بالنظر إلى المجتمع الذى نعيش فيه نجده يتكون من أفراد وجماعات يختلفون فى خصائصهم (البيولوجيّة، الثقافيّة، الاجتماعيّة...) ولكنّهم يتعايشون مع بعضهم البعض ونجد أن التسامح يمكّن أفراد المجتمع من التعايش فيما بينهم، والتسامح يعنى الاحترام والقبول والتقدير للاختلاف وهو قبل كل شىء اتّخاذ موقف إيجابى من الآخرين مهما كانت درجة اختلافهم عنّا. وإذا آمنا بأن محبة ومسامحة الآخر إغناء للذات فإن السلوك الديمقراطى يشترط قبوله والتعامل الإيجابى معه مهما كانت الاختلافات ونؤكد أن قبول الآخر يظهر من خلال فهم مشاعره واهتماماته، القبول بمبدأ المساواة معه وحلّ الخلافات بطريقة سلميّة. والقدرة ليس فقط على تخطى التمييز بين الأفراد بسبب اللون أو الدين أو اللغة أو الأصل الاجتماعى أو الرأى السياسى أو المولد أو النسب أو الثروة، بل ورفض كل أشكال التمييز فى المجتمع الذى يؤول إلى مشاركة جميع المواطنين بصفة فعليّة فى الحياة السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والاقتصاديّة لدولتهم، وبالتالى تتحقق لديهم صفة المواطنة الفعليّة، وفى هذا الأمر نؤكد أنه ليس التسامح موقفًا عفويًّا ولا مسألة أخلاقيّة فقط، بل هو قيمة وسلوك يرتقى إلى مرتبة الفضيلة التى يجب أن يكتسبها المواطن من خلال تنشئته فى العائلة والمدرسة والمجتمع ودور العبادة وبالرجوع إلى خلاصة العقل الإنسانى للمفكرين نجد العديد من الأقوال النافعة بهذا الصدد فيقول الدكتور إبراهيم الفقى إن الذات السلبية فى الإنسان هى التى تغضب وتأخذ بالثأر وتعاقب، بينما الطبيعة الحقيقية للإنسان هى النقاء وسماحة النفس والصفاء والتسامح مع الآخرين ويقول فيصل سعيد المطر إن احترام حقوق الإنسان أهم من احترام الثقافات، الإنسان له حقوق بعكس الثقافات والمعتقدات. ويجب أن نشير إلى أنه لا توجد إرشادات موحدة لقبول الأشخاص ذوى المعتقدات أو الآراء المختلفة، ولكنها مسئولية كل شخص بمفرده. ويتوجب علينا اليوم نشر ثقافة قبول الآخر فعندما ننشر ثقافة قبول الآخر يصبح المجتمع مكانًا أفضل للعيش فيه إذا كان بإمكاننا جميعًا أن نكون أكثر انفتاحًا على الآخرين، ومن الواضح أن فوائد التسامح يمكن رؤيتها من خلال احتضان تنوعنا يمكننا معرفة المزيد عن عالمنا وأنفسنا بدورنا، مما يمكننا من النمو والازدهار. كما يمكن أيضاً فتح الأبواب أمام العديد من الفرص، مع الكشف عن صداقات جديدة وجهات اتصال تجارية وإمكانيات سفر، مفتاح هذا التسامح المفيد هو فهم مدى أهمية فهم أن لكل واحد منا الحق فى إبداء رأيه الخاص وأن احترام وجهة نظر كل فرد أمر ضرورى، حتى لو لم نتمكن من الاتفاق معها.