انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مناطق حيوية في تل أبيب وبئر السبع بإسرائيل | فيديو    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    عيار 21 بعد الانخفاض.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    أسعار اللحوم اليوم 3-5-2024 للمستهلكين في المنافذ ومحلات الجزارة    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    طائرات الاحتلال تستهدف محيط مسجد "أبو شمالة" في تل السلطان غرب رفح الفلسطينية    ملف يلا كورة.. قرعة كأس مصر.. موعد مباراتي المنتخب.. فوز الزمالك.. وطلب الأهلي    جمال علام: أناشد جماهير الأندية بدعم منتخب مصر.. والاتحاد نجح في حل 70% من المشكلات    خالد الغندور: محمد صلاح «مش فوق النقد» ويؤدي مع ليفربول أفضل من منتخب مصر    إبراهيم سعيد: مصطفى شوبير لا بد أن يكون أساسي فى تشكيل الأهلي علي حساب الشناوي وإذا حدث عكس ذلك سيكون " ظلم "    أحمد الكأس: سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    «تغير مفاجئ في الحرارة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر والظواهر الجوية المتوقعة    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    «دفاع الشيوخ»: اتحاد القبائل العربية توحيد للصف خلف الرئيس السيسي    «زي النهارده».. اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 1991    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    تحذير شديد اللهجة حول علامات اختراق الواتساب    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    ماما دهب ل ياسمين الخطيب: قولي لي ماما.. انتِ محتاجة تقوليها أكتر ما أنا محتاجة أسمعها    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بسعر 829 جنيها، فاكسيرا توفر تطعيم مرض الجديري المائي    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وصول الجماعة للحكم أتاح الفرصة للشعب لمعرفتهم على حقيقتهم
شكراً للرئيس مرسى الذى عجَّل خطابه من نهاية حكم الإخوان المصريون لم يشهدوا فى تاريخهم الحديث نظاماً برع فى استعدائهم مثل "الجماعة"

يتعين على جميع القوى الوطنية الفاعلة في الشعب المصري المعارضة لنظام الحكم الإخواني الفاشي، أن توجه الشكر للرئيس مرسي على خطابه الأخير وما تبعه من قرارات فجرت براكين الغضب والسخط والكراهية ضد نظام الحكم الإخواني القائم في مصر.
وضاعفت من حالة الغليان التي يعيشها الشعب المصري، وعجلت بحشد الجماهير الداعية للإطاحة بهذا النظام الكريه والبغيض الجاثم على صدور المصريين منذ عام، وأشبه بالاحتلال الأجنبي إن لم يكن أفظع وأشد قسوة، الأمر الذي سيسرع - إن شاء الله - بنهايته قريباً، فلو بذلت قوى المعارضةفي مصر أضعاف أضعاف ما تبذله من جهود حالية لتوعية المصريين بخطورة نظام الحكم الإخواني على واقع ومستقبل المصريين، ليس فقط من سجل تاريخهم الدموي والتخريبي المعروف، بل ايضاً واقعهم بعد أن وصلوا للحكم، وما يشكله ذلك من تهديد جسيم لأمن مصر القومي وحياة المصريين، ومصيرهم حاضرا ومستقبلاً، ما نجحت قوى المعارضة في تحقيق ما فعله خطاب مرسي الأخير من إثارة وعي المصريين وتبصرتهم بخطورة وجود رئيس عليهم من جماعة الإخوان يحمل في طياته ومع جماعته هذا القدر من الكراهية للمصريين ممن هم دون جماعته، وهذا الحجم من الاستهانة بمشاعرهم وحقوقهم ومشاكلهم وأزماتهم ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل استمر مرسي في توجيه التهديدات بالانتقام ومطاردة واعتقال ومحاكمة كل من يجرؤ على معارضته.
