تشهد لبنان جدلًا واسعًا منذ اتخاذ الحكومة قرارًا بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، كما جرت العادة منذ عام 1988، إلى ما بعد شهر رمضان، فيما رفض العديد من اللينانيين هذا القرار الذي يأتي في ظل أزمة اقتصادية حادة وانقسامات سياسية حالت دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية. اقرأ أيضًا.. ميقاتي يلغي جلسة مجلس الوزراء اللبناني ويحذر من الانقسام الطائفي ومنذ قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي إلى الأسبوع الأخير من أبريل، دار جدل واسع بين مؤيد ومعارض للقرار، سرعان ما تحوّل إلى جدل طائفي. ويلتزم لبنان سنويا بالتوقيت الصيفي العالمي الذي يبدأ هذا العام اليوم الأحد 26 مارس، لكنّ مجلس الوزراء قرر تمديد العمل بالتوقيت الشتوي استثنائيا حتى 21 أبريل المقبل. هذا القرار الذي اعتبره البعض مستفزا وجاء بتوصية من رئيس مجلس النواب نبيه بري، أثار موجة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وانهالت التعليقات في الشارع اللبناني الذي انقسم مجددا. فبينما يعيش لبنان انهيارًا اقتصاديًا هو الأسوأ في تاريخه الحديث، حيث بات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر عاجزون عن تأمين أبسط مقوّمات العيش، تحوّل المشهد السياسي ووسائل التواصل الاجتماعي إلى "ساحة حرب" مفتوحة لسجال طائفي حول حقوق المسيحيين والمسلمين، وفرصة لتيارات سياسية متخاصمة لتبادل الاتّهامات، بسبب "التوقيت الصيفي". #ميقاتي ل #بري: "سألوك وما قبلت".. هكذا اتخذ القرار لتأجيل العمل ب #التوقيت_الصيفي pic.twitter.com/cGkNptGOsM — هنا لبنان (@thisislebnews) March 23, 2023 وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مقطع فيديو يظهر فيه حوار بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حول تمديد العمل بالتوقيت الشتوي إلى ما بعد شهر رمضان. وفي ردود الفعل، أعلنت البطريركيّة المارونية عدم تنفيذها القرار، والتزامها بالتوقيت الصيفي العالمي. كما أعلن كل من التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، وهما من أبرز الأحزاب المسيحية، اعتراضهما على القرار الذي اتخذته حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي. وفي هذا الإطار، قال رئيس حزب التيار الوطني الحر جبران باسيل -في تغريدة على تويتر- إنه لا يجوز السكوت عن القرار، ويجب التفكير في الطعن فيه أو عصيانه. من جانبه، دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى التراجع عن القرار، واعتبر أن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي سيعرقل كثيرا من الأعمال، ولا سيما على مستوى حركة الطيران والشركات العالمية. كما قال النائب عن كتلة حزب الكتائب في البرلمان سليم الصايغ إنه لا يمكن لرئيس مجلس النواب مصادرة صلاحيات رئاسة الجمهورية أو الحكومة مجتمعة، وأخذ قرار من هذا القبيل. في المقابل، ردّ المفتش العام المساعد لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن مرعب على تغريدة رئيس حزب التيار الوطني الحر، بالقول عبر تويتر "قبلت أم لم تقبل الأمر عندنا سيان"، مضيفا "عنصريتك المقيتة التي خبرناها جيدا لن تنفعك بعد اليوم"، وفق تعبيره. وتعليقا على موجة الغضب العارمة التي أصابت فريقا من اللبنانيين عقب هذا القرار، كتب الناقد الفني جمال فياض عبر تويتر: "كارثة وطنية ستحلّ بلبنان، بسبب تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي... ستتغير مواعيد المصانع والمراكز العلمية وتتأثر البورصة