عاش الشعب المصرى حالة من التردى الفكرى والثقافى لفترة طويلة تزيد على 60 عاماً لم يملك فيها القدرة عن التعبير عن ذاته، ولا مواجهة رؤسائه وحكامه.. بل كان أفراد الشعب يصفقون لحكامهم فى العلن ويلعنونهم فى الخفاء نتيجة التهميش والنفاق والشعور بالفقر والحاجة وانعدام المشاركة فى الحياة العامة أو صنع مستقبلهم. ومع تدنى مستوى التعليم والخطاب السياسى والثقافى والإعلامى انكفأ كل فرد منهم حول ذاته ومصالحه الشخصية، إما بوهم الرضا الكاذب عن حياته أو بالبحث عن لقمة العيش لسد رمق الأفواه الجائعة. وابتعد المصريون تماماً عن الخوض فى الحياة السياسية أو حتى فى المناقشات العامة بدافع الخوف على كل عزيز وغال حتى جاءت ثورة 25 يناير، لتنتشل المجتمع من مستوى التردى الفكرى إلى مستوى أكثر رقياً والتزاماً. ومع أن كل ثورة جديدة تظهر أفضل وأسوأ ما فيها.. فإن المشهد اختلف تماماً فى الثورة المصرية.. فقد فجرت كم المخزون المكبوت داخل المصريين بكل ما يحمل من أمراض ومشكلات مجتمعية لم يتعود عليها الشعب المصرى، لتراه فى صورة ثورة جديدة من المفردات اللفظية التى لم يقتصر تداولها على فئة بعينها، وإنما دبت فى أوصال المجتمع. فمع ضياع رأس الحكم الحالى وسرقة الأمل من قبل فصيل سياسى معين وهم الإخوان، ظهرت موجة جديدة من ثقافة التحدى والرفض والعناد.. واصطبغ الخطاب الثقافى بصبغة جديدة تحمل مفردات الطرف الثالث واللهو الخفى وسرقة الثورة والعدالة المفقودة والحكم الإخوانى وأخونة الدولة والبلطجية والمأجورين وأصحاب الأجندات، بالإضافة إلى فقدان ما كان يمتاز به الشعب المصرى، وهو احترام الكبير وتوقيره وأدب الحوار. وأصبح التنافس السياسى لا يعبر عن الاختلاف بقدر ما يعبر عن صراع سياسى يسعى كل طرف من الأطراف إلى توجيه أكبر كم من الأكاذيب والشائعات ضد الأطراف الأخرى. وقد استغل المنتقمون من المجتمع كل أساليب التهديد والترويع لتحقيق أهدافهم بالسطو على المجتمع بكل فئاته، من أجل تعويض حالة الحرمان التى عاشوها بلا تقديم أى دور إيجابى تجاه الدولة، ومن ثم اهتزت أركان الدولة وهيبتها. الدكتور عمار على حسن: الشعب يحتج على الفقر والجوع بأساليب مختلفة الدكتور عمار على حسن، الروائى والمحلل السياسى، قال: نحن نعيش حالة من الجيشان الثورى، فقد خرج كم المخزون اللفظى الذى كان مكبوتاً داخل المصريين المهمشين من سكان الأماكن الشعبية لينتقل من حيزالمسكوت عنه والمتوارى لأسباب أخلاقية أو فيما يتعلق بالحفاظ على الهيبة والمنظر، إلى مجال التداول العام بشكل واضح وصريح للطبقات الوسطى والعليا داخل المجتمع لتظهر بوضوح هذه المفردات بعد الانتفاضة الثورية. كما أصبح التنافس السياسى على السلطة لا يعبر عن مدى الاختلاف بقدر ما يرسم شكل الصراع الفكرى بين الأطراف بعضها بعضاً، وإنما المسئولية الأولى تقع على عاتق الإدارة السياسية التى كان لزاماً عليها وضع حلول حقيقية للمشكلات والأزمات التى تعانى منها البلاد. وأضاف أن الدكتور محمد مرسى يتجاهل مطالب الثورة ولم يحاول إيجاد حلول جذرية للمشاكل التى يعانى منها شعبه من أوضاع اقتصادية صعبة وارتفاع الأسعار وزيادة التضخم وتفشى البطالة وارتفاع معدلات الفقر، وكلها مسببات رئيسية تنعكس على الحالة النفسية والمزاجية العامة للموطنين وتؤثر على