الغباء السياسي واستعداء الناس
يتفق معظم المصريين على أنهم لم يشاهدوا في تاريخهم الحديث منذ حكم محمد علي - وربما قبله - نظام حكم لهم برع وبمهارة فائقة في استعداء الشعب المصري وجلب الكراهية والبغض ضده، كما فعل نظام حكم الإخوان الحالي ويرجع ذلك في الأساس لما اتسمت به سياسات وممارسات الإخوان من غباء سياسي نادر تُحسد عليه، وهذا الغباء السياسي يرجع في الحقيقة الى معتقداتهم وأدبياتهم الدينية والسياسية منذ نشأة جماعتهم عام 1928، والتي تزرع في نفوسهم أنهم وحدهم المسلمون الحقيقيون في العالم، وأنهم وحدهم الذي يملكون الحقيقة، وأنهم وحدهم الفرقة الناجية،وأن الله معهم وحدهم، أما من دونهم فهم كفار أو في أحسن تقدير «أشباه مسلمين»، مهمة الجماعة أن تعيدهم للإسلام حتى ولو بالقوة بعد أن تتمكن الجماعة من حكم مصر، وهذا بالضبط هو ما تعكسه خطط «التمكين» و«فتح مصر» التي وضعها خيرت الشاطر في عامي 2002 و2005، وهى بدورها انعكاس لكل رسائل مؤسس الجماعة حسن البنا وكتب سيد قطب، خاصة «معالم في الطريق» الذي ينص بوضوح تام على أن المجتمع المصري الذي نعيشه اليوم هو مجتمع جاهلي لو يحدث للاسلام بصلة، حتى وإن أقام أهله فروض الاسلام من صلاة وصيام وذكاة وحج إلي بيت الله، ومن ثم يتعين محاربته حتى يقيم الحاكم شرع الله.. ومن هنا يمكننا أن نفهم مظاهر الاستعلاء والتكبر التي تتسم بها سلوكيات الاخوان، ونظرتهم الدونية لمن سواهم واستقصائهم.
- يرتبط بحالة الغباء السياسي التي يتصف بها الإخوان صفات أخرى أكثر دناءة وهى استمراء الكذب والنفاق والمداهنة حتى يتم لهم «التمكين الكامل»، وهذه الصفات القذرة والدنيئة نجدها أوضح ما يمكن في سلوكيات مؤسس الجماعة حسن البنا عندما هادن الانجليز والملك والألمان والأحزاب السياسية جميعها على اختلاف توجهاتها حتى وقف له المغفور له مصطفى النحاس باشا، وقال له بصراحة عندما أراد البنا أن يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية «إما الدين وإما السياسة يا حسن» وخضع حسن البنا وسحب ترشيحه عندما أظهر له النحاس العين الحمراء،وهذه أيضاً إحدى سمات الاخوان الجبناء عندما يظهر لهم أحد - أو الشعب - العين الحمراء نجدهم يتراجعون على الفور، ويمكن أن نشاهد ونلمس صفات الكذب والخداع والنفاق والمداهنة في سلوكيات الاخوان عندما نقرأ الوثيقة التي أعدها مفتي الإخوان «عبد الرحمن عبد البر» عام 2011 تحت اسم «إنا فتحنا لك فتحا مبينا»، وملخصها أنه بمبدأ «الضرورات تبيح المحظورات» يحل للجماعة أن تكذب وتخادع وتضلل وتناور حتى يمكن لها في النهاية أن تحقق لنفسها أهداف التميكن، وهذا بالطبع كان سلوك جماعة الإخوان طوال الفترة الانتقالية الماضية منذ 25 يناير مع مختلف القوى السياسية والثورية عندما رفضت في البداية الانضمام للثورة خوفاً من فشلها ونأت بنفسها بعيداً عنها ثلاثة أيام خوفا من بطش النظام بها، ثم انضمت اليها بل وركبتها واستغلتها بعد ذلك عندما تأكدت الجماعة من سقوط النظام السابق، فبدأت بالخداع والنفاق والمداهنة مع المرحوم عمر سليمان عندما كان لأيام قليلة نائباً للرئيس، ثم مع المجلس العسكري، والأحزاب السياسية، والائتلافات الثورية التي دخلت معهم في عدة تحالفات، ومرشحي الرئاسة الآخرين، ثم بدأ الوجه القبيح للإخوان يظهر عندما تمكنوا من الوصول للرئاسة، فأطاحوا بكل حلفائهم السابقين وبقيادة المجلس العسكري والنائب العام والاعلان الدستوري، ودخلوا في معارك سريعة للسيطرة على مختلف سلطات وأجهزة الدولة وأخونتها من رئاسة وحكومة وبرلمان وشرطة وإعلام وحكم محلي، ولايزالون يحاولون مع القضاء الذي يخوض معركة مصيرية وشرسة مع الاخوان من أجل المحافظة على استقلاله، وأيضاً محاولات أخرى للسيطرة على الجيش الذي لايزال عصياً عليهم، محافظاً على تماسكه وولائه للوطن فقط، كاتما - حتى الآن - ثورته وغضبه المكبوت ضد المتطاولين عليه من الاخوان وحلفائهم السلفيين، وإن كان ذلك إلى حين حفاظاً على أمن البلد واستقراره.
