ليس مهمًا حجم المساعدات.. وليس مهمًا بالأرقام كم تقدم كل دولة من الأشقاء.. فالأرقام مهما كانت كثيرة الأصفار لا تهم.. وحتى لو كان معها شحنات من البترول.. ما يهمنا هو شعور الأشقاء.. وأنهم معنا فى أيام السراء والضراء.. فى أيام الشدة أكثر من أيام الرخاء.. وقديمًا قال الحكماء: الصديق.. وقت الضيق.. وهكذا الشقيق الوفى من الدول العربية التى تسرع بالوقوف بجانبنا.. وليس لهم من غرض.. كما يفعل البعض.. والكلام بمناسبة من ساعد النظام الإخوانى المعزول، ممن يربطون مساعداتهم بأغراض سياسية.. أو أحلام بأن يكون لهم دور أى دور فى حياتنا.. مهما كانت ملياراتهم التى أخذت الشكل الدعائى الاعلامى وهذا فعلاً من أهدافهم. ولكن الكلام أكثر عن الأشقاء الحقيقيين الذين يساعدوننا دون مَنٍّ أو انتظار لطلب.. أو حتى مجرد تلميح.. الكلام عن دولة الامارات ودولة الكويت.. وما أدراكم ما موقع الامارات وموقع الكويت فى قلوب ووجدان كل المصريين.. أقول ذلك وأنا أعرف أكثر مما يعرف أى مسئول مصرى ما قدمته الامارات.. وأيضًا الكويت. أعرف شعور حكام وشيوخ وشعب الامارات منذ أوائل السبعينيات وأشهد أنه ليس بين رؤساء وحكام العرب من أحبه كل المصريين كما أحبوا الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله رحمة واسعة بل وأتذكر كيف غضب منى الشيخ زايد وكان يمنعنى من الدخول إليه لأننى كشفت مرة على صفحات «الوفد»، ماذا قدم وماذا أعطى. وصرخ فى وجهى يومها وهو يقول لى: ألا تعلم أن يدى اليسرى لا تعرف ماذا تقدم يدى اليمنى للاشقاء الأعزاء، ومصر فى مقدمتهم. ولقد كنت شاهدًا على كثير من المواقف التى اتخذها حكيم العرب الشيخ زايد قبل حرب 73 وخلالها.. وبعدها.. وكيف كان أول من تقدم بالمساعدة بالدم. ثم بالمال. وأيضًا بالطائرات.. وكيف سارع بسداد المبلغ الكبير الذى كانت موسكو تشترط دفعه حتى ترسل ذخيرة المدافع التى كادت تتوقف خلال هذه الحرب.. وكان الرئيس الجزائرى هوارى بومدين فى انتظار هذا المبلغ ليطير به ويقدمه إلى موسكو لترسل الذخيرة التى كادت تنفد وراء المدافع. ولن أنسى دور الشيخ زايد وسياسته البترولية خلال هذه الحرب.. قبل أى مسئول عربى آخر.. وهو الرجل الذى أعلنها صراحة عندما قال: لا يهم أن نعود للحياة على التمر وحليب الناقة.. من أجل كرامتنا العربية. وعلى نفس الدرب سار خلفاء هذا الحاكم العظيم، على نفس دربه.. وهاهم أنجاله فى أبوظبى.. وأبناء أشقائه فى باقى الامارات العربية يسيرون على النهج الذى رسمه زايد بن سلطان.. إذ ما أسرع أن تحركوا لنجدة مصر.. حتى وان تألموا لسلوكيات حكم الإخوان الذين حاولوا تدمير هذه العلاقات المميزة بين مصر والامارات.. بل وسعوا للتآمر على أمن وأمان دولة الامارات، وكان ذلك يؤلم كل مصرى يعرف طبيعة العلاقات بين البلدين وهكذا كان أول وفد عربى يصل إلى القاهرة.. يأتى من دولة الامارات ويضم اثنين من أنجال الشيخ زايد وعددًا من الوزراء الذين رضعوا سياسة.. فى حب مصر، وأعرفهم جميعًا وشخصيًا.. حتى سعادة عبيد الطاير وزير الدولة للشئون المالية، الذى أعرفه منذ 40 عامًا.. ومنهم لله «صبيان» السياسة الإخوانية الذين حاولوا تعكير هذه العلاقة المميزة.. وهكذا أثبتت الامارات أنها الأقرب إلينا حكامًا وشيوخًا وشعبًا. والكويت.. وما أدراكما الكويت التى كانت أول من احتضن المصريين الذين انطلقوا إليها منذ أوائل الخمسينيات.. والكويت مكان الصدارة أيضًا فى قلوب المصريين.. ولهذا وقفت مصر معها يوم حاول عبدالكريم قاسم أن يعتدى على الكويت وشعبها فأرسل جمال عبدالناصر قواته العسكرية لحمايتها من هذا العدوان الذى كان جاهزًا.. ثم كانت القوات المسلحة المصرية طليعة القوات التى تحركت لتحرير الكويت من العزو العراقى لها أيام صدام حسين.. هذا الكويت الرائع لم يبخل على مصر وشعبها على مر الزمن.. وكانت الكويت وفى نفس يوم تحرك الامارات فى مقدمة من يمد يده لمصر.. وبعيدًا عن أى أرقام.. المهم سرعة التحرك الاماراتى والكويت وهما تمامًا فى القلب.. وهذه هى «الأخوة» الحقيقية وبعيدًا عن أى غرض.. إلا أن تقف مصر على قدميها وتعود لدورها القيادى فى المنطقة.. وأن تنجو تمامًا من الوعكة التى أصابتها تحت حكم الإخوان. وإذا كان المثل العربى يقول: لا شكر على واجب وهذا هو شعور الأشقاء فى الامارات والكويت.. فإن موقف الشقيقة السعودية يدعونا إلى الحديث غدًا عن دورها.. وسرعتها.. وكيف تحملت الكثير من حكم الإخوان الذى لم يطل، والحمد لله.. ثم كان تحركها أيضًا لتمد يدها، ليس فقط تنفيذًا لوصية الوالد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود.. ولكن لأن للسعودية أيضًا مكانها فى القلب فإلى الغد.