سلوكهم بالسلب، والنتيجة تولد حالة من الانفلات اللفظى المستمر بين الفعل ورد الفعل بين كل الأطراف محل النقاش، وإن كان يرى أنها مسألة لا تنتهى إلا بحل المشكلات المجتمعية. يرجع المحلل السياسى السبب فى وجود هذه الأزمة إلى الرئيس محمد مرسى باعتباره القدوة، معبراً عن استيائه من افتقاده للخبرة فى تعامله مع المواقف وجهله بمقام الرئاسة المصرية، فهو لم يستعد لتقلد مواقع رجال الدولة، ويظهر هذا بوضوح فى تصرفاته التلقائية وغير المسئولة التى تفتقد للكياسة واللياقة والرؤية التى تقول لكل مقام مقال، لاسيما أنه قدم نفسه على أنه بصير متدين ومع هذا يخرج ألفاظاً متدنية وأحياناً خادشة للحياء، سواء داخل مصر أو خارجها. ويفرق المحلل السياسى بين مواطنى المجتمعات الوسطى الأكثر هدوءاً واتزاناً وتسامحاً نتيجة لشعورهم بالأمان وتنحى الحقد جانباً حيال الآخرين، والمجتمعات النامية التى تقوم على الخوف ولديها متطلبات واحتياجاتها شديدة لابد من تلبيتها، فالجائع لابد أن ينظر إلى ما فى يد الآخر من طعام أو ثراء، فماذا ننتظر من جائع؟ المفكر كمال زاخر: مفردات «لا مؤاخذة» و«معلش» و«حقك علىّ» اختفت من القاموس المصرى نعانى الفقر والجهل والمرض منذ عهد «فاروق».. لكن المجتمع كان متمسكاً بالقيم والحوار الراقى كمال زاخر، المفكر والباحث، يقول: مصر منذ عهد الملك فاروق وهى تعانى 3 أشياء هى: الفقر والجهل والمرض. ومع هذا كان المجتمع يتمسك بالقيم والمفاهيم اللغوية الطيبة والحوار الراقى، وكان يطلق على اللغة فى العهد القديم أنها وعاء الفكر.. ولكن المشكلة الآن أصبحت ليس فى اللغة إنما فى الفكر، فالفكر المصرى ضرب من 3 مداخل أولها الجانب اللغوى الذى وقع، كما أن أجهزة الإعلام تفككت والتعليم الذى تم اختطافه حتى وصل إلى أدنى مراحله بسبب وسائل الدراما والتوك شو الهزلية التى جسدت المعانى والكلمات فى أسلوب مبتذل. وتخلل ذلك أيضاً فى لغة الصحافة التى لم تلتزم الآن فى معظمها بالقواعد اللغوية السليمة وسيطرت الحالة الشعبوية عليها، كما أننا لا يمكن أن نتجاهل الصراع السياسى الذى ساهم بشكل كبير فى تدنى لغة الحوار. وأضاف «زاخر»: هناك ألفاظ شعبية قديمة اختفت تماماً من القاموس المصرى الأصيل مثل: «لا مؤاخذة، معلش، حقك علىّ، سامحنى، شكراً، اتفضلى».. فهى كانت تعبر عن القيم المصرية البسيطة والمفهومة، ولكن تغيرت هذه الألفاظ جذرياً، حتى فقدنا الكثير من المفردات اللغوية والقيم المصرية الذى تربينا عليها، واتجهنا حالياً نحو استخدام اللغة المتدنية. وأحياناً عندما نرى شخصاً يتحدث باللغة العربية بشكل مقبول نقول الحمد لله.. فلم يصبح التعليم أداة لفهم وإتقان العلم أو اكتساب الثقافة والمهارات التعليمية وانعكاس ذلك يظهر فيما يحدث فى الشارع ولجوء البعض لتنحية القانون جانباً حتى فى الأزمات الطائفية وإحلال العرف فى الأعمال الإجرامية. ويواصل «زاخر»: نحن نحتاج إلى عودة القواعد الضابطة لسلوك الإنسان المصرى، فاللغة هى جزء من هذا السلوك. ووجه رسالة للمصريين، قائلاً: «تذكروا دائماً أنكم تنتمون لأرض أصيلة وحضارة تاريخية عريقة، وأنتم مسئولون أمام العالم عن توصيل هذا المعنى وهذه القيم المصرية الأصيلة للشعوب الأخرى، وطالب «زاخر» الحكومة بحث المصريين على المحافظة على بلدهم، وتجسيدهم