سعر كرتونه البيض الأبيض اليوم الإثنين 24 نوفمبر للمستهلك فى محال واسواق المنيا    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    نقيب المأذونين: الاعتماد على الأهل وغياب التكافؤ أسباب ارتفاع نسب الطلاق    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    ديفيد كاميرون يكشف إصابته بسرطان البروستاتا    هل يوجد علاج للتوحد وما هي أهم طرق التدخل المبكر؟    طرق فعالة لحماية نفسك من الإنفلونزا المنتشرة في فصل الشتاء    بعد واقعة مدرسة سيدز.. عمرو أديب لأولياء الأمور: علموا أولادكم محدش يلمسهم.. الشر قريب دائما    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 24 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    النائب إيهاب منصور: خصم 25% عند السداد الفوري للتصالح.. وضرورة التيسير وإجراء تعديلات تشريعية    في الذكرى الثامنة لمجزرة مسجد الروضة الإرهابية.. مصر تنتصر على الظلام    تحطم سيارتين بسبب انهيار جزئي بعقار قديم في الإسكندرية (صور)    حاله الطقس المتوقعه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى المنيا    صحة الإسماعيلية: رفع درجة التأهب بالمستشفيات استعدادا لانتخابات مجلس النواب 2025    سيف الجزيري: سعداء بالفوز على زيسكو ونسعى لمواصلة الانتصارات    مسلم يعلن عودته لزوجته يارا: رجعت لحضني وأولى عندي من أي حد    دراسة تحذر: تصفح الهاتف ليلاً قد يزيد من خطر الأفكار الانتحارية    ترامب: قناتا «ABC» و«NBC» من أسلحة الحزب الديمقراطي    روبيو: نحتاج وقتًا إضافيًا لإنهاء الصراع الأوكراني سلميًا    محامي "مهندس الإسكندرية" يطلب تعويض مليون جنيه وتوقيع أقصى عقوبة على المتهم    بكام التفاح الاخضر ؟...... تعرف على اسعار الفاكهه اليوم الإثنين 24 نوفمبر 2025 فى المنيا    الزمالك يعلن تفاصيل إصابة دونجا.. جزع في الركبة    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مسلم ينشر أول فيديو بعد رجوعه لزوجته يارا    وزير الخارجية الأمريكي: المباحثات مع كييف إيجابية وحققنا تقدما لإنهاء حرب أوكرانيا (فيديو)    ضبط تشكيل عصابي خطف 18 هاتفًا محمولًا باستخدام توكتوك في الإسكندرية    مدرب الزمالك يكشف سر استبدال جهاد أمام زيسكو.. وسبب استبعاد محمد السيد    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    زلزال بقوة 3.9 يضرب مملكة بوتان شرقى جبال الهيمالايا    ترتيب الدوري الإسباني.. برشلونة يقلص فارق النقاط مع ريال مدريد    العناية الإلهية تنقذ أسرتين من الموت بعد انهيار جزئي لعقار بالجيزة    د.حماد عبدالله يكتب: "بكْرّة" النكَدْ "بكْرَّة" !!    عمر هريدى: رمضان صبحى اعترف بواقعة التزوير.. ويتهرب من أداء الامتحانات    مجدى طلبة: تجربة جون إدوارد ولدت ميتة والزمالك أهدر فلوسه فى الديون    تصديري الصناعات الغذائية: مصر تصدر غذاء ب11 مليار دولار سنويا    بولسونارو يبرر إتلاف سوار المراقبة الإلكتروني بهلوسات ناجمة عن الدواء    اللجنة العليا للحج: 2 مليون جنيه غرامة والحبس سنة لسماسرة الحج    الحاجة نبيلة تروي ل صاحبة السعادة قصة أغنيتها التي هزت السوشيال ميديا    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    أمريكا تنتهي من «الوثائق الرسمية» لتصنيف الإخوان جماعة ارهابية    البرهان ينفي انتقادات