- والغريب في شأن غباء الإخوان هو في اعتقادهم بنجاحهم في خداع المصريين وأنهم - أي المصريين - غير قادرين على اكتشاف خداعهم وأكاذيبهم، لذلك فهم يواصلون الكذب وراء الكذب والتضليل خلف التضليل والخداع مع الخداع، غير مدركين أن المصريين أذكى منهم بكثير، وإذا كانوا قد خدعوا طوال 85 عاما في هذه الجماعة بسبب متاجرتها بالشعارات الدينية البراقة، وبأن الأنظمة السابقة ظلمتهم بزجهم في السجون والمعتقلات، إلا أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يُبصر المصريين بحقيقة الإخوان وحلفائهم، عندما أوصلهم لحكم مصر فشاهد ولمس المصريون بأمهات أعينهم ما عليه الإخوان وحلفائهم من ضلال وكذب ونفاق وفساد واستحلال حرمات المسلمين من دماء وأموال وأعراض، فضلاً عن التفريط في أراضي الوطن وثرواته لصالح حلفائهم والتنظيم العالمي للإخوان - مثل حماس ونظام حكم البشير في السودان - فأدرك المصريون حقيقة هذه الجماعة كاملة، ولم يعد لدى أحد أدنى شك في النوايا الخبيثة لهذه الجماعة في التفريط بكل مقدرات المصريين والعبث بها لصالح الجماعة، الأمر الذي انعكس بوضوح تام في الواقع البائس والمرير الذي يحياه المصريون اليوم في ظل حكم الإخوان من انعدام أمني وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية طاحنة وفتن طائفية ومذهبية تكاد تقضي على الأخضر واليابس من أرض مصر، وحتى أصبح المواطن المصري يشعر بأنه صار غريباً في وطنه، غير آمن على نفسه وأهله وقوت يومه ومستقبله.
عودة إلى خطاب مرسي
وإذا عدنا لخطاب مرسي وقراراته الأخيرة لوجدناها انعكاسا كاملاً لكل ما سبق أن أوضحناه عن عقائد الإخوان وسلوكياتهم، فقد استمر خطابه الذي تعدى الساعتين كان بجميع المقاييس خطاباً بائسا عكس بوضوح حالة الارتباك والخوف والقلق التي تسود الجماعة ورئيسها، فقد حوى أكاذيب متعددة حول إنجازات مدعاة حققها خلال عام من حكمه ومغالطات اقتصادية وأرقام مضللة، وادعاءات باطلة وتصفية حسابات دون سند أو دليل، وصلت الى حد إدانة قضاة ورجال أعمال وقادة سياسيين واعلاميين، فضلاً عن اللغة المتدنية والإهانات وسب فئات كثيرة من أبناء الشعب المصري، الى جانب تجاوز الحقائق والوعود الزائفة، الأمر الذي أكد للجميع أنه يعيش بعيداً عن الوقاع ولا يرى الحقيقة البارزة أمامه، وتنطق بأعلى صوت رفض جماهير الشعب المصري له ولجماته، فقد عُميت بصيرتهم تماما عن أنهم بممارساتهم خلال عام واحد فقط من حكم مصر، فقدوا تماماً ثقة المصريين واستجلبوا في المقابل كل كراهية وغضب ونقمة وثورة المصريين ضدهم، لاسيما وأنه في إطار الغباء السياسي الذي سبق أن أشرت إليه سربت الجماعة أجزاء من الخطاب حول توعد الرئيس