فى الأعمال الدرامية والثقافية والحوارية والقنوات التعليمية، مع أهمية احترامنا لفكرة سيادة القانون. د. عزة كريم: الإعلام فقد أخلاقياته.. والمواطن هو الضحية الدكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، تقول: مصر تعيش نوعاً من أنواع الصراع بين القديم والجديد، وهذا الصراع فى الحقيقة يتولد عنه نوع من الانفعال وعدم القدرة على ضبط النفس، خاصة أن الصراع يحدث بين قوتين متعارضتين تماماً فى الفكر والرأى، وهذا التعارض يجعل الشعب إلى قسمين كل طرف تتبعه فئة معينة، ولكن فى الواقع دائماً الانفعال لا يجعلنا نتخير ألفاظنا دون الإساءة للطرف الآخر وهو ما يظهر فى شكل خروج الكثير من الألفاظ الجارحة والسباب والعراك والتصادم. وأوضحت الدكتورة «عزة» أن هناك أسباباً عديدة ساهمت فى انحطاط الأخلاق داخل المجتمع على رأسها الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، بخلاف استمرار الاعتصامات والمظاهرات، كل هذا جعل المجتمع غير مستقر، والمواطن أصبح يشعر بالضيق وهو بدوره يؤدى إلى انفعال غير متزن وهذا الانفعال يخرج المواطن عن حدود الأخلاق. وحملت الدكتورة «عزة» أجهزة الإعلام مسئولية استخدام الأساليب والمفردات الإعلامية السيئة التى تنتقل من خلال عرض الأفكار وتحديد الاتجاهات التى تبث فى نفوس الشعب معانى محددة تجعلها محور انتباههم، وعندما ننظر فى هذه الألفاظ نجدها مفردات إعلامية سمعت من مقدم البرنامج وبدأ الشعب يرددها، وقالت: الإعلام فقد أخلاقياته، نظراً لاستغلال الكثير من الإعلاميين لمهنتهم من أجل توجيه ضربات شرسة للبعض، والمواطن فى النهاية هو ضحية جميع الأطراف المتصارعة، وإنما من مصلحة الشعب أن يعيش فى استقرار. الإعلامى الكبير أمين البسيونى: الإعلام المنفلت يضعف ويجعل أخلاق الأمة سيئة أمين بسيونى، الإعلامى الكبير، يقول: هناك ظواهر سلبية جديدة بدأت تتحكم فى لغة الخطاب المرئى الموجه للمواطنين بسبب انتشار وسائل الإعلام المرئية من قنوات إعلامية خاصة معظمها «مشبوه».. وهذه القنوات الفضائية هدفها الربح، حيث تخصص لها مساحات وقتية أكبر لعرض محتوى ما يريد صاحب القناة توصيله للمواطن دون رقابة على ما تقدمه هذه البرامج أو مضمون موضوعاتها، بالإضافة إلى الإعلام الحكومى «المحكوم» فيما يقدم من برامج لكونه تابعاً للدولة والسلطة الحاكمة، هذا بخلاف الوسائل الأخرى المسموعة كالراديو والصحافة والإنترنت، كل هذه الوسائل يحمل معظمها العديد من الملوثات السمعية فى مضمونما تقدمه للمتلقى، فدائرة حصول المواطن على وسائل المعرفة، اتسعت ودخلت عليها متغيرات اتجهت للأسوأ فى شكل ما تقدمه من مفردات لفظية جديدة ومتنوعة بلا ضابط أو رابط، على حد قوله، وهذا بالتأكيد يؤثر على من يقوم بمتابعة ورؤية هذا المحتوى الذى يقدم للوطن أو المنطقة العربية بأكملها. وأكد أن المسئولية الأولى تقع على عاتق الإعلاميين باعتبارهم أداة مخاطبة المسئولين، فإذا كان الإعلام منفلتاً تضعف وتسوء أخلاق الأمة. ويوجه «بسيونى» دعوة صريحة للإعلاميين بأن يحافظوا على أمانة الكلمة والمسئولية، وهذا يتطلب أهمية قياس الآثار المترتبة التى ستعود على متلقى المعلومة من الندوات أو النقاشات الحوارية فهم يقدمونه أمام الله والوطن. د. محمود خليل: إذا كان «رب البيت» بالدف