أمريكية بسيطرة الإخوان على الجيش السوداني    وزير الري الأسبق: إثيوبيا تحب الاحتفاظ بأكبر قدر من المياه وتسبب مخاطر لدول المصب    حماة الوطن: الأحزاب سند الدولة وصوت المواطن جاهزون لتقديم مشهد انتخابي يليق بمصر    رئيس مياه القناة يعقد اجتماعا لمتابعة جاهزية فرق العمل والمعدات الحيوية    حملات تموينية على مخابز الوادي الجديد    كل ما تريد معرفته حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    التنسيقية تحث على المشاركة الفاعلة في المرحلة الثانية من انتخابات النواب    ضبط 130 طن أغذية فاسدة.. وتحصين 131 ألف رأس ماشية بالقليوبية    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    المصري يواجه كايزر تشيفز الليلة في الكونفدرالية.. بث مباشر وتغطية كاملة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    كلودين عون: المرأة اللبنانية ما زالت محرومة من حقوقها.. والنضال هو الطريق الوحيد للتغيير    القمة النارية بين آرسنال وتوتنهام الليلة.. موعد المباراة القنوات الناقلة والتفاصيل الكاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فهمي هويدي يكتب :الحصانة ضد الغواية
نشر في الوفد يوم 13 - 05 - 2013


فهمي هويدي
لم أفهم لماذا تقدم الصحف القومية هدايا تقدر بعشرات الألوف من الجنيهات إلى النائب العام وبعض المستشارين، ولم أجد سببا بريئا لتقديم تلك الهدايا كل عام. صحيح أن رؤساء الصحف كانوا يمطرون المسؤولين في الدولة بالهدايا بمناسبة وبغير مناسبة. إلا أنني أزعم أن ذلك إذا كان مكروها بالنسبة للمسؤول العادي..
فينبغي أن يصبح محرما على رجال القضاء. إذ معلوم أن تلك الهدايا لا تقدم لوجه الله، ولكنها في أحسن فروضها تقدم لكسب ود المسؤولين، وذلك إذا كان جائزا بالنسبة لأي مسؤول فلا ينبغي أن يجوز، حيث يتعلق الأمر برجال القضاء. وللعلم فإن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، والبيانات التي قدمتها الصحف القومية إليه لا تتحدث عن هدايا رمزية أو عادية مما جرت عليه تقاليد العلاقات العامة، وإنما تتحدث عن هدايا من الوزن الثقيل. يكفي أن تعلم مثلا أن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات قدرت قيمة الهدايا التي قدمتها مؤسسة الأهرام وحدها للمسؤولين في الحكومة في الفترة من عام 2006 إلى عام 2011 بنحو 187.5 مليون جنيه. كما أن قيمة الهدايا التي قدمتها المؤسسة ذاتها بين عامي 2000 و2005 قدرت بمبلغ 393.2 مليون جنيه. وهذه المعلومات أثبتها خطاب أرسله الجهاز إلى رئيس مؤسسة الأهرام الحالي بتاريخ 9/12/2012، ووقعته المحاسبة عزيزة محمد مليجي وكيل الجهاز. وإذا لاحظت أنه كانت تقدم هدايا للمسؤولين في الحكومة بمتوسط 78 مليون جنيه سنويا في مرحلة، وبمتوسط يتجاوز 37 مليون جنيه في مرحلة تالية، وأن هذه مبالغ أنفقتها مؤسسة صحفية واحدة، وإذا أضفت إليها ما قدمته المؤسسات القومية الأخرى، فذلك يصور لك غرابة المشهد وافتقاده إلى البراءة.
عند الفرنسيين مثل يقول إن الهدية المبالغ في قيمتها تعد رشوة، أما إذا انحطت قيمتها فهي تعد إهانة. وما نحن بصدده من الصنف الأول لا ريب، بمعنى أنها رشاوى مقنعة ومهذبة مقدمة إلى المسؤولين في الدولة، من رئيس الدولة وزوجته وابنيه وزوجتيهما فنازلا، وصولا إلى مديري المكاتب ومرورا بالنائب العام وبعض القضاة والمستشارين.
