تمتد صداقتي للفنانة النجمة إلهام شاهين لسنوات.. ليس فقط بحكم أنها نجمة شهيرة لها عشرات الأفلام والمسلسلات التي تعتبر علامات بارزة في تاريخ الفن، وإنما أيضاً لأنها قامت ببطولة مسلسل من تأليفي وهو «قلب امرأة»، واعتبره من أفضل وأحب الأعمال إلي قلبي. ومن خلال تعاوننا في هذا المسلسل وجلسات العمل التي جمعتنا سوياً مع المخرج الكبير مجدي أبوعميرة، رأيت فيها فنانة معجونة بفنها، تحرص علي التدقيق في كل صغيرة وكبيرة، إضافة إلي صفات شخصية هي مزيج من الشهامة والجدعنة. وأعرف عن إلهام أنها بنت بلد حقيقية، جريئة في قول الحق أو ما تراه صواباً، فهي لا تهادن ولا تتملق حتي لو تسببت آرائها في خسارتها الكثير. ومنذ قيام الثورة وحتي هذه اللحظة، قرأت لإلهام الكثير من التصريحات الخاصة بالثورة والرئيس مبارك وبعده الرئيس مرسي.. وهي تصريحات ربما تكون صادمة ولا تعجب الكثيرين، ولكنها هذه هي إلهام، التي تقول ما تعتقده دون خوف أو حسابات مسبقة، ودون النظر للمكسب أو الخسارة التي ستعود عليها. لقد أعلنت إلهام أنها ليست مع الثورة لأنها تسببت في خراب وكوارث اقتصادية لمصر، وأتت بحكم الإخوان، وأعلنتها إلهام صراحة أنها كانت تتمني «شفيق» رئيساً لمصر، لأنها تراه رجل فكر وإرادة، وعندما عرض عليها المتحدث باسم الرئاسة أثناء مشكلتها مع عبدالله بدر أن تذهب لمقابلة الدكتور مرسي، فإنها اعتذرت عن ذلك رغم شكرها للدعوة، ولو كان آخرون مكانها لرحبوا بالذهاب والشو الإعلامي والدعم الرئاسي، ولكن هذه هي إلهام التي لا تفعل إلا ما تؤمن به! وفي جرأة لا يمتلكها الكثيرون هذه الأيام، قالت إلهام في أحد تصريحاتها الصحفية إنها تتعاطف مع الرئيس السابق حسني مبارك، وأسرته، وأنها حاولت مقابلة مبارك في السجن ولكن المسئولين رفضوا ذلك! فأي جرأة وشجاعة تمتلكها هذه الفنانة والسيدة التي تسبح ضد التيار في الوقت الذي بدل الكثيرون جلودهم مثل الأفاعي وتحولوا من مؤيدي مبارك وتهنئته، إلي مؤيدي مرسي وبطانته؟.. وحتي لو كنت أختلف مع إلهام في بعض آرائها بخصوص الرئيس السابق، فإنني لا أملك إلا احترام شجاعتها. وربما يتساءل البعض عن مناسبة الكلام عن إلهام شاهين الآن.. والحقيقة أنني أكتب عنها خصيصاً بسبب قضيتها مع عبدالله بدر، خاصة بعد القبض عليه لتنفيذ حكم المحكمة بتأييد حبسه لمدة عام.. وبعد إصرار وعناء من إلهام برفض أي محاولات للصلح مع عبدالله بدر، والإصرار علي مواصلة قضيتها وحربها معه حتي النهاية. وأقول حربها مع عبدالله بدر لأنني أعلم حجم التهديدات التي وصلت لإلهام إن لم تتنازل عن القضية، وحجم الضغوط عليها حتي من بعض المقربين منها الذين آثروا السلامة قبل تأييد الحكم بالحبس، وقالوا لها إن في هذا الحكم الكفاية، وعليها ألا تستعدي جزءاً كبيراً من التيار الإسلامي السياسي بمواصلة القضية وتأييد الحكم علي عبدالله بدر. ولكن إلهام بعناد وصلابة وشجاعة تحسد عليها، رفضت التنازل وفضلت الاستمرار في القضية، حتي كان الحكم الذي لم يسعد إلهام شاهين فقط ضد رجل أساء إليها وأهانها، بل في رأيي هو أساء وأهان أهل الفن جميعهم، ووصفهم بصفات فاسدة، وذكر العديدين بالاسم، ولكن أحداً لم يكن في جرأة وشجاعة إلهام ليتصدي للرجل ويخوض حرباً حتي النهاية. إن هذا الحكم درس لكل من يحاول الخوض في أعراض البشر، رجالاً ونساء، وأن يتمسح في عباءة الدين، والدين منه براء، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وقال أيضاً: «أقربكم مني أحسنكم أخلاقاً». وللأسف ليس فقط عبدالله بدر هو من لم يسلم المسلمون من لسانه ويده، بل هناك آخرون أشبعونا سباباً وخوضاً في الأعراض في قنوات تتمسح بالدين وتدعي أنها تتحدث باسمه، والدين منه براء.. ولعل الكثيرين قد لاحظوا أنه بعد تأييد الحكم في قضية إلهام شاهين، قد خاف الكثيرون واختبأوا في شقوقهم وجحورهم ممن كانوا من الشتامين والسبابين في بعض القنوات الدينية، خوفاً من السجن والمساءلة، فقد أعطتهم إلهام شاهين درساً.. وأثبتت أنها امرأة بألف رجل!