سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بدء جولة جديدة من مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولى اقتصاديون وسياسيون توقعوا الفشل
الأوضاع تحمل رسائل سلبية والتخطيط يحذر من مخاطر اقتصادية جسيمة فى حالة الفشل
بدأت أمس الحكومة المصرية مفاوضاتها مع بعثة صندوق النقد الدولى رسميا بعد وصولها إلى القاهرة للاطلاع على برنامج الحكومة المعدل حول الإصلاح الاقتصادى والمالى وخفض عجز الموازنة العامة للدولة والاجراءات التى اتخذتها الحكومة أو فى سبيلها لتطبيقها من ضرائب أو الإلغاء للدعم خاصة دعم السلع البترولية وتطلع بعثة الصندوق على مدى التوافق المجتمعى على برنامج الحكومة والوضع السياسى الراهن الذى تشهده البلاد تمهيدا لعرض نتائج الجولة الراهنة على مجلس إدارة الصندوق فى واشنطن للبت النهائى فيه. ويشير الكثير من الدوائر الاقتصادية والسياسية إلى أن الاوضاع المصرية حاليا تحمل رسائل سلبية للمجتمع الدولى وقد تكون عائقا أمام حصول مصر على القرض الذى طلبته وتبلغ قيمته 4.8 مليار دولار. وقد حذرت وزارة التخطيط والتعاون الدولى من صعوبة موقف الاقتصاد المصرى فى حالة عدم الحصول على قرض الصندوق أو عدم اتخاذ أى إجراءات للتعامل مع الموقف الراهن. وقال الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط والتعاون الدولى إن الاقتصاد المصرى سيواجه مخاطر جسيمة من جهة تفاقم مشكلة البطالة وعدم وجود استثمارات أو فوائض مالية اللازمة للتشغيل كما سوف ترتفع تكلفة التمويل المحلى وبالتالى سوف ترتفع معدلات التضخم فى الاسعار بجانب مزيد من الضغوط على الموازنة العامة للدولة وضغوط هائلة على احتياطى النقد الاجنبى وقد ينتج عن ذلك التحول من التكلفة المرتفعة الى مرحلة الندرة فى الموارد المالية والاقتصادية خاصة مع توقف التدفقات المالية من الخارج. وقال الوزير إنه فى حالة عدم الحصول على القرض بسبب حالة الانقسام السياسى الراهن فإنه سوف تصبح لدينا مشكلة فى مصر سوف نشيله كلنا كمصريين وأشار الى أنه فى جميع الأحوال سيتحتم التدخل بإجراءات وإصلاحات هيكلية لإعادة تصحيح المسار الاقتصادى إلا أنه سيكون بتكلفة أعلى بكثير مع مرور الوقت وزيادة حدة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتشابكها ويعنى ذلك فى الوقت الراهن أن الموقف أصبح يملى على الحكومة والشعب المضى فى تنفيذ برنامج متكامل للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى وأنه لم يعد هناك خيارات مع استنفاد قدر كبير من المساعدات الأجنبية التى وصلت الى مصر ولم يصاحبها بوادر لاستعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى نتيجة انتظار المستثمرين المصريين والأجانب لعلامات محددة حول استقرار الوضع السياسى والأمنى فى البلاد وتنفيذ برنامج يضمن الاستقرار فى المدى المتوسط والبعيد. الدكتور محمد البرادعى رئيس حزب الدستور ومنسق جبهة الإنقاذ غرد فى حسابه على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»: أن مصر لن تحصل على القرض بدون توافق وطنى. وأكد اقتصاديون أن حالة الانقسام السياسى الراهنة قد تعوق فرص منح الصندوق للقرض المطلوب مؤكدين أن المؤسسات التمويل الدولية قبل أن تقدم مساعدة طبقا لمعايرها لابد أن يكون هناك توافق سياسى بين الاتجاهات المختلفة وحوار مجتمعى حقيقى بين أطياف المجتمع قبل تقديم أى مساعدات وأن تكون البرامج الاقتصادية لهذه الدول مبنية على أساس التوافق السياسى والمجتمعى وأن تراعى فى نفس الوقت محدودى الدخل ولابد أن توافق عليه برلمانات الدول لتكون الحكومة والقوى السياسية وممثلو الشعب متوافقين وهو ما أكده الدكتور نبيل حشاد الخبير الاقتصادى الدولى والدكتور فخر الفقى المستشار السابق فى صندوق النقد الدولى. وقال الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب الخبير الاقتصادي إن مصر في حاجة ماسة إلي قرض الصندوق من أجل إرسال رسالة إلي العالم بأن الاقتصاد المصري بخير وقادر علي النمو، كما أن مصر عضو مؤسس في الصندوق ولها كل الحق في الحصول علي كافة أنواع المساندة التي يقدمها الصندوق ومنها الاقتراض. وقال إن اللجوء الى الاقتراض من الصندوق فى الوقت الحالى يختلف كثيرا عما كان يحدث فى الماضى لافتا الى أن الصندوق هو الذى عرض على مصر تقديم المساعدة بعد ثورة يناير قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار بفائدة 1.1%. موضحا أن الانقسام السياسى الحالى قد يضع صعوبات على منح القرض المطلوب ومن الممكن أن يقبل الصندوق بمبلغ أقل خاصة أن مؤسسات التصنيف الدولية ومن أهمها «موديز» قد قامت بخفض جديد لمصر لتهبط ضمن المجموعة «سى 3» وهى ذات المخاطر الأعلى فى الاستثمار والائتمان وغيره وهذا بالطبع سوف يؤثر على موقف مصر التفاوضى للحصول على القرض بشروط أفضل. الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الأسبق أشار الى ان الاقتصاد المصرى يمر بمرحلة قاسية فى الوقت الراهن، أهمها نقص شديد فى السيولة النقدية. ويرجع ذلك إلى سياسات عديدة، لعل أهمها العجز المستمر فى الموازنة العامة والذى يزيد وتزداد أعباؤه من سنة إلى أخرى. لقد قدر بحوالى 134 مليار جنيه فى الموازنة العامة 2011 /2012 وارتفع فى موازنة 2012 /2013 ليصل الى 170 مليار جنيه بزيادة قدرها 46 مليار جنيه عن موازنة عام 2011 /2013 أى بنسبة 26.8%. وتوقعات بأن يصل الى 214 مليار جنيه بنهاية يونيو القادم وهى أوضاع خطيرة وهذه الزيادة جاءت بسبب استمرار حالة الانفلات الأمنى وضغوط المطالب الفئوية، وتعطل حركة الإنتاج نتيجة تدنى الاستثمارات، وعدم انضباط عنصر العمل وضعف معدلات إنتاجيته، وانخفاض الائتمان المتاح للقطاعين العام والخاص نتيجة توجيه ودائع البنوك لشراء أذونات الخزانة التى تصدرها الحكومة لسد العجز وبالتالى فإن القرض له أهميته ولكن يجب على الحكومة المصرية إقناع الصندوق ببرنامج جاد وأن يكون هناك توافق مجتمعى عليه من كل الأطراف سواء من فى الحكم أو من فى المعارضة.