لم أعد أصدق المسئولين حول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، 3 مواعيد حددتها الحكومة للاتفاق النهائي مع الصندوق، كان الميعاد الأول في منتصف نوفمبر الماضي، والثاني في أول يناير من العام الجاري، والثالث أعلنه وزير التخطيط والتعاون الدولي أول الأسبوع الماضي، حدد الوزير فترة أسبوعين يتم بعدها توقيع العقد مع صندوق النقد، لاقتراض 4.8 مليار دولار، وأعلن وقتها السفير علاء الحديدي المتحدث باسم الحكومة أن مصر مستمرة في الإصلاح الاقتصادي دون ضغوط من صندوق النقد أو من غيره، وأثلجت هذه التصريحات صدور المصريين، ودلت علي قوة مصر وعزتها وعدم قبوله أي ضغوط من أحد، ولم يمر سوي 48 ساعة، حتي سمعنا أنباء عن عزم المجموعة الفنية للصندوق عن مغادرة القاهرة إلي واشنطن، بعد جولة استمرت 12 يوماً اطلعت خلالها علي ملفات الإصلاح الاقتصادي، وزارت البنك المركزي ووزارتي المالية والتخطيط ومجلس الوزراء وعدداً من رموز القوي السياسية، والتي أبدت موافقتها علي القرض بضوابط تم إبلاغها لبعثة الصندوق.. إلي هنا الأمور علي ما يرام، حتي خرج تصريح خطير لكريستين لاجارد رئيسة الصندوق الدولي، اعترفت فيه بأن الصندوق لم يتوصل إلي حل مع مصر، وأن هناك حاجة إلي مزيد من العمل مع مصر في هذا الشأن.. هذا التصريح الجامع المانع كشف كذب المسئولين، وكشف حقيقة ما حدث مع القوي السياسية ووفد الصندوق، وتبين أن قوي المعارضة وافقت علي القرض دون شروط من الصندوق، وهو ما يتحفظ عليه الصندوق، وأتصور أن الصندوق احترم رغبة القوي السياسية ولم يحترم رغبة المسئولين، في الحصول علي القرض دون إصلاحات طلبها الصندوق. ونحن هنا أمام علامات استفهام كبيرة، أبرزها استمرار مسلسل التصريحات «الفشنك» من المسئولين، وخداعهم للشعب المصري من خلال الإيحاء بقرب الاتفاق الوشيك مع الصندوق، وأن كل شيء علي ما يرام، بل هناك من حدد المواعيد للاتفاق النهائي، ولا أدري علي من يضحكون، علي الصندوق أم علي الشعب؟ يا تري ما موقف الوزراء المصريين الموجودين في واشنطن، هل شعروا بالإحراج وخيبة الأمل، علي خسارتهم في المفاوضات، وهل عادوا إلي مصر وهم يجرون أذيال الإحباط والتعثر، بسبب هذا القرض الذي أهاننا نحن كمصريين. يبدو أن النحس الحكومي، انسحب علي ما قبل وما بعد القرض، عشرات البعثات التي تأتي من الصندوق والتي تذهب إلي مقره في واشنطن، من ينفق عليها ومن يمولها هل تخصم من القرض، أم تمول من الحكومة والبنك من حسابات بعيدة عن القرض؟.. نريد أن نتأكد أن القرض الميمون إذا جاء لم يخصم منه شيء، ولا نريد أن نصحو علي كارثة تتمثل في أن يصل القرض بعد خصم مصروفات وبدلات البعثات التي تأتي من هنا وهناك. نتجه إلي نقطة أخري قريبة مما نتحدث عنه، وتتعلق بحجم وقيمة الأموال التي حصلت عليها الحكومة مؤخراً، من يحاسب الحكومة؟.. ما قيمة الأموال التي دخلت خزينة الدولة في عهد الحكومة الحالية؟.. الأسبوع الماضي فقط حصلت مصر علي ما يعادل 5 مليارات جنيه، من دولتي قطر وليبيا، ومن قبل ذلك حصلت الحكومة علي أموال أخري سواء منحاً أو قروضاً، أو موارد سيادية للدولة، أين أنفقت هذه الأموال.. وعدد الأموال التي أنفقت.. ومن يراجع بيانات الحكومة.. أين مجلس الشوري؟.. لم نسمع عن أي استجواب أو حتي طلب إحاطة، أقول لنواب الشوري أين أنتم.. ولماذا لا تراقبون أداء الحكومة؟.. وهل تعلمون أن هذه الحكومة مشغولة بالسلف والاستدانة، ولا يشغلها ما يحدث في الشارع من فوضي واضطراب، بل هي مشغولة بالاقتراض، ولأنها لم تسدد مليماً واحداً مما تستدينه، فهي تنفق الأموال بلا رقابة. واسمحوا لي بالقول إن هذه الحكومة غير قادرة علي تحمل المسئولية، وهي آخر من يتأثر بالأحداث، د. هشام قنديل رئيس الوزراء يعقد اجتماعات بعيدة عن أحداث الشارع، مثلاً يوم الخميس الماضي، وقبل أحداث الجمعة الماضي، وبدلاً من لقاء وزير الداخلية وباقي أعضاء لجنة الأزمة، التقي سيادته بوزراء البيئة العرب، واستعرض قضايا البيئة، في عدد من الدول العربية، ونسي استعراض حالة البيئة المتردية في مصر.. نأمل السلامة لمصر.