يتحدث الدكتور مصطفى مسعد وزير التعليم العالى عن استقلال الجامعات الحكومية وإعداد تشريع جديد لمنح الجامعات الحكومية حريتها واستقلالها فى إدارة شئونها بنفسها ومنح الحرية الأكاديمية لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات للعمل على الارتقاء بمستوى البحث العلمى الذى ينبغى أن يكون هو الأساس فى التعليم الجامعى ولكن هذا لم يحدث وإنما التعليم الجامعى فى مصر عبارة عن شهادات يحصل عليها الطالب ليستعين بها فى التقدم لفتاة أو التقدم للالتحاق بفرصة عمل إن وجد أو الاكتفاء بتعليقها على الحائط فى منزله وهو ما يفعله الغالبية العظمى من خريجى الجامعات الذين يحصلون على شهادات جامعية من أجل الوجاهة الاجتماعية وفقط.. بينما التعليم الجامعى الذى نعرفه فى مختلف جامعات العالم هو القائم على البحث العلمى وتحويل الجامعات الى مراكز بحثية تعمل على حل مشاكل المجتمع وتقدم له كل ما يلزم فى مختلف المجالات لكى يتطور وينهض.. ونجد أن وزير التعليم العالى فى مصر هو الحاكم بأمره فى شئون الجامعات ويتدخل فى كل صغيرة وكبيرة حتى وصل به الأمر إلى أنه يريد فرض سيطرته وهيمنته على الجامعات الخاصة ويفرض عليها قيوداً ترعب أى مستثمر يريد أن يستثمر أمواله فى مجال التعليم الجامعى الخاص الذى يعتبر من أحد الشرايين الهامة فى جسد التعليم العالى والجامعى وأصبح له دور مهم فى حل مشاكل جسيمة تعانى منها الجامعات الحكومية والمجتمع المصرى بأسره وهى عدم قدرة الأماكن المحدودة بالجامعات الحكومية على استيعاب الكم الهائل من خريجى الثانوية العامة كل عام فى عدد محدود من الكليات التى لم يتم التوسع فيها منذ سنوات.. ولا يعتبر الوزير وحكومته أن تحويل فروع الجامعات إلى جامعات مستقلة أنها إضافة وتوسع جديد فى التعليم الجامعى الحكومى وزيادة أعداد الفرص المتاحة أمام راغبى التعليم الجامعى ولكنه كمثل من يمشى محلك سر.. ومن المدهش أن الدكتور مسعد يرى أن العلاقة بين الجامعات والمجلس الأعلى للجامعات بلجانه لا يعطى الجامعات الاستقلال الكامل حسبما ينص الدستور وأنه عقد جلسة مع مجموعة من رؤساء الجامعات لطرح رؤاهم حول ضمان الاستقلال الكامل للجامعات.. ولا يرى الوزير أن الجامعات الخاصة لها نفس الحق فى الاستقلال وإدارة شئونها بنفسها ولا ينبغى تدخل الوزير فى شئونها والتوجه إلى فصل الملكية عن الإدارة وهذا يعد من أساليب التأميم وليس الاستقلال المالى والإدارى الذى يبحث عنه الوزير للجامعات الحكومية ويحرمه على الخاصة التى أصبحت شريكاً أصيلاً فى التعليم الجامعى.. هذا المناخ الخانق الذى يوجده الوزير وحكومته يصيب أى مستثمر بالرعب على المخاطرة بأمواله واستثماراته فى المشاريع التى تطرحها وزارة التعليم العالى ومنها الجامعات الأهلية ومن الممكن أن يقوم أى صاحب جامعة برفع دعاوى ضد ما يفعله الوزير وضد مجلس الجامعات الخاصة غير الشرعى ويكون الحكم لصالحه.. ينبغى أن يكون هناك تيسيرات وليس فرض قيود للاستثمار فى هذا المجال الذى أصبحت فيه الدولة عاجزة عن توفير التمويل المطلوب للتعليم ونرى أن وزير التربية والتعليم جايبها من تحت إلغاء والثانى جايبها من فوق خصخصة بهدف والله أعلم البحث عن موارد لتمويل التعليم وسد عجز الحكومة عن الإنفاق على التعليم.. ولا ندرى إذا كان التعليم أصبح مجالا لتنفيذ أجندات لصالح فصيل معين أم أنه قضية وطنية تحتاج التكاتف والتحاور مع الجميع دون إقصاء أحد.