ثمة تقديرات تقول إن النائب العام السابق الدكتور عبد المجيد محمود تلقى هدايا من المؤسسات الصحفية بما قيمته 300 ألف جنيه، وقد أظهر إيصال موجود على الإنترنت أنه بعد إعلان قوائم الهدايا رد لمؤسسة أخبار اليوم في 23/2/2012 مبلغ 23 ألفا و435 جنيها قيمة ما تلقاه منها من هدايا تمثلت في الساعات وأربطة العنق والعطور الفرنسية.
صحيح أن المبلغ يبدو متواضعا نسبيا، إلا أن المبدأ هو الذي استوقفني وأثار لدي السؤال التالي: كيف يقبل النائب العام هدايا غير مبررة من المؤسسات الصحفية التي قد تكون مخالفاتها بين ما هو موجود في أحد أدراج مكتبه؟
ما كان لي أن أطرح السؤل لولا أنني أعرف دقة المسألة وحساسيتها بين القضاة. ومما يروى في هذا الصدد، أن وزير العدل الأسبق المستشار أحمد حسني الذي تقلد منصبه في خمسينيات القرن الماضي استقبل قاضيا أبلغه بأنه عرضت عليه رشوة لكنه رفضها. وحين سمع الرجل منه قصته فإنه أطرق لحظة ثم قال للقاضي إنه في هذه الحالة يجب أن يقدم استقالته من وظيفته. وإذ فوجئ القاضي بطلب الوزير فإنه سأله عن السبب الذي دعاه إلى ذلك، حينئذ قال المستشار أحمد حسني إنه حين يتوسم صاحب المصلحة أن القاضي يمكن أن يرتشي، فتلك سمعة أو شبهة تفرض عليه أن يترك منصبه حتى لا يظن غيره به ذلك إلى هذا المدى الحرص على نقاء صورة القاضي.
هذه الحساسية لم تكن مقصورة على موقف القضاة من أصحاب القضايا فحسب، ولكنها كانت أيضا قائمة في علاقة القضاة بالسلطة. فيذكر المستشار طارق البشري في كتابه عن القضاء المصري أن أباه المستشار عبد الفتاح البشري كان في عام 1948 رئيسا لإحدى دوائر الجنايات الثلاث بمحكمة القاهرة (الآخران كانا المستشار عبد اللطيف محمد والمستشار حسن فهمي بسيوني) وحينذاك اغتيل المستشار أحمد الخازندار وقررت الحكومة أن تقدم سيارة بحرس إلى كل واحد من أعضاء تلك الدوائر، لكن الأب المستشار عبد الفتاح البشري اتفق مع زميليه على رفض العرض. وقد سمعه ابنه طارق وهو يقول لهما على الهاتف: كيف تقرر لهم مزية لا تعمم على كل مستشاري المحكمة؟ وهل أمنهم هم أولى من أمن غيرهم؟ وكيف يسوغ أن يرى المتقاضون قاضيهم ينزل من السيارة المحروسة أمام المحكمة؟ وإن ظنوا بحق أنه خائف فكيف يطمئنون إلى قاضيهم وإلى حيدته وهم يرونه خائفا؟ أضاف إلى ذلك قوله إن شرعية القاضي عند الخصوم الماثلين أمامه أنهم يطمئنون إلى حياده وأنه سيَّان عنده حسبما يظهر له أنه الحق الحكم ضد هذا أو ضد ذاك، فهل يطمئنون إليه وهم يرونه خائفا ومحروسا؟
إن أكثر الذين يتحدثون عن حصانات القضاة هذه الأيام يفوتهم أن حصانة القاضي ضد الغواية من أهم ضمانات نزاهته واستقلاله. وهو ما يسوغ لي أن أطرح السؤال التالي: كم قاضيا يبقى في منصبه لو أننا طالبنا الذين تعرضوا للغواية أو الذين وقعوا فيها أن يقدموا استقالاتهم درءا للشبهة أو تطهيرا للسَّمعة؟
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.