رغم أن مصر الرسمية تعرف كل المخاطر التي تهددها بسبب مشروع سد النهضة الاثيوبي، والتي شرحتها علي مدي الأيام الماضية.. إلا أنها لم تأخذ خطوة ايجابية واحدة.. لتواجه هذه المخاطر!! وإذا كنا لا ندق طبول الحرب بين مصر واثيوبيا.. إلا أننا يجب الا نتهاون في حقوق مصر والمصريين.. وهنا نعترف بأن مصر واثيوبيا تتنافسان علي زعامة القارة الإفريقية، ومنذ آلاف السنين، وليس سراً أن مصر خاضت غمار حربين كبيرتين ضد اثيوبيا في القرن 19، وبالذات أيام الخديو اسماعيل.. وكان ذلك بين عامي 1875 و 1876، إذ إن اسماعيل بعد أن نجح في توسيع سلطات مصر علي قلب القارة الإفريقية، وبالذات في منابع النيل الاستوائية.. أراد أن يتوسع في مناطق النيل الحبشية.. ولكن لأن الجيش المصري لم يتعود علي القتال في المناطق الجبلية فإنه لم ينجح في تحقيق أغراضه لبسط نفوذ مصر علي منابع النيل كلها، الشرقي حيث اثيوبيا.. والغربي حيث بحيرة فيكتوريا.. ونحن لا نفتح جراح الماضي.. ويجب ألا نلجأ إلي الحرب والعنف.. ولكننا نجد أن علينا أن نسلك كل الطرق الدبلوماسية.. للمحافظة علي حقوق مصر.. وللاسف فإن اثيوبيا - الحبشة قديماً - لا تعترف بهذه الحقوق ولا بأي اتفاقية لتوزيع مياه النيل.. وتري ان مصر تحصل علي الحصة الأكبر من هذه المياه بينما هي ليست بحاجة إلي هذه المياه بحكم حجم مياه الامطار التي تسقط علي أراضيها حتي أننا نطلق عليها «بلاد النافورة المتدفقة» أو نافورة إفريقيا.. ونعترف بأن السودان إن كان معنياً كثيراً بما يحدث في إثيوبيا لأنه - هو الاخر - مكفي علي مشاكله الداخلية من حصول الجنوب علي استقلاله إلي الحركات الثورية في الغرب حيث دارفور.. وفي الوسط حيث كردفان فإن السودان يجب أن يعرف أنه أول ضحايا مشروع السدود الأثيوبية.. لأن سد النهضة لو انهار فسوف تجتاح مياهه سد الروصيرص وسنار وتدمرهما تماماً.. وسوف تتعرض الخرطوم - العاصمة - إلي مخاطر فيضان رهيب يدمرها.. ولكن ربما ينتظر السودان أن يستفيد من هذه المشروعات بحصوله علي كهرباء رخيصة من سد النهضة بالذات.. ولنا أن نتخيل فيضاناً من النيل الأزرق يندفع من سد النهضة إذا أصابه ضرر واندفاع كمية من مياه هذا النيل مقدراها 75 مليار متر مكعب سوف تدمر الأخضر واليابس داخل شرق السودان.. ثم في جنوب مصر يسبب أضراراً للسد العالي داخل مصر.. وإذا كان من الصعب الآن أن نوقف استمرار بناء سد النهضة.. فإن علينا أن نقلل من مخاطر هذا السد.. بأن ندرس جيداً أساسات هذا السد ونحدد مخاطره وبالذات تجاه ما يقوله علماء الجيولوجيا عن الفالق الزلزالي الذي يمر أسفل منطقة بناء السد.. وأن تستفيد اثيوبيا من الخبرة المصرية في بناء السدود العملاقة.. وأن نقنع الحكومة الاثيوبية بمد فترة تعبئة الخزان لأطول مدة ممكنة حتي لا يحدث أي جفاف كبير في حجم المياه القادمة لمصر من هذا النيل الأزرق، الذي يوفر لمصر حوالي 85٪ من حصتها من النيل.. لأن الباقي وهو 15٪ يأتي من المناطق الاستوائية أي النيل الابيض وروافده.. وإذا كانت مصر - بسبب السد الأثيوبي - سوف تفقد وبالذات في فترة ملء بحيرة هذا السد - كميات هائلة من مياه النيل الازرق.. فإن ذلك سيؤدي أيضاً إلي نقص الكهرباء المنتجة من محطة كهرباء السد العالي ومحطة كهرباء خزان أسوان وتصل نسبة الخفض إلي ربع كمية الكهرباء المنتجة من هذه المحطات.. لأن هذه المحطات تعطي كهرباء من ناتج سقوط كميات المياه علي توربينات التوليد.. أي الانتاج يرتبط بكمية المياه.. ونعترف بأن من أهم أخطاء نظام الحكم السابق هو تدني علاقات مصر مع دول القارة الإفريقية.. حتي اننا وجدنا 8 دول من حوض النيل «الشرقي والغربي» توافق علي اتفاقية عنتيبي في «اوغندا» وتصدق عليها برلمانات هذه الدول بينما لم يقف معنا إلا السودان بقسميه الشمالي والجنوبي، وإذا دخلت مصر مع دول حوض النيل في مواجهة سياسية أو دبلوماسية أو غيرهم فلن تجد مصر دولة واحدة تقف معنا، ليس فقط من هذه الدول.. ولكن أيضاً من باقي دول القارة الإفريقية. وإذا كان ذلك بسبب سوء سياسة مصر السابقة مع إفريقيا.. فلماذا لا تتحرك القاهرة - بعد ثورة يناير 2011 - لكي تعود لإفريقيا ويكون التعاون والتفاهم هو أساس سياستها.. علي الأقل لحماية حقوقنا المائية.. لأن الماء هو الحياة.. هل هذا صعب .. أم أن التعاون من دول إفريقيا وأكثرها دول مسيحية نوع من الكفر وعلينا كما يقول حكام مصر الان من الإخوان ومن السلفيين أن نتعامل معهم بحد.. السيف؟!