يا أيها الوطن الجريح. عذرا. فنحن الجاهلون حقا . نحن الحمقى فى وطن مثلك لا يستحق أمثالنا. قد جرحت كثيرا ودمعت عينك كثيرا وسالت دماؤك على الأسفلت وعلى الجدران ونحن ها هنا متفرجون يا أيها الوطن الغالى.. لطخنا صورتك وسمعتك وبعناك فى سوق النخاسة ببضعة دراهم وريالات ودولارات ويوروهات.. بعناك فى سوق الدعارة السياسية. وقدمناك قربانا لقصورنا وبيوتنا الفخمة وثرواتنا الضخمة وألسنتنا الضحلة المنحلة لننام ليلا على جثتك وجثة شبابك من شهدائك. دفعوا دمهم الغالى الأحمر المشتعل ثمنا لتحررك من الفاسدين والديكتاتوريين واللصوص. حرسنا الفسدة والقتلة واللصوص فى السجون. وقتلنا شبابنا. وأصبحت قضيتنا. أمر كبيرهم بالقتل أم لم يأمر سيأخذ براءة أم سيموت فى السجن . الرجل الذى لا يريد أن يحترم نفسه وينتحر.. وأصبحنا نختلف على نجله الأبله.. الذى ضيعك يا وطن هو ورجاله وعصابته المنظمة الغبية أصبحنا نختلف سيسجن بتهمة ثلاث فيللات أم سيأخذ براءة لأنه سدد ثمنها من مصروف بابا.. وهؤلاء كل هؤلاء مسحوا بكرامتك يا وطن الأرض، وأصبحنا فرجة ومضحكة الشعوب .. ومات الفقير فينا جوعا ومرضا وانتحر الآباء فينا لأنهم يا وطن لا يمتلكون ثمن ملابس أولادهم فى مدارسهم الحكومية المجانية .. ولم نكتف بذلك فذلك قليل على جهلاء أمثالنا.. بل رحنا نهدم أقدم مؤسستين فى تاريخك. الأقباط والجيش ودخل الأقباط فى عصرنا مرة أخرى عصر الشهداء.. كل شهر تقريبا قتلى أبرياء منهم. وشباب مرمى جثته على الطرقات وتخرج التوابيت من الكنيسة. يتبعها الدموع والصراخ ويتبعها كذلك الغضب المكتوم فى الصدور غضب شعب مصر من شعب مصر. قسمناك إلى أقباط ومسلمين.. إخوان وسلفيين.. يسار وليبراليين .. وطنيين وانتهازيين .. خونة وبواسل.. قسمناك لأنه كبير علينا أن نعيش سويا تحت سماء واحدة وعلى أرض واحدة ويرفرف فوق رءوسنا علم واحد. بدلا من وطن فوق الجميل أصبحنا وطنا تحت أرجل الجميع جعلنا جيشك العظيم . يجرى جنوده فى شوارع بلاده خوفا وذعرا من شعبه الذى يحميه جعلنا مدرعاته وعرباته تسير كالمجنونة بين الناس فى مشهد يذرف الدموع على حالنا المؤسف. رفعنا يا وطن أرذلنا فوق الرءوس. البليد والأحمق والجاهل والانتهازى أصبحوا أسيادنا ويمتلكون الكاميرات. مذيعين وضيوفا ينثرون علينا ما فى جوفهم من قمامة وجهل وفقر الفكر.. ليتبعهم الغاوون كلهم جهلاء ارتضينا بهم. كما ارتضينا بالجهلاء السابقين الموالين للنظام القديم الجاهل الفاسد. طردنا وطاردنا رجالك الحقيقيين أصحاب الشرف والإبداع والخيال. حتى أصبح نجمنا هو بعرور وشعبان عبدالرحيم. ورفعنا وائل غنيم ومن معه كقائدى ثورة شعبك العظيم. ارتضينا بشيوخ ينعمون بأموال الخليج وحولهم النساء. وجعلناهم فقهاء فى دينك السامى الخالى من كل تحريف ومن كل تخريف. وضعنا فى مقدمة الصفوف أجهلنا واكتفينا بالفرجة وعندما انتفضنا فى ثورة ستغير وجه التاريخ ووجه العرب. سلمناها بأيدينا لحفنة من الجهلاء والانتهازيين ولصوص الفكر وعديمى الموهبة. قتلناك يا وطن ومشينا فى جنازتك نغمز ونلمز ونتبادل القبلات والقفشات والنكت الساخرة. إنك وطن عظيم لا نستحق الحياة على أرضك الطاهرة. فكثير علينا وكبير علينا وطن كمصر العظيمة لأننا لسنا عظماء نحن أقزام ندوس بأقدامنا أجمل ما فينا.. عزاء يا وطن فيك وفى شهدائك وشبابك. عزاء لجنود جيشك ولشباب أقباطك. عزاء لدينك السمح. ولا عزاء علينا فالعار حقنا نتجرعه راضين.. عذرا يا وطن عذرا يا مصر!!؟