العالمية وعملية استخراج النفط ستتراجع الى النصف، والكهرباء... يا ويلي شو رح يصير بالكهرباء! استحوا ع حالكم، الدنيا ماشيه بتوقيت واحد وأنتم مشغولين بالهبل والتفاهات!" وألغت دول عدة حول العالم العمل بالتوقيت الشتوي وأصبح التوقيت المعتمد لديها طيلة السنة هو التوقيت الصيفي، ومن بين هذه الدول روسيا، وبيلاروس وأوكرانيا، وتركيا التي ألغت بدورها في 2017 العمل بهذا التوقيت وقررت العمل بالتوقيت الصيفي على مدار العام في مختلف أنحاء البلاد. وطالبت فنلندا الاتحاد الأوروبي بإلغاء تغيير التوقيت في الشتاء والصيف والإبقاء على نظام توقيت موحد. فيما لا تغير دول الخليج والعديد من الدول العربية توقيتها طيلة السنة، ففي السعودية والكويت وقطر والبحرين يبقى التوقيت على أساس توقيت غرينتش زائد ثلاث ساعات، الوضع عينه بالنسبة لليمن والسودان. أما في الإمارات وسلطنة عمان يبقى على أساس توقيت غرينتش زائد أربع ساعات، وفي ليبيا توقيت غرينتش زائد ساعتين. ما الفائدة الاقتصادية من التوقيت الصيفي؟ بالعودة إلى تاريخ العمل بهذا الحدث عالمياً، كان الأميركي بنجامين فرانكلين أول من طرح فكرة التوقيت الصيفي في عام 1784، وهدَف من زيادة التوقيت الرسمي ساعة، تبكير أوقات العمل والفعاليات العامة الأخرى، لكي تنال وقتاً أكثر أثناء ساعات النهار التي تزداد تدريجاً من بداية الربيع حتى ذروة الصيف، وتتقلَّص من هذا الموعد حتى ذروة الشتاء. هذه الفكرة لم تبد جدّيةً إلا في بداية القرن العشرين ولأول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى، حين أجبرت الظّروف البلدان المتقاتلة على إيجاد وسائل جديدةٍ للحفاظ على الطاقة. فكانت ألمانيا وحلفاؤها من دول المحور بدءاً من عام 1916، أول دول تستخدم التوقيت الصيفي، وكان الهدف من ذلك حفظ الفحم خلال الحرب. بعد ذلك لحقت بريطانيا وأغلب حلفائها وكثير من الدول الأوروبية المحايدة بالحدث. وانتظرت روسيا وقليلٌ من الدّول حتى السنة التالية، وتبنّت الولاياتالمتحدة التوقيت الصيفي في عام 1918. منذ ذلك الوقت، شهد العالم العديد من التشريعات والتعديلات والإلغاءات لتحسين التّوقيت. وبدأ العمل في لبنان بالتوقيت الصيفي، وفق قرار اتّخذه مجلس الوزراء في عام 1998. وبعض القطاعات تستفيد من التوقيت الصيفي مثل قطاعات الترفيه والسياحة التي تتعزّز. فعندما يصبح يوم الناس أطول، يتّجهون إلى تمضيته عبر إقامة النشاطات خارج منازلهم، وينفقون خلالها. وبحسب مقال نشره "CBS news"، يعتقد الخبير الاقتصادي كورت رانكين أنّ التحوّل إلى التوقيت الصيفي الدائم يمكن أن يفيد قطاعاً واحداً من الاقتصاد: شركات الضيافة مثل المطاعم والفنادق. وقد يؤدي المزيد من ضوء النهار في نهاية اليوم إلى زيادة الطلب على هذه الخدمات، ممّا سيساعد تلك الشركات وكذلك عمّال الاقتصاد المؤقت مثل سائقي DoorDash. وقدَّرت مجلة "fortune" في عام 1984 أنّ زيادة سبعة أسابيعٍ من التوقيت الصيفي، ستعود ب30 مليون دولار أميركي إضافي على متاجر "7-Eleven" وحدها. كما قدَّرت مؤسسة "ناشيونال غولف" أنّ الزيادة ستزيد من عائدات صناعة الغولف ما بين 200 مليون إلى 300 مليون دولار. وقدَّرت دراسة في عام 1999 أنّ التوقيت الصيفي يزيد من عائدات قطاع الاستجمام في الاتحاد الأوروبي بما يقارب 3 في المئة. ويستفيد تُجار التجزئة وصانعو السلع الرياضية وغيرها من الشركات من زيادة وقت النهار بعد الظهر، لأنّ العملاء يقضونه في التسوُّق والمشاركة بالألعاب الرياضية في الهواء الطَّلق بعد الظهر. لمزيد من الأخبار العالمية اضغط هنا: