وقفت بجوار عم عسل بائع البطاطا الذي اعتدت ان أشترى منه قطعة ساخنة بنار الفرن في أيام الشتاء حيث يعسكر على ناصية شارعنا.كان الرجل يغني وبدا أنه منشرح المزاج وهو ينشد قائلاً: تلات بطاطين يا واحشني دي ليلتك طين! ده قلبي حزين ومخي تخين.. وحمدي بديييين! ضحكت بشدة على أغنية عم عسل التي أتت على وزن «تلات سلامات» للرائع محمد قنديل من ألحان محمود الشريف.لم تكن المرة الأولى التي أستمع لبائع البطاطا العجوز وهي يغني أغنية معروفة بعد تغيير كلماتها وارتجال كلمات من تأليفه على نفس اللحن.قلت له: ألا تعجبك كلمات مرسي جميل عزيز في الأغنية الأصلية.. و ما هي حكايتك يا عم عسل مع البطاطين؟.ضحك الرجل فبان فمه الخالي من الأسنان وقال: ألم تشاهد حلقة عماد أديب التي رد فيها على باسم يوسف بعد السخرية التي نالها من باسم في «البرنامج»؟.قلت له: يا عم عسل.. هذا كلام قديم.قال: المسائل المتعلقة بشخرمة الدماغ لا تسقط بالتقادم يا صديقي!. أدهشني كلامه عن شخرمة الدماغ وشعرت بأني أسأت تقدير بائع البطاطا الفيلسوف.سألني: ألم تسمع الأستاذ عماد وهو يتوعد المذيع الذي أحرجه بأنه سيقوم بالتنقيط عليه كل يوم؟.قلت: بلي سمعته.قال: أو لم تنصت الى نصيحته لباسم بأن يذهب الى التوحيد والنور فرع المهندسين لشراء ثلاث بطاطين تحميه من الماء الذي سينهمر عليه؟.قلت: سمعت وضحكت.قال: يا حلاوتك.. سمعت وضحكت!.. ألم تدرك ما في هذا الكلام من غرابة؟.قلت مرتبكاً: ماذا تقصد؟.أجاب: ليست المشكلة في اختيار محلات التوحيد والنور ولا هي كذلك في فرع المهندسين بالتحديد.. انما الغرابة تكمن في لا منطقية الحل الذي طرحه الأخ عماد على الأخ باسم بعد ان صدر اليه مشكلة نقط الماء التي سيسكبها على رأسه كل يوم.لم أقاطعه فمضي: ان من أراد ان يتقي المطر يتزود عادة بمظلة تسمح للماء بالانزلاق، لكنه لا يفكر أبداً في ان يضع على رأسه بطانية، ذلك ان البطاطين ستقوم باختزان الماء قبل ان يتسرب ويجعل الرأس كأنما تعوم في بحيرة.قلت: آه والله معك حق.قال: ان باسم يوسف عندما عقب في حلقة تالية على كلام أديب تناول أشياء كثيرة لكنه لم يتطرق لمسألة عدم جدوى البطاطين لحماية الرأس من الماء.قلت: هذا صحيح لكن هل تظن ان عماد أراد ان يقدم لباسم نصيحة مضروبة بدلاً من ان يخدمه ويدله على مكان يشتري منه شمسية؟.قال عم عسل: كل الاحتمالات واردة.. ممكن تكون فاتت عليه وممكن يكون قاصد يورط باسم فيصدقه ويشتري البطاطين.قلت: وهل أوحت اليك هذه الحكاية بأغنية ثلاث بطاطين التي كنت تغنيها؟.قال في زهو: نعم.قلت: طب ممكن سؤال أخير: قال: تفضل.قلت: ما علاقة «حمدي بدين» بالغنوة خاصة ان الرجل الذي كان قائداً للشرطة العسكرية أيام المشير طنطاوي لا شأن له بموضوع البطاطين؟.نظر لي في عتاب وقال: توكل على الله وما تخلينيش أتغابي عليك!. نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية