يعتصر القلب شعوراً.. بأننا نعيش في وطن لا نعرفه.. وأن مصر التي بقيت (أيقونة) العالم علي مر السنين.. تحاول قوي من داخلها تشويه صورتها، وطمس مجدها!! فنظام الحكم الحالي وهو التيار الإسلامى السياسى.. يريد لها أن تخرج من عباءة الحاضر وآفاق المستقبل، وأن تتراجع إلي أسلوب حياة عفى عليه الزمن.. والمطالبة بالعودة إلي (عصر الخلافة) وتتحول أقدم دولة مركزية في التاريخ لتصبح ولاية ضمن ولايات أخرى.. وأن القاهرة التي صُنفت في عهود ماضية بأنها أجمل عاصمة في العالم.. يريدون لها أن تحتجب وتتوارى أمام فرض عاصمة من دولة أخري علي حد قول أحد المتأسلمين.. فوق ما عبر عنه مرشد جماعة الإخوان السابق بقولته المشهورة «طظ في مصر». فمنذ تولي الرئيس مرسي حكم البلاد.. والشعب المصرى في دوامة.. من ممارسات تفاجئه من الرئيس نفسه ومن حكومته.. علاوة علي أعوانه والموالين لنظامه. فعدم وضوح الرؤية لمستقبل البلاد.. والافتقار إلي خطة طريق تحدد المعالم التي سيسير عليها نظام الحكم.. أشعل الخوف علي كيان الدولة نفسها.. وذلك مبني علي وقائع.. وليس توقعات أو تكهنات بدون أساس. فخلال العام الذي مر منذ انتخاب الرئيس مرسي.. لم يتحقق هدف واحد من أهداف ثورة 25 يناير المجيدة التي أسقطت النظام السابق.. وجاءت بحكم جماعة الإخوان، بل أصبحت الأوضاع المعيشية أكثر سوءاً وأشد إيلاماً علي المواطن المصرى.. ولذلك أصبح السؤال الملح المطروح من الجميع في الداخل والخارج.. مصر إلي أين؟ والأسوأ من ذلك أن نظام حكم التيار الإسلامي السياسي كان همه الأول.. هو التمكين بكل الطرق، والاستحواذ علي مفاصل الدولة.. وكان الأسلوب البدائى المتبع هو خلخلة مؤسسات الدولة حتي يسهل هدمها.. وإعادة بنائها بأسلوب يحقق السيطرة الكاملة عليها.. ولم يفلت من ذلك الهجوم الشرس علي أهم مؤسسات كيان الدولة التي لو ضعفت أو اهتزت.. فقل علي الوطن السلام!! فدفعوا بأتباعهم إلي التطاول علي (العمود الفقري) للبلاد، ألا وهو جيش مصر الباسل الذي بالرغم من كل ما مر به من شدائد يُصنف في مرتبة (14) علي دول العالم كلها. وأيضاً نالت السلطة القضائية جانباً كبيراً من الهجوم عليها واتهامات لها ولأفرادها بالفساد وحصار المحكمة الدستورية حتي لا يتمكن القضاة من الحكم في قضايا تمس خطط الإخوان في التحكم في مؤسسات الدولة كشرعية مجلس الشورى. وكانت النية مبيتة منذ الأيام الأولى لوصول الرئيس مرسى إلي سدة الحكم.. أن يتبع سياسات عملت علي الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.. بأسلوب أشد وضوحاً مما كان يتبعه المستعمرون في الماضى وهو «فرق تسد». فالرئيس مرسي في لقاءاته واجتماعاته ومؤتمراته يخص بالمرتبة الأولي «الأهل والعشيرة».. وفي نفس الوقت لا يترك مناسبة إلا ويهدد ويتوعد معارضيه بالضرب بالشدة علي كل من تسول نفسه.. الخروج عليه. وبسبب عدم الكفاءة التامة والإفقار إلي الخبرة للسلطة الحاكمة.. أدخلنا في أزمات حول قضايا مصيرية قد تتحول إلي محنة.. إذا لم يسارع إلي تداركها. وفي ظل الشعور بالإحباط واليأس الذي يسود البلاد.. جاء مؤتمر (الأمة المصرية لدعم الثورة السورية» والذي عكس صورة مخالفة تماماً لقيم ومبادئ (مصر الوطن). ولا أحد كان يصدق أن في حكم تيار إسلامي سياسي.. تطفح كل هذه الكلمات من الحقد والكراهية والتعصب الأعمي للسادة المتحدثين في المؤتمر. وبدى وكأن الحشد من الحضور من فصيل واحد تجمع من أجل التصفيق والهتافات.. وفي غير موقعها. والصادم بالفعل.. هو خطاب الرئيس مرسي وإعلانه قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا. وهنا تطوف بالمخيلة حرب 1973 المجيدة عندما كانت الدول العربية.. كيان واحد أمام العدد الإسرائيلى.. والآن تنعكس الأوضاع في ظل حكم جماعة الإخوان وحزبها!! الكلمة الأخيرة ألم يكن الأجدر بالرئيس مرسي استيعاب مراتب الأعمال و«فقه الأولويات» الذي يفرض كأولوية أولي جمع شمل الوطن بعد أن أدت سياساته إلي الفرقة والانشقاق؟ وكذلك موضوع سد النهضة.. والمحافظة علي مياه النيل شريان الحياة لمصر كأولوية لا تقبل المخاطرة أو التهوين من خطورتها.. وتمر الآن بلحظات فارقة تستدعى كل ما نملك من إمكانات تطوع لحلها. فتلك الموضوعات الداخلية هي الأولى في مراتب الأعمال بدلاً من إعلان الجهاد في الخارج علي سوريا. سلمت يا مصر.