رغم استمرار الحكومة الإسبانية في تطبيق سياسة التقشف غير أن شبح الأزمة الاقتصادية لايزال يخيم بقوة على البلاد مما يزيد من قلق مختلف الأوساط المالية والاقتصادية في البلاد وينذر بتداعيات خطيرة وغير مرتقبة للمجتمع الإسباني. وبدأ تفاقم الأزمة الاقتصادية داخل البلاد في العديد من المؤشرات أولها ارتفاع معدلات هجرة الإسبان إلى الخارج هروباً من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وتزداد حدتها يوما تلو الآخر. فقد أصبحت إسبانيا ثاني بلد أوروبي، بعد اليونان، ترتفع فيها معدلات الهجرة إلى الخارج وذلك وفقا لدراسة "الهجرة الدولية" التي أعدتها مؤخرا منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وكشفت تلك الدراسة تضاعف عدد الإسبان الذين يغادرون بلادهم منذ عام 2007، ليرتفع من 37 ألفا في 2010 إلى 57 ألفا في 2011، و55 ألفا بين يناير وسبتمبر 2012. وأصبحت المغرب من أكثر البلدان التي يتوجه إليها الإسبان المهاجرون خارج البلاد حيث ارتفع عدد الإسبان المقيمين في المغرب أربع مرات على ماكان عليه الأمر منذ عشر سنوات ليصل اليوم إلى عشرات الآلاف. ومن بين المؤشرات أيضا التي تكشف مدى اشتداد حدة الأزمة الاقتصادية في إسبانيا هي كثرة المظاهرات الاحتجاجية ضد سياسة التقشف، والتي كان آخرها يوم الأحد الماضي حيث نظمت مظاهرات في أكثر من 30 مدينة إسبانية بدعوة من أكبر ثلاث نقابات عمالية في البلاد، رافعة شعار "من أجل حماية العمل والحقوق الاجتماعية، من أجل أوروبا أكثر ديمقراطية واجتماعية". وطالبت تلك المظاهرات بوضع حد لسياسات التقشف المفروضة حتى الآن من قبل الاتحاد الأوروبي، وبضرورة إيجاد فهم سياسي جديد من أجل تحسين وضع الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.