لمعارضيه وكشفهم بالأسماء، ومحاكمات ثورية، وهو ما اشار اليه الرئيس فعلاً في خطابه حول اضطراره لإجراء مايشبه «عملية جراحية» لإقصاء المعارضين لنظام حكمه، وبالطبع سيكون استبدالهم بعناصر اخوانية، وهو ما تمثل في قرارات بإغلاق فضائيات معارضة، واستدعاء مذيعين للتحقيق، بل والقبض على بعضهم، الامر الذي ضاعف من ثورة الاعلاميين ضده، كما حاول بغباء نادر أيضاً استرضاء الجيش بمجاملة الفريق السيسي بأنه حقق في عشرين شهراً ما لم يحققه غيره «يقصد المشير طنطاوي» في عشرين سنة، ولكن جاءت النتيجة على عكس ما أراد مرسي، حيث انتفض قادة الجيش غاضبين للإساءة لقادتهم القدامى، فضلاً عن غضبهم من إساءات سابقة لقادة الجيش جرت على ألسنة مرشد الجماعة وقادتها وحلفائهم من السلفيين وصلت الى حد الدعاء على الجيش، ولم يف مرسي بتعهداته بمحاسبة هؤلاء السفهاء، ويبدو أن محاسبتهم ستكون قريبة على أيدي رجال الجيش بالأسلوب الذي تم في مايو 2012 عندم تجرأوا وحاولوا الهجوم على وزارة الدفاع فخرجت لهم سرية صاعقة فروا أمامها كالجرذان الجربانة حتى غمرة.
وكان لافتاً للنظر تكرار مرسي الإشارة الى نفسه، مؤكداً أنه «القائد الأعلى للقوات المسلحة» مُدعياً بذلك أنه الذي يصدر القرارات والتعليمات للقوات المسلحة وينسق أعمالها، وهو ما يعكس حالة عدم الثقة بالنفس التي يعيشها مرسي، وخوفه ورعبه من انقلاب الجيش عليه، ولقد كان واضحاً جلياً لكل من شاهد ولاحظ وجه الفريق السيسي حالة الجمود والقرف وكظم الغيظ المرسومة عليه وهو يتابع خطاب المهانة الذي ألقاه مرسي.
ثمار الخطاب
- لقد أتى خطاب مرسي الأخير بنتائج عكسية تماما لما استهدفه، فهو من جهة لم يستطع بتهديداته أن يخيف المعارضة ويثنيها عن عزمها في الإصرار على المضي قدماً في 30 يونية في التظاهرات، وزيادة زخم التحشدات الشعبية في كافة المدن المصرية، مع الإصرار على استمرارها حتى سقوط نظام الإخوان البغيض والكريه بكل هياكله، فقد استطاع مرسي بخطابه هذا أن يزيد من جرعة الكراهية والغضب والقرف والازدراء من جماعته أضعاف أضعاف ما كانت الحالة قبل خطابه، بل قد دفع المترددين عن النزول من المصريين إلى حسم أمورهم بقرار النزول في مظاهرات 30 يونية للمناداة برحيله والتخلص من جماعته، بل لقد دفع الخطاب جماهير المصريين الى توحيد صفوفهم تحت راية واحدة واستباق 30 يونية بالنزول الى الميادين في جميع المدن المصرية يوم الجمعة 27 يونية للتعبير عن سخطهم وتحديهم لكل ما توعد به مرسي في خطابه معارضيه، ناهيك عما أحدثه خطابه المنفلت من غليان في أوساط القضاة والمطالبة بمقاضاته، وكذا غيرهم ممن تطاول علهيم مرسي بالإساءة من إعلاميين وسياسيين وشخصيات عامة.
