تُعد منطقة ملوى جنوب محافظة المنيا، واحدة من أهم المناطق الأثرية الهامة في جمهورية مصر العربية، حيث كانت منذ القدم مسرحا للحضارات الفرعونية والاغريقية والرومانية، وفي منطقة الأشمونين وتونا الجبل ، خَلفَ آباؤنا وأجدادنا من أثارهم الباقية، على مر الزمن آيات ودلائل تنطق بأمجادهم، وتشدو بحضاراتهم وتقدمهم. وكنوع من الاعتزاز بالماضي وأمجاده ، وحفاظا على تراث الآباء والأجداد فكر مجلس مدينة ملوي سنة "1961" للميلاد بإنشاء متحف إقليمي للآثار، ويضم آثار تونا الجبل والأشمونين، ويُعتبر مرآة صادقة في صورة منظمة ومنسقة لآثارنا الخالدة، ويطفئ شوق من لم تسعفه ظروفه إلى الإلتقاء بهذه الآثار فى مهدها ومكانها، ولقد بذل مجلس مدينة ملوي جهداً مشكوراً في سبيل هذه الفكرة، حتى تحققت وخرج المتحف إلى حيز الوجود ، شامخاً عالياً يتطاول إلى السماء، متباهياً بما يضمه بين جنباته من ثرواث لا تقدر بمال . افتتح هذا المتحف على يد اللواء عبد الفتاح فؤاد، محافظ المنيا سابقاً، وذلك في الثالث والعشرين من شهر يوليو سنة "1962" للميلاد، كما بذل مجلس المدينة جهوداً واسعة ، في سبيل تأثيث المتحف بالدواليب ، والخزائات ، التي تتطلب مواصفات خاصة وضعتها اللجان الفنية بمصلحة الآثار ، ويتكون المتحف من أربع قاعات؛ حيث يحتوي الطابق الأرضي على ثلاثة من تلك القاعات، في حين تقع القاعة الأخيرة في الطابق الأول، وتشمل معروضات خاصة بالطائر أيبس (أبو منجل من فصيلة الطائر أبى قردان) . منها تماثيل ومومياوات له وجدت في السراديب بتونا الجبل، كما اتخذ المصريون الطائر أيدس رمزاً لتحوت إله الحكمة والمعرفة؛ نظراً لهدوء طباعه ورزانته فى السير بخطوات معتدلة ومتساوية، ولطول بحثه عن الطعام في الأرض، مما أدى إلى اعتقادهم، بأنه يبحث عن المعرفة والدقيقة بمنقاره الذي يضرب به في الأرض، فقدسوه في حياته وحفظوه وكفنوه وزينوه بالتمائم المصنوعة من القاشاى والمعادن ، والأحجار النفيسة بعد مماته، ودفنوه في سراديب خاصة باحتفالات دينية رسمية. ويضم المتحف قطع أثرية تتصل بالإنسان مثل، التماثيل ، والتوابيت ، والأقنعة، وأدوات الزينة، ومن أهم المعروضات ، تمثال مزدوج للأمير بيبى عنخ وزوجته من مقبرة بمير من الدولة القديمة، ثم التوابيت الخشبية المستطيلة المنقوشة بنصوص دينية من عصر الدولة المتوسطة ومنها: تابوت المدعو حور حتب وتابوت أتف ايب ثم تابوت المدعو إييى أم حتب، حيث وجدا بداخل بعضهما، وهما مصنوعان من الخشب المنقوش، أما التابوت الخارجي منهما فله وجه مذهب، وقد عثر عليهما بمنطقة مير. ويحتوي المتحف على توابيت أخرى حجرية من عصر متأخر ثلاثة منها من حفائر تونا الجبل ، والرابع من منطقة أسيوط ، ثم قلائد جميلة عثر عليها مع الكاهن ( عنخ صور ) بتونا الجبل،ويمتاز المتحف باحتوائه على مجموعة جميلة من الأقنعة المصنوعة من الجص، والتي تبين الطرق المختلفة لتصفيف الشعر عند القدماء في العصر اليوناني الروماني وقد عثر عليها في تونا الجبل، كما يشتمل أيضا على تماثيل وتوابيت ومومياء القرد (البابون) ، الذي اتخذه المصريون رمزا آخراً لإله الحكمة والمعرفة؛ وذلك لما شاهدوه في حياة القردة ، من نظم وأساليب الحكمة والتنظيم، مما يدل على التفكير، حيث قدسوه في حياته وحفظوه وكفنوه وزينوه بالتمائم المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة ودفنوه في السراديب باحتفالات دينية رسمية . ومن بين المعررضات أيضاً لوحات (بانوهات)، تمثل الإله تحوت على شكل الطائر أيبسر من أكتان السقوي، وإله الحب ايروس (كيوبيد) حابى إله النيل من النحاس ، والألهة ايزيس من الجص، والمصنوعات مثل الأواني الحجرية والفخارية والزجاجية وورق البردي ، والمنسوجات ، وموائد القرابين ، وغير ذلك، وجميعها تبين مدى التقدم الصناعي والفني من دقه وإتقان لدى اسلافنا القدماء.