شرائط الكاسيت.. سبب شهرته فى بلدان العالم الإسلامى كان يقلد عبدالباسط عبدالصمد لمدة 20 عاماً دخل الإذاعة بعد أن أثبت مكانته بين مشاهير القراء نجله: ورث حلاوة الصوت من جدى.. وتوفى فى «ليلة القدر» حفظ القرآن على يد «الشيخة مريم».. واحترف قراءة «ورش عن نافع» إجمالى تراثه 3 آلاف تسجيل صوتى فى قناة على «يوتيوب» بالرغم من مرور عدة سنوات على رحيله، لكن تبقى بصمة صوته محفورة فى أذهان «السميعة» من عشاق دولة التلاوة المصرية، فمن يستمع له يشعر بحلاوة الإيمان وعظمة الخالق ومعجزة القرآن الكريم، فليس هناك من ينافس القراء المصريين أبدًا، وليس هناك من يختلف على أنهم أفضل من تلا كتاب الله، وأينما يذهب أى فرد يجد أصواتهم تملأ العالم، وكل قارئ منهم يحمل صوتًا وأداء مميزًا لا يشبه الآخر. وفى دولة التلاوة تعاقبت أجيال وراء أجيال، ويبقى الرعيل الأول خير معلم لخير سلف، فكل قارئ من الكبار يستحق أن يكون قدوة لمن يخلفه، فهم أعلام التلاوة، قرأوا القرآن بأمانة وإخلاص وإتقان، رغبة ورهبة وخشوعًا، ومن جيل لآخر يتسلم قراء القرآن راية دولة التلاوة، لنقف عند نماذج منيرة فيها، شكلت القوى الناعمة لمصر. من بين مشايخ القرن العشرين المقرئ الراحل الشيخ السيد متولى عبدالعال القارئ بالإذاعة والتليفزيون، والذى نشأ فى إحدى قرى محافظة الشرقية ليصعد دكة التلاوة مقتديًا بمشايخ كبار شكلوا ركيزة ودعامة أساسية فى دولة التلاوة أمثال الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمود على البنا وسلطان دولة التلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل. الشيخ السيد متولى عبدالعال يعد نموذجًا للأصوات الجمهورية التى امتدت وذاعت شهرتها قبل أن تعرف طريقها إلى الإذاعة المصرية بسنوات، فمنذ أن ولد هبت أسرته لرعايته وإحاطته بسياج من نور لينشأ فى كنف القرآن الكريم وليصبح أحد كبار المقرئين فى مصر والعالم الإسلامى، وليشتهر بعد ذلك بلقب القارئ المأذون. «الوفد» التقت الطبيب صلاح نجل القارئ الراحل الكبير الشيخ السيد متولى عبدالعال بمسقط رأسه لتسعيد معه رحلة القارئ الراحل، وهذا نص الحوار،، فى البداية يقول الدكتور صلاح (طبيب أطفال) أصغر أبناء القارئ الراحل الشيخ السيد متولى عبدالعال وترتيبه الثامن فى أبناء الشيخ: ولد أبى فى عام 1947، بقرية الفدادنة مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وكان جدى يعمل مزارعًا بسيطًا، فقد رزق بأربع بنات وتمنى أن يهبه الله ولدًا ليسانده فى حياته، ويكون ظهيرًا وسندًا لشقيقاته الأربع، وقد منّ الله عليه ورزقه بأبى الشيخ السيد متولى، وكان جدى رحمه الله ذا صوت عذب ورائع فى تلاوة القرآن رغم أنه كان أميًا لا يقرأ ولا يكتب، إلا أنه كان سميعًا لتلاوة القرآن وصوته جميل، وقد وهب «أبى» لتلاوة وحفظ كتاب الله وألحقه بالتعليم العام وفى السنة الثانية بالمرحلة الابتدائية أرسله فى الخامسة من عمره إلى كُتاب الشيخة مريم السيد رزيق رحمها الله وكانت كفيفة ووقتها كانت تبلغ من العمر 25 عامًا وذلك فى عام 1952، وهى سيدة وهبت نفسها لتعليم وتحفيظ القرآن لكل أبناء القرية، وكانت تحفظ الكبار وتشرف على تحفيظ الصغار أيضاً، فكل حفظة القرآن الكريم من قريتنا يدينون بالفضل لها، وقد توفيت وعمرها 82 عامًا، وقد ختم والدى حفظ القرآن فى الصف الخامس الابتدائى، ثم