صباح الخير يا وطنى لا أعرف إن كنت ستقرأ رسالتى تلك، أم أنها ستعود إلىّ لعدم الاستدلال على عنوانك، فأنا لا أعرف إن كنت حياً أو ميتاً ولا أعرف أين تقيم الآن، فى المشرحة أم فى المشنقة أم فى السجن الكبير الذى يحرسه محمد مرسى وخيرت الشاطر وأيمن الظواهرى.. لكننى سأكتب اعتذارى حتى لو لم يصل. أعتذر، لأننى لم أجد وسيلة تضمن بقاء مرسى على العرش، سوى إحالة أوراق إعدام مدينة بورسعيد الباسلة إلى فضيلة المفتى، لأننى قررت أن أضحى بالأبرياء ثمناً لدماء الضحايا الأبرياء الذين ماتوا والذين سيموتون. أعتذر يا مصر، للآلاف من شهدائك البورسعيدية فى العدوان الثلاثى فى 1956، ولشهدائك البورسعيدية أبطال المقاومة الشرفاء فى نكسة 1967، أعتذر لأن نظامى الحاكم الجبان، أحال أوراقك إلى فضيلة المفتى، حتى يعيش مرسى وبديع والشاطر، وحتى تعيش دولة شرطة ولواءات داخلية الإخوان، وحتى يعيش قضاء إخوان ونائب عام الإخوان وقنديل حكومة الإخوان. أعتذر لك يا وطنى، عن أبنائك الضحايا الذين تقتلهم اختياراتنا الجاهلة كل يوم، والذين نعلقهم فى مشانق الطغيان. أعتذر لك يا مصر، لأننى أحتفل الآن بالباطل ولأننى أصرخ فرحاً بالظلم، ولأننى أرقص الآن غبياً بصحبة الذباحين فوق الجثث. أعتذر نيابة عن الشهداء الذين ماتوا فى الميادين منذ 25 يناير 2011، وأقسم لك يا وطنى أن قصدهم كان شريفاً، وأنهم حين كانت أرواحهم تصعد إلى بارئهم كانوا يظنون أنهم يزرعون بالدم وردة العدل فى أرضك يا مصر، وما كانوا يعرفون أن القتلة وصناع الخراب سوف يشنقون الخير والحق والعدل والجمال، وسوف يزورون ويكذبون ويشربون الدم أنخاباً فى ذكرى من سفكت دماؤهم. أعتذر لك يا مصر، عن جهلى وغبائى، عن بلطجتى، عن الدمار الذى صنعته بيدى حين جئت بتلك الزمرة الفاسدة وسميتهم حكاماً لك. أعتذر لك، لأننى شاركت فى جريمة اغتصابك واستباحة جسدك وسلمتك راضياً للقاتل، وسلمتك راضياً للبلطجى، وسلمتك راضياً للغبى، وسلمتك راضياً للطامعين. أعتذر لك يا مصر، لأننى أنام كل يوم قرير العين، فيما يتناوبون عليك، يغتصبون ويطعنون. أعتذر لذكريات طفولتى فيك، لأيامنا الحلوة، للأصحاب، والأجداد الذين أوصونى عليك قبل أن يحتضنهم ترابك. أعتذر لآبائى ملوك الفراعنة، لأننى لم أعرف قدر الميراث الذى أعطونى. أعتذر للبنائين الذين شيدوا صروحك، وللموسيقيين والأدباء والأمهات والآباء، وللأشجار والحقول، ومياه النيل، والعصافير.. أعتذر لهم ولك يا وطنى.. لأننى بيدى منحت القاتل والخاطف والمغتصب شريعة الفساد والبلطجة.