خلال العام الماضي.. مرت علي البلاد العديد من الأزمات.. خاصة بعد تولي الرئيس محمد مرسي حكم البلاد.. تلك الأزمات التي بالفعل أجهدت الشعب المصري.. وأدخلته في حالة من الإحباط واليأس لا حدود لها خاصة أنها كان لها تأثير مباشر علي الظروف المعيشية.. بحيث أصبحت أكثر صعوبة عما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير المجيدة، الثورة التي انبهر بها العالم، ورأي فيها الشعب المصري متلاحما في كيان واحد.. لا فرق بين ليبرالي.. أو إسلامي.. أو اشتراكي.. أو علماني. بل كان الجميع علي قلب رجل واحد.. ويمثل بنيانا متجانسا متناسقا.. أشاع الشعور حينذاك أننا سنكون في سباق مع الزمن.. للبدء في تشييد الصرح الجديد لمصر الحديثة ولكن.. بدون الخوض في التفاصيل التي عايشناها ومازلنا الي الآن.. والتي كانت السبب الرئيسي في تقسيم البلاد.. والفرقة بين أبناء الوطن الواحد وذلك لأن نظام الحكم الإسلامي السياسي ممثلا في جماعة الإخوان وحزبها.. سعي بدون هوادة الي التمكين والاستئثار بمفاصل الدولة جميعها، ومحاولة السيطرة علي السلطات الثلاث.. إما بالأخونة للسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، أو بالهجوم غير المبرر وغير المسبوق علي السلطة القضائية وفوق ذلك وفي نفس الوقت اتضح بصورة جلية افتقار نظام الحكم الإسلامي السياسي الي الكفاءات وإلي الخبرة الواجب توافرها.. لظروف دولة لها قدرها ومكانتها مثل مصر.. وتمر بظروف ما بعد ثورة سجلت في التاريخ لتميزها بالشباب الذين قاموا بها واصطفاف الشعب وراءها. وعليه فلقد أصبحت مصر تخرج من أزمة الي أزمة بدون هوادة.. وبدون إيجاد حلول لأي من الأزمات.. وفي نفس الوقت بدا وكأن نظام الحكم مغيب عما وصلت إليه البلاد من تدهور أمني.. وضعف اقتصادي وانشقاق سياسي وفي ظل حكومة تصنف حتي بعد ما يجري عليها من تعديلات بأنها أضعف الحكومات التي مرت علي البلاد في العصر الحديث!! وفي ظل التراخي وسياسة الإنكار المستمر للأزمات.. بسبب عدم القدرة علي إيجاد حلول لها.. جاءت مفاجأة موضوع «سد النهضة» في إثيوبيا في صورة دراماتيكية.. أعلن عن تحويل مسار النيل الأزرق للبدء الفعلي في إنشاء السد.. وكان ذلك بعد ساعات قليلة من زيارة الرئيس مرسي لأثيوبيا.. واعتبر هذا الإعلان بمثابة إهانة لمصر عبر عن ذلك رئيس الاتحاد الأوروبي وصحف أجنبية.. في حين كان هناك اتجاه للتهوين غير المبرر من نظام الحكم سواء من رئيس الجمهورية.. ورئيس الوزراء.. ووزير الري وكأنهم بذلك يعتقدون خطأ أنهم يطمئنون الشعب المصري ومن المستغرب أن تخرج مثل تلك التصريحات غير المسئولة من رئيس الوزراء الذي يتخصص في الري.. ويعلم جيدا تبعات إنشاء سد النهضة بالقدرة التخزينية التي أعلن عنها وتأثير ذلك علي تدفق حصة مصر من المياه خاصة في فترة 7 سنوات التخزين. وبدلا من أن يطرح سياسات تتضامن فيها مصر مع دول حوض النيل للتغلب علي تلك الأزمة، التي إذا لم تتدارك ستتحول الي محنة بكل المعايير.. نجد أن رئيس الوزراء يطرح شيئا ليس في الحسبان.. أن تجيء فيضانات شديدة تهدم السد وكأننا في انتظار معجزة «الطير الأبابيل» وليس لدينا تصور لكيفية معالجة الأمر مع أثيوبيا.. ومع الدول المساعدة لها بالتمويل أو بالتنفيذ لإنشاء السد وللأسف من ضمنها دول عربية!! الكلمة الأخيرة تصريحات المسئولين غير علمية وغير مسئولة.. وقد تستغل ضد حقوق مصر المشروعة.. كدولة مصب في مياه نهر النيل الدولي. الموقف خطير وبحاجة الي طرق كل الأبواب وسلوك كل الطرق واستخدام كل الوسائل.. علي المستوي الدولي والإقليمي.. خاصة بالنسبة لقارة أفريقيا التي دائما.. كنا معها وكانت معنا أمام الملمات والصعاب سواء بالنسبة لحصار الاستعمار والتحرر منه.. وبالنسبة لمساندة الدول الأفريقية جميعها لمصر بصورة غير محدودة.. بعد نكسة 1967، وذلك ليس بمستغرب فنحن كدول أفريقية كيان عضوي واحد!! سلمت يا مصر