- وعلى المستوى العالمي تجاهلت وكالات الأنباء العالمية خطاب مرسي الذي وصفته بالخطاب «الهزيل» بل وركزت على خطاب الفريق السيسي الذي وصفته ب «الخطاب القوي الذي يحمل أكثر من رسالة إحداها للرئيس وجماعته وأن مرسي استوعب الرسالة تماما». كما أكدت الوكالات أن المصريين مصممون على عزل مرسي وجماعته، وأن بقاءهم في الحكم أصبح مسألة وقت، كما أكدت الوكالات أن القوات المسلحة ستحمي الشعب في مواجهة ميليشيات الإخوان والسلفيين ولن تسمح لهم بنشر الفوضى والفزع داخل البيوت المصرية، وعلى عكس ما كان يتمنى الإخوان بعد اجتماع استمر 3 ساعات بين الشاطر والسفيرة الأمريكية باترسون من دعم امريكي للإخوان في مواجهة الشعب المصري الغاضب، صرحت المتحدث باسم الخارجية الأمريكية «باتريك فنترل» أن الرئيس مرسي يتحمل مسئولية خاصة في التوصل الى حل وسط والتوافق مع كل الفئات، وأضافت «ان الحكومة الأمريكية تدعم الشعب المصري فقط ولا تدعم نظاما معينا أيا كان.. وأن مستقبل مصر يقرره المصريون وحدهم، وأن من حق المصريين التعبير عن آرائهم بحرية».
أما في ألمانيا، فقد أعرب وزير الخارجية الألمانية «جيدو فيسترفيلة» «أن كل المواطنين لديهم الحق في التعبير الحر، ولاينبغي أن يكون العنف وسيلة للخلاف السياسي من أي طرف»، أما منظمة العفو الدولية التي أعلنت عن إرسال وفد لمراقبة الوضع في مصر في 30 يونية، فقد ذكرت في بيان لها صدر يوم 26 يونية الماضي أنها رصدت 7 خطايا في أداء مرسي خلال عام من حكمه، أهمها استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، واستمرار التعذيب، وفرض القيود على حرية التعبير، والتمييز والعنف ضد المرأة والأقباط والشيعة، فضلاً عن ممارسة الإرهاب السياسي بواسطة السلطتين التنفيذية والتشريعية وكان الشاطر قد وضع خطة لتشويه صورة الجيش أمام البيت الأبيض بقضية «التمويل الأجنبي» واستعداد مرسي للعفو عن المتهمين الأمريكيين، ولكنه فشل في إقناع الأمريكيين بذلك، وأدرك الشاطر يقينا أن الإدارة الأمريكية من الممكن أن تتخلى عنهم اذا ما تصاعدت حدة الغضب الشعبي تجاه حكم الجماعة، خاصة مع استمرار انتقادات الكونجرس لأوباما لارتكانه على الاخوان في سياسته بالشرق الأوسط، وحتى المخابرات المركزية الأمريكية تراجعت أيضاً عن دعم التيارات الدينية في المنطقة، مع اعلان البنتاجون ووزارة الخارجية عن حرصها على استمرار تقديم المساعدات الأمريكية للقوات المسلحة المصرية، وقد وصفت صحيفة «الواشنطن بوست» خطاب مرسي بأنه «حمل نبرة تحد قبل مظاهرات 30 يونية، وهو خطاب أخرق وملتو وزاد الانقسام بين أنصاره ومعارضيه»، كما أكدت وكالة «أسوشيتدبرس» أن «المحتجين يتطلعون لدعم الجيش المصري بعد عام مضطرب».
