يا مصر أين أبنائي وقد لطخت دماؤهم ثيابي وفقدوا نور العيون تحت الإبصار وصعدت أرواحهم شهيدة عبر سماك أو في الباستيل الأحمر أو أمام القصر الاتحادي وغيرها، وتم تعذيبهم ليفقدوا أحلام الشباب ولم يرحم الخونة بناتي من عبث عبدة الشيطان فضاعت عزتهن واستبيحت الأبدان ، وأتصور الشباب وهو يصاب بطلقات النار من أخيه الجبان فيفقد النور والحياة وتتشوه الوجوه والأبدان بحبات الخرطوش فأدمعت العيون حزنا وحسرة وضاقت الصدور غضبا.. لقد ثاروا فحملوا رؤوسهم والأفكان علي أكفهم وهم ينادون: «نموت واقفون ولا نحيا راكعون»، وإذا بالإخوان يلتهمون الكعكة من يد الأيتام. أين أولادي يا مصر؟ هل حقا ماتوا أم استشهدوا لتعيش مصرهم في كرامة وأمان وتمطع وتنطع السفلة دون عقاب وقد سرقت الشعلة من أيديهم لتنير الظلم والطغيان، لا والله فللقتلة يوم ليس في الحسبان، فمصر أم الحياة لا يموت شبابها فهي تحيا فيهم وهم لها فداء.. هل حقا تأكل الثورات أبناءها وتترك الغث وسقط المتاع لينعموا ببذخ ونعيم الحياة؟ أم هو إنذار لتصمت الأصوات ومصر تباع بعد تقسيمها إلي إقطاعيات وما عليها من ثروات وأرواح.. وتتمرغ أقدار الرجال تحت أقدام الطغاة وقد أصبحت القرارات والسياسات لعبة الهواة والحواة، وتتكون ميليشيات مسلحة بالتوازي مع رجال الأمن وحراس البلاد بحجة فرض السلام والاستقرار وهم في الحقيقة فرق إزهاق الأرواح واغتصاب الأبدان وينذر المحللون أن تذر الثورة القادمة ثورة شعب ضاق ذرعا بالهوان وهو يتقاتل علي لقمة العيش ولتر السولار وهذا أمر وارد لتحرير مصر من الطغيان ويومها لن أبكي علي أرواح الشهداء، فالبكاء علي الأموات فقط أما شبابك ففي القلوب أحياء وأسماؤهم نجوم تنير السماء قدوة لنا علي مر الأيام، لقد تبين أخيرا أن طول أو قصر اللحي لاعلاقة لها بعظمة أو ضآلة الإنسان.. إن ما يجري اليوم مسرحية هزلية عبثية ضاحكة باكية وأن أي اشتراك في هذه التمثيلية هو اشتراك في هذه الملهاة السوداء الجارية. هل ننسي ضباطنا وجنودنا وقد اغتيلوا في الشهر الحرام من الخلف برصاص القتلة الجبناء القادمين من الشمال ويتستر عليهم الحكام وعلي وجوههم بسمة بلا معني، وتتصدر الأخبار كل يوم تساقط قتلي وجرحي من شباب وأطفال أو في السجون قابعين، وأري مصر وهي في طريقها لتكون سوريا وليبيا والعراق والسودان وتونس، وفي ختام الكلام يقول التاريخ إن مصر تستريح ولكن عندما تستيقظ من السبات تصبح كالأسد الهصور وسوف يسمع الزئير هادرا علي صفحات النيل، إن حكامك اليوم صم بكم لا يتكلمون وقد قست قلوبهم وغلظت جلودهم ولا يحسون بآلام الشعب وهو يصرخ برحيلهم وقد مج وجودهم وللأسف أسمعهم يقولون: اتركوهم فسوف يزهقون وإلي ديارهم يعودون، اتركوهم يصرخون فالقافلة لابد أن تسير. عضو الهيئة العليا