لا أحد ينكر تعدد أنشطة سوزان مبارك الصورية خاصة في مجالات الطفل والأسرة ، فقد قامت ببناء المستشفيات والمدارس التي حملت اسمها وشرف افتتاحها ، وألقت بخطبها المؤثرة على مسامع العالم لتنادي بضرورة التبرع لمسح دموع الأطفال الأبرياء، وزارت بلاد العالم لتتسول المال باسم مرضى أطفال مصر، لتغزو التبرعات خزائن آل مبارك حتى أن د. عاصم غلاب مدير جمعية الهلال الأحمر السابق أكد أن التبرعات الأجنبية كانت ترد في جمعيته باسم مستشفى 57357 والتي كانت ترأسها السيدة الأولى. وعلى الرغم من أن المتأمل لأحوال القطاع الطبي المصري سيجد أن الإهمال وصل للنخاع، حيث زادت أعداد المرضى بفيروس سي وسرطان الدم وغيرهما من الأمراض، إلا أن وسائل الإعلام كانت تقوم بدورها على أكمل وجه.. فغطت زيارات السيدة الأولى وأفردت الصفحات لتحصى الخير الوفير الذي سيعود على هذه المرافق رغم اقتصار دور حكومة سوزان في إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية، ومشاهدة عنابر نظيفة أعدت خصيصا لهذه الزيارة بعدها تعود ريما لعادتها القديمة . فيها لا اخفيها وقد حاولت سوزان جاهدة ،كما جاء في تقرير نشرته مجلة آخر ساعة في عددها الأخير ، الاستئثار بنصيب الأسد في بعض هذه المشروعات ، ولعل أبرزها مستشفي سرطان الأطفال الذي حظي باهتمامات عالمية غير مسبوقة ، وانهالت عليه التبرعات من معظم رجال الأعمال المصريين وأمراء العرب المرموقين لتصل لملايين الجنيهات دون أن تقدم هي أي مساهمات مادية تذكر ، وذلك حسب تصريحات الدكتور شريف ابو النجا ،نائب رئيس المستشفى، والذي أكد أن دورها شرفي وأنها لم تقدم جديدا لافتا أنها طلبت من الإدارة إطلاق اسمها على المستشفى ولما قوبل طلبها بالرفض حتى لا يرتبط العمل الخيري باسم شخص بعينه .. نصبت نفسها رئيس مجلس أمناء مؤسسة المستشفى ، ولكن بعد ثورة يناير تم سحب اللقب الشرفي منها . وعن الفساد المتعلق بالمستشفى أكدت بعض المصادر أن هناك فسادا ماليا وإداريا يقع داخله ، حيث استمر في تلقي التبرعات والمنح من الداخل والخارج دون أن يعرف أحد القيمة الإجمالية لتلك التبرعات ولا أوجه إنفاقها .. والمثير للدهشة أن التبرعات كان يتم جمعها تحت ستار إنشاء سبعة مستشفيات لعلاج الأطفال من مرض السرطان بالقاهرة والمحافظات ، ومع ذلك لم يتم إنشاء سوى مستشفى واحد في القاهرة فقط دون أن يعرف أحد مصير المبالغ التي جمعت بهدف إنشاء المستشفيات الأخرى لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان، إضافة للعقاب الذي كانت تمارسه على بعض الشخصيات المغضوب عليها من النظام بحرمانها من الظهور في الإعلانات الخاصة بهذا المستشفي والتي لا يكف التليفزيون المصري عن بثها ، ومنهم الكاتب بلال فضل والداعية عمرو خالد وغيرهما. جاء في التقرير على لسان د. شريف عمر ، أستاذ الأورام ورئيس لجنة التعليم الأسبق، أنه تقدم باقتراح لرفض إقامة المستشفى فور إعلان الحكومة عن نيتها لبنائه، واستبداله ببناء سبعة مراكز في سبع محافظات لأن ذلك سوف يقلل من النفقات التي سينفقها الآباء الذين سيجيئون للإقامة في القاهرة وسيزيد العبء عليهم، ولكن أحدا لم يستمع لرأيه وكان نصيبه أن سقط في انتخابات مجلس الشعب في هذا العام لأن رأيه لم يعجب الهانم . ومما لا شك فيه أن المستشفي كان يرد إليه التبرعات من الدول الأوروبية أيضا وبعضها عن طريق الجمعيات التي ترأسها سوزان ولكن لم يعلم أحد شيئا عنها ، ولعل تصريحات د. عاصم غلاب رئيس جمعية الهلال الأحمر السابق تؤكد ذلك والتي قال فيها إن هناك تبرعات باسم المستشفى وردت للجمعية باسمها وكان ذلك الأمر يتم بموافقة وعلم الطرفين.. ويتساءل غلاب أين ذهبت هذه الأموال ؟ وهل وصلت لمستحقيها؟ الأطفال يحترقون في ابو الريش ويعد مستشفي أبو الريش ،الذي يخدم آلاف الأطفال من شتى محافظات مصر، نموذجا آخر للإهمال والتلاعب ، فعلى الرغم من أنه شهد تعاونا ومبادرات مصرية دولية من أجل تطويره كالجانب الياباني والأوروبي.. إلا أنه ظل يعاني من إهمال جسيم ظهر بوضوح بعد الحريق الهائل الذي شب في أحد الطوابق وأودى بحياة العشرات من الأطفال ، والذي لم تتوصل التحقيقات للمتسبب فيه حتى الآن. وكانت السيدة سوزان قد قامت بافتتاحه بعد إعادة تشييده وتحديثه منذ سنوات ، وأزاحت الستار عن اللوحة التذكارية للمبنى الجديد وتفقدت أربعة أدوار تم إعدادها كمرحلة أولى، تليها مراحل أخرى تستمر حتى يكتمل بناءعشرة أدوار بتكلفة 75 مليون جنيه. ورغم إنشاء أقسام جديدة في المستشفى لعلاج الفشل الكلوى ورعاية حديثي الولادة وزرع النخاع بالتعاون مع الجانب الإيطالي بما يخفض معدلات وفيات الأطفال ، وتزويده بأحدث شبكة اتصالات دولية للعلاج عن بعد تتيح الاتصال بالمراكز والمستشفيات الدولية، إلا أن جولة قامت بها آخر ساعة تشير إلى تدني مستوى الخدمة بالمستشفى وعدم استفادة جمهور المرضى من هذه الخدمات..فالأدوية غير متاحة والأجهزة الطبية متهالكة والروتين متفش والإهمال وصل للقمة ، والواسطة تجعل المراكب الواقفة تسير على حد قول الجمهور، ولا وجود للنظافة في العنابر ، فكما يقول الآباء يدخل الطفل مصابا بمرض معين فيخرج وهو يحمل مرضا آخر أو ميكروب معد ، كما حدث لطفل أبو نادي الذي جاء به والده من محافظة الشرقية لإجراء عملية صمام للمرة الثالثة ولكن الأطباء تدهورت حالته بسبب مماطلة الأطباء في إجرائها ، وبدأت رأسه تتضخم بشكل غريب وقل بصره تدريجيا فاضطر الأطباء إلى إجرائها لكنه أصيب بميكروب استلزم عملية ثانية بعدها هاجمه الميكروب ثانية ومات ليكون أحد ضحايا الإهمال. يكفي شرف الزيارة ! ومن المستشفيات الإقليمية التي حظيت بشرف زيارة السيدة الأولى كان مستشفى المنيا الذي تحول لاسم سوزان مبارك الجامعي بمجرد افتتاحها له، حيث أوضح التقرير أن الصحف وقتها نشرت عن إمكانيات المستشفى التي لا تضاهيها مستشفى إقليمية أخرى مثل وحدة جراحة القلب والصدر وقسم الجراحة العاجلة والتي تخدم أبناء شمال الصعيد . وبعد ثورة يناير ظهر المستوروكشفت تقارير رقابية عن مخالفة صريحة بجامعة المنيا، حيث أظهر فحص ختامي الموازنة الخاصة بها عن تحمل الجامعة مبالغ إضافية دون حق لسداد تكلفة نفقات مستشفى سوزان الجامعي رغم وجود مخصصات مالية ضمن موازنة المستشفيات الجامعية والمستقلة أصلا عن موازنة الجامعة. وطلب الجهاز المركزي للمحاسبات في أغسطس 2009 إجراء التسوية اللازمة ، وبدأت المطالبات من مستشفى سوزان بسداد المبالغ المستحقة مع متابعة أى نفقات أخرى لتمويلها من موازنة المستشفى المستقلة دون تحمل لها مع فحص جميع موازنات الجامعة للتحقق من وجود مخالفات . يأتي ذلك في الوقت الذي لم تستفد فيه الجامعة من وحدة جراحة القلب والصدر بمستشفى المنيا الجامعي التي تكلف إنشاؤها 6066 مليون جنيه عام 2006 ، الأمر الذي أدى لعدم الاستفادة من فترة الضمان والصيانة المجانية للأجهزة الواردة للوحدة نظرا لعدم استخدامها منذ تاريخ تركيبها، فضلا عن وجود جانب من المستلزمات الخاصة بالوحدة انتهت صلاحيتها أو قاربت على الانتهاء دون اتخاذ الاجراءات اللازمة لاستبدالها بالمخالفة لشروط التعاقد، وتبين أن ذلك بسبب عدم توافر مولد كهربائي لاستخدامه في حالة انقطاع الكهرباء ، وتمت إحالة المسئولين عن فترة الضمان للتحقيق. ويشير التقرير في نهايته إلى مبادرات سوزان الأخيرة التي وصفها بأنها مبادرات سبوبية نارية الغرض منها الحصول على أموال تحت عباءة خدمة الوطن . مثل إطلاقها مبادرة إنشاء معهد قومي للأورام بمدينة السادس من أكتوبر يتبع جامعة القاهرة، ومعهد مبارك لعلاج الأورام بالشرقية الذي وضع تحت رعايتها في مارس 2003 وإلى الآن لم تخرج تفاصيل هذه المبادرات إلى النور .