انقطع عن المدرسة بعد الصف السادس للتفرغ لتعلم أحكام التلاوة واكتفى بالشهادة الابتدائية، وركز فى قراءة وتلاوة القرآن، وكان يقرأ فى الليالى والعزاءات فى سن صغيرة فى بلدتنا حتى استحسن الناس صوته، وقد تعلم أحكام التلاوة وتجويد القرآن برواية حفص عن عاصم على يد الشيخ أحمد الصاوى عبدالمعطى رحمه الله وكان مأذون القرية، وبعد أن أتم رواية حفص معه، التحق بكتاب الشيخ طه الوكيل بقرية العرين المجاورة لقريتنا (الفدادنة) لتلقى بقية القراءات، وتلقى على يديه قراءة ورش وقالون عن نافع، فقد كان الشيخ طه معلم قراءات مجيد جدًا، وتعلم والدى على يديه هذه القراءات، ولذلك كان والدى رحمه الله مميزًا جدًا فى تلاوة ورش عن نافع، لأنها تتميز بالمدود الكثير أكثر من قراءة حفص عن عاصم، فهى تحتاج إلى طول النفس، ووالدى كان مميزًا بطول النفس جدًا، وكان حريصًا على تعلم المقامات التى تليق بقراءة القرآن الكريم فقط، بعيدًا عما يخرج التلاوة عن الوقار وقداسة القرآن. القدوة يضيف نجل القارئ الراحل: والدى كان يستمع إلى الرعيل الأول فى الإذاعة خاصة فى بداياته، فقد قلد الشيخ عبدالباسط عبدالصمد فى أول عشرين سنة من حياته، وكان صوته رفيعًا مثله، لكنه بعد ذلك أصبح صاحب مدرسة وطريقة خاصة به وله لون خاص به وحده خاصة بعد مرحلة اكتمال نضوج الصوت، وكانت بداية شهرته مع سورة يوسف والتى تتميز بأن لها روحًا، ولذلك انتشرت ولاقت القبول، واستحسنها الناس، وذاعت شهرته عندما سجل هذه السورة وقصار السور بتسجيلات شركة «شركة الشرقية»، ثم انهالت عليه الدعوات لإحياء ليالى شهر رمضان فى الكثير من الدول، وقد بدأ القراءة مع كثير من الشيوخ القدامى مثل الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمود على البنا وعبدالباسط عبدالصمد والشيخ أحمد عامر، والشيخ حمدى الزامل والشيخ عبدالصمد الزناتى، وكل هؤلاء العظام أعجبهم صوته وتلاوته وأثنوا على قراءته. وكنت أرافق والدى فى المآتم والليالى القرآنية، وبحكم أننى من مواليد 1986، بدأت فى سن العشرين عامًا أذهب معه إلى المآتم وأقلده فى التلاوة، وقد ذهبت معه إلى الصعيد وتحديدًا فى مركز مغاغة بالمنيا، وأسيوط لإحياء الليالى القرآنية، وسافرت معه إلى جنوب أفريقيا بدعوة خاصة من جمعية المحافظة على القرآن وقدمنا حفلات هناك، وقرأت مع والدى فى عام 2009م لكننى اقتصرت على التلاوات على شبكة الإنترنت وتسجيل ختمة مرتلة، لأننى أمتهن مهنة الطب، ولم أتفرغ للتلاوة فى الليالى القرآنية بحكم عملى كطبيب. رحلات وعن سفريات الشيخ السيد متولى عبدالعال يقول نجله الطبيب: بعد أن ذاع صيت والدى فى البلاد الإسلامية انهالت عليه الكثير من الدعوات وسافر إلى العديد من الدول، مثل نيجيريا ثم إيران ثم تمت دعوته بشكل متكرر لمدة 14 عامًا إلى لبنان وسوريا وجنوب أفريقيا وإندونيسيا والهند وأمريكا، وكان يتم استقباله بشكل رسمى فى العديد من الدول، وقدم حفلات كثيرة جدًا، لكن أكثر هذه الحفلات كانت فى باكستانوإيران، فقد سافر إلى باكستان ما يقرب من 15 مرة، وإيران 10 مرات، وأستراليا وبريطانيا، ومدغشقر قطر وأبوظبى، وكان يسافر إلى هذه الدول بدعوات خاصة وأخرى رسمية مبعوثًا من وزارة الأوقاف لإحياء ليالى شهر رمضان هناك، فقد كثر محبو الشيخ فى هذه الدول، وحقق شهرة عالمية، أظنها أكثر من شهرته محليًا فى مصر، فتلاواته