ضارباً فشيمة «أهل البيت» الرقص الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، يقول: من الطبيعى أن يفسد المجتمع بعد تلك اللخبطة والارتباك التى حدثت بعد الثورة، وهذا نتاج لما عاش فيه المصريون خلال ما يزيد على 60 عاماً من الكبت والقهر الذى كان يمارس ضدهم بشكل منظم، حتى أصبح كل المصريون «منمطين» و«معلبين» فى أطر معينة يقدسون الرأى نفسه ويتحدثون باللغة ذاتها دون وجود أى تباينات تعكس الاختلافات فى الرؤى والتوجهات فيما بينهم. ومع قيام ثورة 25 يناير لمواجهة فكرة القمع.. كانت أول قوة واجهتهم الثورة هى أجهزة الشرطة التى كانت تلعب دور أداة القمع للنظام المخلوع، ثم بعدها وجدنا المصريين ينطلقون على مختلف المستويات السياسية وحرية الرأى والتعبير وعلى مستوى اللغة، حتى سقطت العديد من المقدسات والرموز التى كان يحتاط فيما سبق عند الحديث عنها. فمثلاً كنا نتحدث عن مقام الرئاسة فى العهد السابق ولكن بعد قيام الثورة لم يكن لهذا المصطلح معنى، لأن الشعب ثار ضد الرئيس حتى أسقطه ولم يكتف بذلك بل أدخله السجن أيضاً. كما وجدنا القوى السياسية المختلفة تستخدم سلاح اللغة فيما يمكن أن نسميه ب«وصلات الردح» فيما بينها، ففى البداية هتفت ضد العسكر، ثم بعد ذلك بدأت اللعبة تتم بصورة مختلفة حين بدأ المجلس العسكرى بالتعاون مع الإخوان يوظف الإعلام الرسمى بهدف «شيطنة الثورة»، فبدأت مصطلحات تطفو على السطح مثل البلطجة والمأجورين وأصحاب الأجندات. ثم عندما اعتلى الرئيس سدة الحكم فى مصر وبدأت الأمور تزيد ارتباكاً على ما كنا نعانيه فى الفترة الانتقالية من ارتباك وتخبط بسبب قرارات مؤسسة الرئاسة غير المدروسة. وأضاف، فى صيغة استنكارية، أن الرئيس نفسه لا يحتاط فيما يستخدم من ألفاظ فى خطاباته التى تحتشد بالعديد من المفردات التى يمكن أن نسجل عليها قدراً كبيراً من التحفظ بحديثه عن «الحارة المزنوقة» و«اثنين ثلاثة طالعين من الشقوق» ثم بعدها يتحدث عن «القرد والقرداتى والحاوى» و«صبعين ثلاثة» يلعبون فى مصر أمام مجموعة من التجمع النسائى.. كل هذه المفردات والمصطلحات تعبر عن نوع من الفوضى اللفظية من جانب رب البيت بما لا يراعى الذوق والآداب العامة، مؤكداً أنه إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص. الدكتور على ليلة أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: المصريون بعد الثورة أصبحوا أحراراً بلا حدود.. والرئيس شريك فيما يصدر من إساءة أو تجريح الدكتور على ليلة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، يقول: هناك العديد من العوامل التى أدت إلى ظهور مستجدات لغوية جديدة تتجه نحو لغة العيب فهذا نتيجة طبيعية لما عاشه المصريون ومن معاناة وكبت وإحباط شديدين بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية طوال الأعوام السابقة، ولكن بعد حدوث ثورة 25 يناير رفع الغطاء عن إناء كان مكتوماً، ويغلى، واستبدلنا بحالة الكبت الكامل الانفتاح الكامل بشكل أو بآخر.. فأصبح المصريون يعبرون عن أنفسهم وعن أوضاع مجتمعهم مستخدمين لغة أكثر صراحة وجرأة نتيجة إحساسهم بأن أصبحوا أحراراً بلا حدود. وأضاف الدكتور «ليلة» أننا نشعر حالياً بحالة من الفوضى اللغوية التى تظهر فى أسلوب الصوت العالى والسباب والشتائم، وهذا