كثير من التوصيات لم تنفذ.. وأمريكا لم تف بوعودها كاملة قمة شرم الشيخ 27 تعنى أن هناك 26 قمة مناخ أخرى لم تسفر عن نتائج ملموسة، وأن العالم بدأ الآن يدرك حجم المخاطر التى ستحيط بكوكب الأرض، ومن عليه خلال السنوات المقبلة، إذ مع كل قمة عُقدت على مدار الأعوام السابقة، يبقى السؤال المطروح: هل زال غبار تحذيرات القمم السابقة، وأيقنت دول العالم أنها أمام منعطف خطير لا بد من مواجهته بالتكاتف؟، لذلك يجتمع العالم اليوم فى مدينة شرم الشيخ لمحاولة أخذ تعهدات بالالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية، والحفاظ على درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، وإلا سيكون الدمار هو عنوان المرحلة المقبلة. تاريخ القمم السابقة من ريو دى جانيرو إلى قمة جلاسكو، طالما أصدر توصيات وتحذيرات، ولكن إلى أى مدى التزمت دول العالم بهذه التحذيرات. ريو دى جانيرو 1992 فى عام 1990، اجتمعت الأممالمتحدة فى لندن، وخلصت إلى أن زيادة مستويات الغازات الدفيئة رفعت درجة حرارة الأرض، أما فى ريو دى جانيرو فى عام 1992، وتحديدًا فى الفترة من 3 إلى 14 يونيو، فشملت أول إجراءً رسميًا إذ وقعت الدول المشاركة على اتفاقية إطارية فى «قمة الأرض» للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وكان الهدف الأساسى لقمة الأرض هو وضع جدول أعمال واسع ومخطط جديد للعمل الدولى بشأن قضايا البيئة والتنمية التى من شأنها أن تساعد فى توجيه التعاون الدولى وسياسة التنمية فى القرن ال 21. وحققت «قمة الأرض» الكثير من الإنجازات: إعلان ريو ومبادئه العالمية ال 27، واتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية التنوع البيولوجي، وإعلان مبادئ إدارة الغابات. كما أدت «قمة الأرض» إلى إنشاء لجنة التنمية المستدامة، وعقد المؤتمر العالمى الأول للتنمية المستدامة للدول الجزرية الصغيرة النامية فى عام 1994. وأصدرت جميع الدول التى حضرت المؤتمر قرارًا يلزمها «بالحفاظ على الموارد البحرية الحية واستخدامها المستدام فى أعالى البحار»، وحددت القمة المحيطات كهدف لحماية البيئة فى التسعينيات، ويُلزم جدول أعمال القرن 21 الدول بإجراء أبحاث تعاونية طويلة الأجل لتحسين جودة المعلومات المتعلقة بالمحيطات وبالتالى تحسين إدارتها الفعالة. كيوتو 1997 اعتمد بروتوكول كيوتو فى 11 ديسمبر 1997، إلا أنه دخل حيز التنفيذ فى فبراير 2015، وحاليًا يوجد فقط 192 طرفًا فى هذا البروتوكول، ويعمل على تفعيل اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. والاتفاقية الإطارية التى يعمل عليها بروتوكول كيوتو تُلزم البلدان الصناعية والاقتصادات التى تمر بمرحلة انتقالية بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى وخفضها، وفقًا للأهداف الفردية المتفق عليها. إلا أن هذا البروتوكول عليه أزمة كبيرة، لأنه يُلزم البلدان المتقدمة فقط، ويضع عبئًا ثقيلًا عليها بموجب مبدأ «المسئولية المشتركة المتباينة والقدرات الخاصة»، لأنه يعترف بأنها مسئولة إلى حد كبير عن المستويات العالية الحالية لانبعاثات غازات الكربون فى الغلاف الجوى. ويحدد البروتوكول أهدافًا ملزمة لخفض الانبعاثات ل37 دولة صناعية واقتصادات تمر بمرحلة انتقالية والاتحاد الأوروبى، فى ذلك الوقت، وتضيف هذه الأهداف ما يصل متوسط خفض الانبعاثات بنسبة 5 بالمئة مقارنة بمستويات عام 1990 خلال فترة الخمس سنوات 2008-2012. وفى 8 ديسمبر 2012، تم اعتماد تعديل إحدى الدول