جسد نموذجا لعالم أزهرى جليل ومصرى أصيل ووطنى كبير.. إنه العلامة المحدث على سرور الزنكلوني، المولود بقرية الزَّنْكلون بالشرقية حصل على العالمية سنة 1312ه، ثم تصدر للتدريس فى الأزهر .. وبلغ مكانة رفيعة بين علمائه حتى تم تعيينه فى جماعة كبار العلماء فى 8 مارس 1937م. ويقول الشيخ أحمد ربيع الأزهرى من علماء الأوقاف: كان الشيخ الزنكلونى آية فى البركة وتظهر عليه أمارات الإيمان وقوة اليقين، كما كان رحمه الله مثال العالم العامل، والمفكر الحر الجريء يقول ما يعتقد، ويدافع عما يعتنق، ويجهر بآرائه فى صراحة نادرة المثال، كان من أبرز العلماء المشاركين فى ثورة 1919وكان من خطبائها. ويعد من الرموز التى أسست للوطنية المصرية وهو وطنى غيور على مصر وأهلها، يقول الشيخ الباقوري: “ولست أنسى اليوم الأول الذى دخلت فيه رواق الصعايدة لأتعرف على سائر إخوانى وأهلَ إقليمي، وقد رأيتُهم يتحدثون عن ثورة 1919م ويختصون بالحديثِ أربعة رجال: الشيخَ على سرور الزنكلوني، وزميلَه فى مِنبر الأزهر القمص سرجيوس، ثم الشيخَ محمد عبد اللطيف دراز مع زميله فى المنبر الشيخ محمود أبوالعينين، ومما وَعَتْهُ ذاكرتى فى هذا الحديث أن الشيخ الزنكلونى كان إذا حضر أثناء الثورة، ومعه القُمص سرجيوس يتلقاهما طلابُ الأزهرِ بنشيدٍ يقولون فيه – تأييدًا للوحدة الوطنية التى هى حياة مصر: “الشيخ والقسيس قسيسان، وإن تشأ فقل هما شيخان”، فإذا فرغ القومُ من حديثِ الشيخين أو القسيسين، حسب تعبير طلاب الأزهر، راحوا يتحدثون عن الشيخ أبى العيون”. ونشرت صحيفة «الأخبار» الصادرة فى 3يونية 1919م:أن وفدًا كبيرًا من «الشبيبة القبطية» ذهب إلى الجامع الأزهر للتهنئة بحلول شهر رمضان، فقد ساروا فى موكب مؤلف من نحو 50 عربة إلى الأزهر الشريف، فاستقبلهم على باب «الرواق العباسي» جماعة من كبار العلماء وأذكياء الطلبة، وافتتح الحفلة حضرةُ العالم الفاضل الشيخ «الزنكلوني»، فشكر الحاضرين، ومما قاله: «إن أفضل ليلة من ليالى شهر رمضان هى ليلة القدر، ونحن نرى ليلتنا الحاضرة هى الليلة الفضلى الثانية لتشريف إخواننا الأقباط هذا النادي»، وعقبه الشيخ «محمود الغمراوي»، فالقُمُّص «تكلا»، فالأستاذ «عزالعرب أفندي» المحامي، ثم حضرة «توفيق أفندى عزوز»، و«فرح أفندى جرجس»، وكانت هذه الخطب تدور حول اتفاق العنصرين، وتضامنهما فى القيام بالواجب عليهما فى خدمة البلاد. ولقد كان خطابه أثناء الثورة1919م يتصف بالتعقل والاعتدال يقول الأستاذ إبراهيم البعثى :« .. ومن الذكريات التى توضح التفاوت بين شيوخ الأزهر وقتئذ، أن المرحوم الشيخ الزنكلونى صعد إلى منبر الأزهر وألقى خطابا كان فى أسلوبه – كما تراءى للشيخ دراز – ما لم يكن يلائم الظرف، رأى فيه الشيخ دراز «كلام عاقل فى وقت نريد فيه الثورة» فقال الشيخ دراز لصديقه الشيخ محمود أبو العيون:يجب أن تعقب على الشيخ الزنكلوني». وكان الشيخ من محبى الشيخ المراغى ومن المؤمنين بمشروعه الإصلاحى للأزهر وكان ضمن السبعين الذين فُصلوا من الأزهر سنة 1350 أيام الشيخ الأحمدى الظواهري، ثم لمَّا تولَّى الشيخ محمد مصطفى المراغى مشيخة الأزهر مرة ثانية أرجعهم إلى وظائفهم. ومن مصنَّفات الشيخ الزنكلوني: «الدعوة والدعاة، أسباب التخلف ومنهج التطبيق». توفى رحمه الله فى 21 رمضان 1359 ه بعد أن اعتراه مرضٌ ألزمه الفراش عدة شهور.