكوتين بالمخ, ينجح المدخن في الإقلاع بدون أعراض جانبية. وحول مخاطر التدخين السلبي, أوضح الدكتور إيهاب عطية أستاذ أمراض القلب بطب القاهرة أن نتائج الأبحاث أظهرت أن تعرض حديثي الولادة لدخان السجائر يزيد مخاطر العدوي لديهم بنسبة45% وتتضاعف هذه النسبة عند المبتسرين, ويزيد تعرض الأطفال لدخان السجائر السلبي علي بعد3 أمتار من مخاطر إصابتهم بعدوي شديدة ودخولهم المستشفي للعلاج. وتعد نوبات الربو والتهاب الحلق والأذن المتكررة من أكثر الأمراض شيوعا بين الأطفال المعرضين للتدخين السلبي, لاحتواء الدخان علي كمية كبيرة من القطران وغاز أول أكسيد الكربون, وكشفت النتائج التي عرضها الدكتور محسن إبراهيم أستاذ القلب بجامعة القاهرة عن التدخين السلبي في الأماكن العامة كالمطاعم من خلال تقرير لمنظمة الصحة العالمية اعتبر بمثابة أول تحليل شامل للتدخين في العالم عن أن5% فقط من سكان العالم يعيشون في دول تحاول حماية سكانها من التدخين, فيما تحاول صناعة التدخين التمركز بالدول النامية بالشرق الأوسط وإفريقيا, وتستهدف النساء والأطفال, إلا أن حكومات هذه الدول لم تعد ملاذا مناسبا, حيث بدأت تطبق سياسات مكافحة الإدمان ومراقبة استخدام التبغ. وقد أشار الدكتور كارل ستروم أستاذ علم النفس بجامعة ابسالا بالسويد والمتخصص في مكافحة التدخين وإدمان النيكوتين إلي خروج عقار جديد حاز موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لمساعدة كل من يريد الإقلاع عن تدخين التبغ, وأشار إلي أنه حقق نتائج مهمة في تسهيل إقلاع المدخنين, وتم تسجيله بمصر, وتعدت نتائجه نسبة65% عند المدخنين البالغين وأثبتت دراسة حديثة نشرت أخيرا حول العقار أن كل من استخدموه تقلصت لديهم متعة التدخين تدريجيا حتي فقدوا الرغبة في التدخين. ويعد هذا العقار, كما أوضح ستروم الأول من نوعه الذي لا يعتمد علي النيكوتين في العلاج, وإنما علي غلق مستقبلات النيكوتين بالمخ بمادة تعمل بنفس طريقته وتمنع تأثيره وبالتالي يستطيع المدخن التخلص من هذه المادة السامة بعد حوالي3 أشهر.