العربية لبروتوكول كيوتو لفترة التزام ثانية، تبدأ فى 2013 وتستمر حتى عام 2020، ومع ذلك، لم يدخل التعديل حيز التنفيذ بعد، وشمل التعديل التزامات جديدة للأطراف المدرجة لبروتوكول كيوتو الذين وافقوا على تحمل التزامات فى فترة التزام ثانية من يناير 2013 إلى ديسمبر 2020، وخلال فترة الالتزام الثانية، التزمت الأطراف بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 18 بالمئة على الأقل دون مستويات عام 1990 فى فترة الثمانى سنوات من 2013 إلى 2020. وبحسب تقرير الأممالمتحدة، فإن الأطراف الموقعة على الالتزام معنية بالإبلاغ عن طريق تقديم قوائم الجرد السنوية للانبعاثات والتقارير الوطنية بموجب البروتوكول على فترات منتظمة. اتفاقية باريس 2015 كل ما سبق هو الذى أدى إلى اتفاقية باريس 2015، التى نجحت لأول مرة فى الحصول على اتفاق عالمى بشأن المناخ، الاتفاق أتى بعد مفاوضات عُقدت أثناء مؤتمر الأممالمتحدة 21 للتغير المناخى فى باريس، الذى اعتبرته الدول الأوروبية اتفاقًا مناسبًا ومتوازنًا وملزمًا قانونيًا. اللافت فى هذا الاتفاق هو تصديق كل وفود الدول ال195 الحاضرة المؤتمر على الاتفاق، وهو ما لم يحدث من قبل، ووضعت كحد أدنى قيمة 100 مليار دولار أميركى كمساعدات مناخية للدول النامية سنويًا، وسيتم إعادة النظر فى هذا المبلغ فى 2025 على أقصى تقدير. إلا أن أغلب التقارير والاستطلاعات تشير إلى أنه منذ 2015 لم تف الولاياتالمتحدة بوعودها سوى ب80 مليار دولار فقط، وهناك تقديرات تشير إلى أقل من ذلك. وتتمثل إحدى نقاط الضعف الرئيسية فى اتفاقية باريس فى أنها غير ملزمة، ووجدت دراسة حديثة أنه حتى لو أوفت جميع البلدان بالتزاماتها فلن يكف الحد من الاحترار إلى أقل من 2 درجة مئوية، بحسب موقع الأممالمتحدة. وترى محللة الطاقة والمناخ المشاركة فى Goldwyn Global Strategies، أندريا كلابو، أن الولاياتالمتحدة تسببت فى نقص التمويل، إذ سبق أن تعهدت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما بتقديم 3 مليارات دولار لصندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة، إلا أن مساهمتها اقتصرت على مليار دولار فقط قبل نهاية رئاسة أوباما. وأضافت فى مذكرة بحثية، أن إدارة الرئيس جو بايدن فشلت أيضًا فى تحقيق المساهمات بعد استبعاد 8.6 مليار دولار كانت مخصصة للصندوق، مشيرة إلى أن قانون الحد من التضخم المقدر ب370 مليار دولار لمواجهة تحديات المناخ والتضخم سيقتصر أثره على الداخل الأمريكى. وتشير كلابو إلى أنه من الصعب على أى إدارة رئاسية أو كونغرس تخصيص أموال للمساعدة الدولية للمناخ، لكن الأصعب بشكل خاص القيام بذلك هذا العام، إذ لا يزال الجميع غارقًا فى أزمة طاقة عالمية واقتصاد متراجع وتضخم على إثر الأزمة الأوكرانية. ومنذ مؤتمر عام 1972، الذى استضافته ستوكهولم فى السويد، حول البيئة البشرية، الذى حضره 113 مندوبًا ورئيسا دولتين، كانت هناك الكثير من الاتفاقيات البيئية الدولية، وتشمل هذه الاتفاقية جودة مياه البحيرات العظمى لعام 1978، واتفاقية جنيف لعام 1979 بشأن التلوث الجوى بعيد المدى عبر الحدود، واتفاقية هلسنكى لعام 1985 (التى أدت لالتزام 21 دولة لخفض انبعاثات ثانى أكسيد الكبريت)، وبروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون لعام 1988، واتفاقية بازل لعام 1989 بشأن نقل النفايات الخطرة عبر الحدود، وكان هذا النوع من التعاون الدولى هو ما سعى إليه مؤتمر ريو عام 1992، ولكن على نطاق أوسع.