الشيخ محمد عبداللطيف دراز الذى وصل إلى منصب وكيل الأزهر ثم استقال عام 1954.. هذا الشيخ الجليل والذى يُعَدُّ من أبرز زعماءِ ثورة 1919م دخلَ الأزهر رغم أنفه، فقد كان متمردًا منذ طفولتِه على الكُتَّاب والفقِى.. كان يعشق الزراعة، ويهوى العمل فى الحقول، ولهذا كان يهرب من الكتَّاب. ولكنَّ والده كان قد اعتزم بشأنه أمرًا، أعلن أنَّه لن يحيدَ عنه، فوالد الشيخ محمد عبداللطيف دراز، كان يتمنى فى صِباه أن يلتحقَ بالأزهر، ولكن عمَّه – الذى تولى أمرَه بعد وفاة أبيه- رفض بشدة بحجةِ أن أخاه الأكبرَ فشل فى طلب العلم بالأزهر، وهكذا بقى الوالدُ فى القريةِ يعيش حياةً متواضعةً من ميراثٍ قليل مكبلًا بالديون. ولكن ما عجز الوالدُ عن تحقيقِه فى صِبَاهُ قرَّرَ أن يُحققه فى أكبرِ أولادِه.. محمد، وهكذا وَهَبَه للأزهر، وقرَّر أن يكافح ليلاً ونهارًا حتى يُتيح لابنه الفرصة التى حرم منها. لكنَّ محمد عبداللطيف دراز لم يعتبرْها فرصةً بل وجد فيها قيودًا وإرهاقا وجهدًا يهونُ أمامه العملُ فى الحقل تحت وهَجِ الشمسِ، ولهذا كان يهرب من الكُتَّاب ولا يحفظ القرآن، ولكنَّ والده واجهه بموقف حاسم، وروى له قصتَه مع عمِّه ثم قال له: «ولقد نذرتُ قبل أن أتزوجَ والدتك أن أدفعَ بأول أولادى الذكور إلى الأزهرِ، بعد أن يحفظ القرآن الكريم ليكون من علمائِه، وأنا مُصَمِّمٌ على تنفيذ هذا النذر تصميمًا قاطعًا».