- وعلى عكس ما توقع عدد من المراقبين أن مرسي إدراكا منه بخطورة شدة المعارضة لنظام حكمه الإخواني، سيقدم بعض التنازلات التكتيكية ليخفف من مطالب المتظاهرين برحيله، إلا أنه خيب أملهم في ذلك ولم يستجب لأي مطلب من مطالب المتظاهرين حتى ولو بإحالة رئيس الوزراء لتخفيف حدة الأزمة، إلا أن أصحاب العقول المتحجرة والأفكار المتصلبة في مكتب إرشاد الاخوان، وبسبب ما يتمتعون به من غباء وعناد نادرين، رفضوا تقديم أي تنازل للشعب، باعتبار أن ذلك سيفتح الباب على تنازلات لا نهاية لها إلا رحيل نظام حكمهم، الذي بنوه عبر 85 عاما.. وبدلاً عن ذلك قرروا الدخول في مواجهة مفتوحة مع قوى الشعب الرافضة لهم مهما كان ثمن الدماء التي ستسال والأرواح التي ستزهق والخراب الذي سيعم البلاد، يزعم أن انسحابهم من المسرح المصري فيه نهاية ليس فقط لتنظيم الإخوان في مصر، بل وأيضاً نهاية التنظيم العالمي للإخوان في 84 دولة أخرى، وبناء على هذا القرار - واضعين في الاعتبار رفض الشرطة والجيش الانصياع لأوامر الرئاسة والحكومة في التصدي للمتظاهرين - حشد الاخوان وحلفاؤهم السلفيون حشودهم من كافة المحافظات للتظاهر والاعتصام في ميدان رابعة بمدينة نصر يوم الجمعة الماضي استباقاً لتظاهرات يوم 30 يونية، حاملين أسلحتهم النارية والبيضاء والعصي ملوحين بسحق معارضيهم «ودهس رؤوسهم بالسكين» - على حد تعبير عاصم عبد الماجد - و«إهدار دمائهم» - على حد تعبير البلتاجي - فماذا كانت نتيجة هذه التصرفات الرعناء والحمقاء من جانب الإخوان؟ لقد زادت من حدة الغضب وقبول التحدي لدى جماهير الشعب الثائرة، فعمت المظاهرات جميع المدن المصرية المنادية برحيل مرسي وسقوط حكم الإخوان، ووقعت اشتباكات بين الطرفين سقط فيها حتى يوم السبت 29 يونية 5 شهداً وأكثر من 300 مصاب، خاصة في الاسكندرية والمنصورة وطنطا، كما ضبطت اللجان الشعبية المتواجدة على الطرق الرئيسية بين المدن أكثر من 10 سيارات تابعة للاخوان محملة بالأسلحة والذخائر والأسلحة البيضاء مع حوالي 150 شاباً اخوانياً تم جمعها من مدن الصعيد متجهة للقاهرة لاستخدامها ضد المتظاهرين.
توقعات
كما سبق وأن كتبت أن الإخوان يخوضون معركة النهاية بالنسبة لهم، وهم في ذلك سيستعينون بالشيطان من أجل المحافظة على مكاسبهم التي جنوها بعد 85 عاما من السعي اليها، لذلك فهم على استعداد لخوض حرب شرسة من أجل بقائهم واستمرارهم في السلطة والحكم، وقد استعدوا لذلك بإنشاء معسكرات تدريب ميليشياتهم في مناطق مختلفة في مصر.. رصد منها معسكر في العصافرة بالاسكندرية به وفود من اخوان مسلمين عرب، وكذلك معسكرات اخرى للتدريب في غرب مطروح، وانتقل قادتهم الى أماكن اقامة اخرى، أما رئيس الجمهورية فقد انتقل للإقامة في معسكر الحرس الجمهوري وعائلته، واتخذوا من شقة في مدينة 6 أكتوبر مركزاً لعملياتهم