الشيخ «محمد عبد اللطيف دراز» وكيل الأزهر الشريف وأحد زعماء ثورة 1919 ورائد من رواد الوحدة الوطنية، ولد سنة 1890م فى محلة دياي، بمركز دسوق، فى محافظة كفر الشيخ، دخلَ الأزهر رغمَ أنفِه، حيث كان متمرداً منذ طفولتِه على «الكُتَّاب» والفِقِي. كان يعشقُ الزراعةَ ويهوَى العملَ فى الحقول، ولهذا كان يهرب من «الكتاب». ولكنَّ والدَه كان قد اعتزمَ بشأنِه أمراً، أعلنَ أنَّه لن يحيدَ عنه. وكما يقول الشيخ أحمد ربيع الأزهري، من علماء الأزهر والأوقاف: فى الأزهر عهدوا إليه بتدريس التاريخ والجغرافيا والإنشاء ولكنه كان يترك الكتب المقررة جانبا، ويشرح للطلبة ويلقنهم دروس الوطنية.. وحينما جاءت الثورةُ فى عام 1919، أصبح يعيشُ بكل حواسِّه من أجلِ مصر. وكان الانجليز يبحثون عنه لاعتقالِه، ولكنه كان يتنَكَّرُ فى أزياءَ مختلفةٍ. هو صاحبُ شعارِ «الهلالِ مع الصليبِ» فى أثناء ثورةِ 1919م عندما لجَأ المستعمرُ إلى محاولة الوقيعةِ بين المسلمين والمسيحيين، وأسرع الشيخُ دراز إلى الكنائسِ يخطب بها، وتَبِعَهُ فى هذه الخطوةِ الواعية الذكية الشيوخُ الأجلاءُ مصطفى القاياتى والزنكلونى ومحمود أبو العيون.. وفى الوقتِ نفسه، صَعَدَ القُمُّصُ سيرجيوس والقمص بولس غبريال وغيرُهما مِنْ رجالِ الدين المسيحيِّ إلى منابرِ المساجدِ فى الأزهرِ وباقى أنحاءِ القاهرةِ يشاركون فى تعبئةِ الشعبِ ويحفظون وحدته، الوطنية، وقد اعتُقِلَ مُصَادَفَةً، وبعد أيام قليلة أمضَاها فى ثَكَنَاتِ قصرِ النيل، التى كانت مقامةً على الأرضِ التى يشغلها الآن مبنى جامعةِ الدولِ العربيةِ، نقله الانجليزُ إلى معتقلٍ آخر فى الإسكندرية فى سيدى بشر. وعندما أُعدم عمرَ المختارِ المجاهدِ العربيِّ الليبيِّ من قِبلِ الإيطاليين أرسلَ برقياتِ احتجاجٍ لجميعِ دولِ العالمِ مما ترتب عليه أن ملكَ إيطاليا أبلغ هذا الاحتجاجَ للملك فؤاد، وشاركَ فى مظاهراتِ عام 1935م، وانتُخِبَ عضواً بمجلسِ النواب عام 1945، ويحسب له موقفُهُ الشجاع فى التصَدِّى لمشروعِ قانونٍ يقيدُ من حريةِ الصحافةِ إلى حَدِّ أنَّ مانشيتات الصحف وصفته فى اليوم التالى بأنه حاملُ لواءِ الدفاعِ عن حريةِ الصحافةِ .. وقال كامل الشناويُّ وقئتذٍ: «إن الشيخَ دراز حَكَمَ فيما لا يحتملُ جدلاً» .. ولقد تدرج الشيخ عبد اللطيف دراز داخل أروقة الأزهر ومعاهده، حيث عمل وكيلا لمعهد القاهرة الدينى سنة 1936م، فمفتشا للعلوم الشرعية والعربية، فمفتشا للوعظ والإرشاد، فشيخا لمعهد الزقازيق سنة 1943م، ومنح كسوة التشريف العلمية فى فبراير 1941م، وعين سكرتيرا عاما للجامع الأزهر والمعاهد الدينية سنة 1944ه، وعين مديرا للجامع الأزهر سنة 1964م، ثم عين – هو والشيخ محمد نور الحسن – وكيلين للجامع الأزهر والمعاهد الدينية، واستقال عام 1954م، وانتخب عضوا بمجلس الأمة عام 1957م وهو أحد مؤسسى جمعية الشبان المسلمين، واختير وكيلا للأزهر عقب قيام ثورة 1952تقديرا لمكانته فى المجالين العلمى والسياسي، وحزن حزنا شديدا عندما وقعت نكسة 1967م لكن الله عز وجل أطال فى عمره حتى شاهد نصر أكتوبر العظيم .. وتوفى سنة 1397ه - الموافق 1977م.