يشير إلى أنه كلما يشعر الإنسان بالألم يبدأ صوته يعلو، وذلك يدل على أن حياته ليست مشبعة، لأن القاعدة العلمية تقول عندما يتوافر للإنسان حياة هادئة ومشبعة ينتقى ألفاظه ويفكر فيما يقوله، إنما نجد معظم الشباب يتحدثون مع بعض مستخدمين كلمات ومفاهيم غريبة وأحياناً غير معروفة للآخرين، وهذا متعارف عليه فى كل بلاد العالم ولكن استخدامه شريطة ألا يخدش حياء الآخر ولكنها تعبر بوضوح عن فجوة الأجيال المختلفة. ويوضح الدكتور «ليلة» أنه بمجرد وضوح الطريق أمام الإنسان وإشباع متطلباته واحتياجاته ومع استقرار الحالة الثورية فى المجتمع ستنتهى كل هذه الانتهاكات والتجاوزات، وهذا يتطلب التزام القدوة وهو رئيس الدولة بالذوق والآداب العامة ومظاهر البروتوكولات ومن ثم انتقاء ألفاظه بشكل دقيق لتكون معبرة عما يقصد والابتعاد عن استخدام الأسلوب اللغوى الهزيل والإيحاءات والإشارات التى تخدش الحياء العام الذى عادة ما يصدر عنه أثناء خطبه أمثال: «وقعت فى ركابكم» و«الحارة المزنوقة» و«الصوابع». د. أحمد يحيى عبدالحميد: المشاكل.. صناعة إخوانية الدكتور أحمد يحيى عبدالحميد، المفكر والباحث فى علم الاجتماع السياسى، يقول: عاش المصريون فترة طويلة من التحريف الفكرى دون أن يكونوا مساهمين أو مشاركين فى صنع حاضرهم وبناء مستقبلهم، وانشغل الجميع بمحاولة البحث عن أوضاعه المعيشية والمادية لمواجهة متطلبات الحياة وكان أبعد ما يكون عن الحوار السياسى، فقد غابت هيبة الدولة مع انكسار الشرطة، وغابت كرامة المواطن مع فساد الحياة الإدارية، وغاب الخطاب الثقافى المعتدل مع فساد الحياة السياسية التى تمارسها جماعة الإخوان فى كل جوانب الحياة، ومن هنا ظهرت مفردات وسلوكيات جديدة كلها تعبر عن حالة الانفلات والضياع والتوتر والخوف من الماضى وفقدان الأمل من المستقبل. وأضاف الدكتور «عبدالحميد» أن أى شعب يفقد الإحساس بقيمته وكرامته والشعور بالأمان فى حياته ومستقبله نتوقع منه أكثر من ذلك، والمسئولية الأولى تقع على عاتق الإدارة السياسية التى كان لزاماً عليها حل المشكلات ومعالجة الأزمات ولا تكون هى جزءاً منها، وغالباً تكون المشكلات صناعة إخوانية. ويوضح الدكتور «عبدالحميد» أن حلول هذه الظاهرة فى أن يفهم المجتمع أننا كلنا نضع تحت المسئولية مواجهة هذا الواقع المتردى ورفض أخونة الدولة أو السيطرة عليها، كما يسعى الإخوان من خلال دستور معيب وقوانين سيئة السمعة، وحالة من التردى الثقافى والإعلامى والأخلاقى تسود الشارع المصرى بل وصلت إلى الأسرة المصرية. حاتم زكريا الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب: الأمل لايزال باقياً حاتم زكريا، الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب، يقول: منذ قيام الانتفاضة الشعبية، وظهرت ثقافة التحدى فى شكل تجاوزات فى السلوك أو إطلاق ألفاظ غريبة على أخلاقنا وتقاليد وثوابت مجتمعنا العريق، من فقدان توقير واحترام الكبير وأدب الحوار، وعدم اعتراض طريق السيدات فى الشوارع، كل هذه نماذج شاذة يرفضها المجتمع شكلاً ومضموناً، مؤكداً أنه إذا صلحت الأخلاق والسلوك صلحت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى المجتمع، لأن السلوك الغريب أو الأخلاق المنعدمة هى انعكاس طبيعى لوجود مشاكل وأزمات داخل أى مجتمع.