في 30 يونية، واستبدلت الجماعة المقارات «30 مقراً» والمكاتب الادارية ب «مخابئ سرية» للسكن وتخزين الأسلحة في الشقق والمساجد، في ذات الوقت الذي تم فيه رصد أشخاص سوريين وأردنيين وفلسطينيين متواجدين مع عناصر اخوانية في هذه المناطق، فضلاً عن عناصر سودانية وإندونيسية وافغانية أيضاً، وقد ذكر تقرير لمركز «المزماة» الاماراتي للدراسات والسجون أن الشيخ علي جاويش مراقب تنظيم الاخوان في السودان أبدى استعداده لإرسال عدة آلاف من اخوان السودان لدعمهم في 30 يونية، وقد رصدت تقارير أمنية نزوحا جماعيا من جهاديين ينتمون الى كتائب صلاح الدين وعز الدين القسام التابعين لحركة حماس في اتجاه سيناء، وذلك في تخطيط واضح ومؤكد لاستغلال ما سيقع في 30 يونية باعلان سيناء أمارة اسلامية، حال اسقاط نظام حكم الإخوان، كما تم ايضاً رصد دخول كميات ضخمة من الدولارات عبر الأنفاق من حماس بقطاع غزة الى سيناء لتمويل الإرهابيين ال 19 تنظيما ارهابيا في سيناء أخطرهم «مجلس شورى المجاهدين والتوحيد والجهاد»، ومساعدتهم على اعلان هذه الإمارة في الوقت المناسب، وكان متظاهرون من السلفيين الداعمين للاخوان في ميدان رابعة يوم الجمعة الماضي قد رفعوا أعلام القاعدة السوداء تأكيداً لنواياهم وتحويل مصر كلها - وليس سيناء فقط - الى إمارة اسلامية، ويُقدر اللواء ثروت جودة، وكيل المخابرات العامة السابق، أن 200 ارهابي عالمي دخلوا مصر لدعم الاخوان، وأنهم شكلوا ميليشيات يجري تدريبها في التجمع الخامس والنوبارية ووادي النطرون، فضلاً عن تجنيد عدة آلاف من البلطجية للتصدي للمتظاهرين، ويُقدر اللواء جودة عدد الإخوان بحوالي 759 ألفاً ولن يزيد عدد المشاركين في مواجهات مع الشارع عن 100 ألف، مع الوضع في الاعتبار أن حجمهم الحقيقي قد تحدد فعلاً في تواجدهم في ميدان رابعة - بعد الحشد الذي جاء من المحافظات الاخرى - بحوالي 170 ألفاً طبقاً لمساحة الميدان والشوارع المحيطة به، وهذا أقصى ما يمكنهم حشده في مواجهة ملايين المصريين الذين سيحتشدون في 30 يونية وكافة ميادين المدن المصرية.
- وقد يطلب مرسي فرض الأحكام العرفية واعلان حالة الطوارئ قبيل 30 يونية بدعوي حقن الدماء ومنع حدوث فتنة طائفية ولتجنب المواجهات، وهو بالطبع ما سيرفضه الجيش لاستحالة تنفيذه، وهو ما سبق أن حاوله المجلس العسكري السابق في فبراير ومارس 2011، بفرض حظر التجوال وامتنعت الجماهير عن تنفيذه، وتكرر ذلك الرفض أيضاً عندما أعلن مرسي الطوارئ في مدن القناة منذ عدة أشهر، كما لن يستطيع مرسي أن يوقف إرسال الفضائيات المعارضة له، ولا شبكة الانترنت، والشبكات الهواتف النقالة، ولا إيقاف حركة المترو، وهو ما طالب به مكتب الإرشاد، لأن هذه الاجراءات ومثلها ستزيد من تفاقم حدة الأزمة وتأتي بنتائج عكسية، فضلاً عن عدم تحقيق أي مزايا من ورائها.