وتسجيلاته القديمة انتشرت بشكل كبير جدًا، فالكاسيت كان سببًا رئيسيًا فى شهرته وكان أول تسجيل لسورة يوسف وقصار السور فى عام 1984، وقد وجهت له أول دعوة خاصة بعيدة عن وزارة الأوقاف فى عام 1989 فى دولة قطر، بعد ثلاث سنوات فقط من انتشار أشرطة الكاسيت لإحياء شهر رمضان. كانت هناك جمعيات لتحفيظ القرآن الكريم فى كل المحافظات تستدعى الشيخ لتكريمه وكانت وزارة الأوقاف تستدعى الشيخ لإحياء ليالى شهر رمضان كل عام فى بعض الدول، وكان التكريم الأكثر فى الدول الإسلامية التى كان يذهب إليها والدى، وأذكر فى جنوب أفريقيا عام 2009 أن استقبلنا وزير الكهرباء هناك بنفسه، وتم منح الشيخ شهادة تقدير وفى باكستان نال العديد من شهادات التقدير مثل الجامعة البنورية فى باكستان. الإذاعة حول مرحلة الإذاعة يضيف الدكتور صلاح نجل الشيخ السيد متولى عبدالعال رحمه الله: حقق والدى شهرة محلية ودولية وعالمية واسعة منذ بداية تسجيل أشرطة الكاسيت وانتشارها قبل مرحلة الالتحاق بالإذاعة بحوالى 20 عامًا، فلم تضف الإذاعة كثيرًا له، لأنه صنع اسمه دون الإذاعة. وقد نصحه أصدقاؤه المقربون مثل الشيخ أبو العينين شعيشع حتى يتقدم إلى الإذاعة، فقد سافرا معًا إلى إيران عام 1994، كما حاول معه السيد صالح المدير العام بإذاعة القرآن الكريم مرارًا وتكرارًا حتى يتقدم بطلب للإذاعة وكان يرفض، ولم يكن ينوى الالتحاق بها مكتفيًا بحفلاته وجولاته فى جميع محافظات مصر، بالإضافة إلى الدول الإسلامية التى سافر إليها، وكان يقوم بتسجيلات كاسيت والتى كانت تنتشر بسرعة الصاروخ فى أنحاء العالم، وكان قد بلغ من العمر 50 عاما، وبالفعل تقدم لاختبارات الإذاعة، وكانت لجنة الاختبار تضم الشيخ رزق خليل حبة والشيخ محمود برانق والشيخ أبوالعينين شعيشع ومن الموسيقيين الأساتذة عبدالعظيم محمد وفؤاد حلمى وكمال النجار رئيس شبكة القرآن الكريم والذى ترأس اللجنة آنذاك، وبالفعل اجتاز الاختبار فى عام 2010، وبعد نجاحه سجل ستة أرباع ساعة للإذاعة حددها له رئيس الإذاعة -آنذاك- ثم سجل أربعة أنصاف ساعة وأجيزت كل هذه التلاوات حتى تم تكليفه بالظهور فى تلاوات الهواء فى صلاتى الفجر والجمعة وغيرهما من الاحتفالات الخارجية، وكل ذلك حدث فى سنة واحدة تقريبًا، وإلى جانب الإذاعة، حصل والدى على المأذونية خلفًا لأستاذه الشيخ الصاوى، ليظل قارئًا للقرآن ومأذونًا للقرية حتى وفاته. الرحيل يقول نجل القارئ الراحل: لم يمرض أبى أبدًا قبل وفاته، وكان يقرأ حتى آخر لحظة فى حياته، فقد كان يقرأ فى أحد العزاءات بمضيفة فى مسقط رأسه قرية الفدادنة بجوار بيته، فى ليلة 27 رمضان (ليلة القدر) وواصل القراءة لمدة 35 دقيقة وشاء القدر أن يقرأ آيات من أواخر سورة لقمان، حيث قرأ قول الله تعالى «إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» ليرحل فى نفس الليلة، بعد أن قضى حياته فى خدمة القرآن الكريم فى رحلة عطاء امتدت لنصف قرن وقد توفى يوم الخميس 16 يوليو 2015 وعمره 68 عامًا. تراث ويختتم نجل القارئ الراحل حديثه قائلًا: الحمد لله اهتمت الإذاعة مؤخرًا بإذاعة تلاوات جديدة لوالدى غير تراثه القديم ومنها تلاوات لم تذع من قبل، وقد جمعنا تراث والدى فى أكبر مكتبة صوتية على «اليوتيوب» حتى وصلت تلاواته إلى حوالى 3 آلاف تسجيل صوتى منها تلاوات إذاعية بالاستديو وحفلات داخل وخارج مصر.