خلاصة القول
تتلخص مشكلة جماعة الإخوان وحلفائهم من السلفيين في اعتقادهم الخاطئ والباطل بأن الله تعالى معهم في الأمن والسياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، وأن من لا يتفق معهم فهو كافر وجاهل، ويستحلون دمه وماله وعرضه ويستخدمون مفهوم «التقية» الشيعي لاستحلال ما يروجونه من أكاذيب وخداع وتضليل حتى يتم لهم التمكين، ولذلك لا يؤمنون إلا بما يعتقدون أنه يتفق مع ما جاء في كتاب سيد قطب «معالم في الطريق» الذي يعتبرونه قرآنهم، وبالتالي يرفضون أي آراء أخرى تتعارض مع معتقداتهم، فضلاً عن التسليم المطلق بالسمع والطاعة لما يقوله مرشدهم ومجلس إرشادهم باعتبارهم الأكثر علما وخبرة، حتى وإن لم يقتنعوا بما يصدر عنهم، من هنا يمكننا أن نفسر جميع سلوكيات الإخوان وتوقع ما سيصدر عنهم مستقبلاً، ونفسر أيضاً كيف استمر مرسي يخطب ساعتين ونصف، ومع ذلك لم يشف غليل المصريين، ولم يتطرق الى الموضوعات الأساسية التي تشغل بالهم في هذه اللحظات الحاسمة التي تقف فيها البلاد على أطراف أصابعها انتظاراً لقرارات وأحداث كبرى مع حلول 30 يونية، خاصة بعد أن تعدت توقيعات المصريين في استمارات التمرد ما يقرب 20 مليون مصري سحبوا الثقة من الرئيس، لكنه تجاهل هذه القضية المحورية، واستهلك حديثه في كلام فارغ لا معنى له، وقرارات بتشكيل لجان يمكن أن يصدرها أي وكل وزارة، وهو نوع من الاستفزاز والاستهانة بمطالب وشعور المصريين، أعتقد أن مرسي وجماعته سيدفعون ثمنه غالياً ولن ينجحوا أبداً في خداع المصريين حتى وإن قدم مكتب الإرشاد تنازلات كثيرة، فدون «الرحيل» لن يقبل المصريون له بديلاً لأن الرئيس الذي يرى استمرار قبضته وتمكن جماعته أهم من حياة النفس المصرية الغالية يجب أن يرحل فوراً، وسيرحل مرسي صاغراً وإن شاء الله ولو بعد حين، وسيكتب التاريخ فشله وفشل جماعته، وهذا هو درس التاريخ الذي لم يتعلمه الإخوان.
- لقد كان رد جماهير مصر على خطاب مرسي الأخير حاسماً في رفض كل ما جاء فيه، حيث رفض قادة الجيش وضباطه لهجة الاستعلاء التي برزت فيه والتذكير المستمر بأنه القائد الأعلى مؤكدين على انحيازهم الكامل للشعب ورفضهم أي تعليمات يصدرها مرسي بالتصدي للمتظاهرين، وهو نفس الموقف المشرف لرجال الشرطة، كما رفض الشباب الرشاوى التي عرضها بتوظيفهم في المحافظات، أما الاعلاميون الذين حددهم مرسي فقد أكدوا أن سيوف الاخوان لن ترهبهم أبداً، كذلك القضاة الذين أراد مرسي أن يشوه صورتهم ردوا له الصاع صاعين برفع دعاوى ضده تطالب بمحاسبته على إهانته لهم ناهيك عن رفض قوى المعارضة والاحزاب ما عرضه عليهم مرسي من حوار لا جدوى من ورائه، وهكذا تأكدت عزلة مرسي وجماعته عن الشعب المصري بجميع فئاته وطوائفه، بما في ذلك الأزهر والكنيسة الذي عبرا عن انحيازهما لمطالب الشعب في اختيار من يرأسه، وبعد أن أدرك الجميع عدم قدرة الاخوان على التخلص من نقيصة الكذب المقززة الذي يسري في عروقهم مسرى الدم لخدمة مصالحهم ويعتبرونه للأسف الشديد مشروعاً وحلالاً لهم ولا يخجلون من ذلك، لذلك فإن كل ما سيعرضه الإخوان في الأيام القادمة من تنازلات سيكون مرفوضاً مرفوضاً مرفوضاً، ومع ازدياد عدد خصوم الإخوان سيضطرون الى حفر قبورهم بأيديهم من اليوم، ولن تفلح محاولاتهم في إخافة المصريين أو ترويعهم أو تهديدهم، فقد أثبتوا عبر السنين أنهم أضعف حتى من البعوض، وأنهم جماعة هشة بلا مشروع ولا كفاءات، تضم فقط متآمرين يعملون في الظلام ضد الأوطان، وظاهرة صاخبة بلا أي طحن وأشبه ببالون ضخم سينفجر مع أول ثقب فيه يحدثه طفل مصري صغير، أما مصر فإنها بإذن الله ورسوله ستتطهر قريباً من هذا الوباء الاخواني، وسيظهر بعون الله ورسوله أيضاً من يقودها الى ما يستحقه المصريون من تقدم ورفعة وازدهار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.