تحويل الكوبرى الملكى و"الهابى لاند" وقصر ثقافة المنصورة إلى كتل خرسانية شهدت مدينة المنصورة انتقادات واحتجاجات عاصفة طوال الأيام الأخيرة عقب انطلاق أعمال الهدم التى بدأت وأطاحت بممشى الخالدين «الكوبرى الملكى» وحديقة «الهابى لاند» التاريخية المطلة على النيل وتستهدف بالهدم قصر ثقافة المنصورة وما يجاوره من حدائق تمهيداً لتحويل كل هذه المتنفسات الخضراء وذات القيمة «إلى أبراج سكنية» وسط صمت وغياب تام لنواب الشعب؟! تجددت اعتراضات مواطنى المنصورة بعد أن هدأت لأشهر ظن المواطنون خلالها الاستحابة لمطالبهم والتراجع عن تنفيذ المشروع على أنقاض ما تبقى من «مساحات خضراء ومواقع ذات قيمة تاريخيه» وتحويل مدينة كانت «عاصمة الجمال» قبل اغتيال معالمها وكل المتنفسات الخضراء وضفاف النيل وتحويل شوارعها الرئيسية إلى كتل خرسانية، ولكن سرعان ما خاب أملهم، وبدأت عمليات الهدم، وذبح الأشجار العتيقة يجرى على قدم وساق بالمخالفه لكل قوانين البيئة والبناء الموحد والتنسيق! حمل المواطنون نواب المنصورة والمتخصصين ونقابة المهندسين مسئولية ما تشهده عاصمة الدقهلية من طمس متعمد لما تبقى من معالمها الحضارية والتاريخية بدلاً من تطويرها والارتقاء بها، والاستمرار فى إهدار المال العام دون توقف على مشروعات ليست ملحة ومعاداً تنفيذها. تمثل هذه القضية خطورة وعبئاً ثقيلاً على شبكات البنية التحتية المتهالكة التى يرجع عمرها إلى عام 34 ومشاكل بالجملة فشلت مساعى السنين فى إيجاد حلاً لها. تعد مدينة المنصورة ثانى أكبر مدن الدلتا كثافة حيث يصل تعداد السكان أكثر من 600 ألف نسمة يعيشون على مساحتها التى لا تتعدى ال20 كليومتراً، تعانى المدينة التى كانت فى الأصل جزيرة ذات طبيعة خاصة على نهر النيل الأمرين من الزحام والتكدس بسبب ارتفاع كثافتها السكانية ومحدودية شوارعها الرئيسية التى شقت وأنشئت على مجرى النهر القديم وتستقبل سكان كل مدن ومراكز المحافظة البالغ تعداها (6) ملايين نسمة. أصل الحكاية ترجع الأزمة إلى العام الماضى عندما أعلن عن مشروع «تحيا مصر المنصورة» الذى سمى بنقلة حضارية، وتبين أن المشروع يضم ممشى «أهل مصر» وانطلقت تحذيرات الخبراء من تنفيذ مشروع ممسوخ ومشوه يفرغ المشروع الحضارى الذى نفذ بالقاهرة (أهل مصر) من أهدافه وما حققه من تغير وطفرة حضارية حقيقية بواجهة النيل بعد أن تبين أن ممشى المنصورة تم اختزاله فى مسارات مشاة، ومناطق جلوس، ومحلات بطول الممشى بعرض 10 أمتار بمسافة 1 كيلو متر بمساحة 1500 متر من مبنى المحافظة إلى كوبرى طلخا، وهى المساحة الوحيدة التى سلمت من التعديات التى احتلت ضفتى النهر بالمنصورةوطلخا؟؟!! وحذر المتخصصون من إحياء أحد المشروعات الأخرى المنبثقة من «تحيا مصر المنصورة» على أنقاض ما تبقى من «معالم المدينة» وهو مشروع «المنصورة بلازا» الذى يقام على أرض حديقة «الهابى لاند» والمنطقة المحيطة التى تشمل قصر الثقافة والحدائق المجاورة ويتكون من مركز طبى إدارى واستثمارى وأبراج سكنية وفندق (4) نجوم وحديقة وهدم قصر الثقافة وما يجاوره من مساحات وحدائق. ورغم الاعتراضات العارمة على هدم الحدائق وقصر الثقافة إلا أن جميع مواطنى المنصورة فوجئوا منذ أيام بعمليات هدم مكثفة أطاحت بالممشى التاريخى «الكوبرى الملكى التاريخى» المعلق على النيل الذى كان قد تم تنفيذه من الخرسانة المسلحة فى «الأربعينيات» وارتبط بنظام السكة الحديد لربط منطقه كوبرى للسيارات ويقع أسفله خطوط السكة الحديد «خط شمال بورسعيد» والحديقة الملكية «الهابى لاند» وكانت تقع ضمن حدائق حوض المنقلة التى كانت تحيط ب«حدائق قصر الخديوى إسماعيل»، ومتنفساً «على مدى أكثر من 100 عام آخر. انتقد أنور عبد ربه من مواطنى المنصورة هدم وتحويل «ممشى الخالدين» التاريخى، وكان قد أنفق على تطويره ملايين الجنيهات إلى أنقاض حالياً لإنشاء ممشى آخر بالمواجهة موقعة ويماثلة فى الهدف؟؟ واستنكر الدكتور أحمد مصطفى كمال تحول حدائق المنصورة وممشى الخالدين إلى ماضى وذكريات حزينة لشعب المنصورة مشيراً إلى كورنيش النيل وحديقة جزيرة الورد التى تحولت من قبل إلى جزيرة من الخرسانة والأسمنت والمحلات وهدم نادى السكة الحديد بالمنصورة بعد تجديده العام الماضى بملايين الجنيهات؟ وتساءل هل يعقل إقامة برج سكنى على مزلقان ونفق السكة الحديد فى سابقة لم تحدث وهدم حديقة «الهابى لاند» التى ظلت متنفساً 100 عام للمواطنين أحد أجمل معالم وإطلالات مدينة المنصورة على نهر النيل لإقامة فندق! ويأتى هدم قصر ثقافة المنصورة هو الآخر ضمن الرؤى إلى أثارت غضب مواطنى الدقهلية الرافضين تنفيذها، والقصر مبنى عتيق واقع على الجانب الأعلى على مشاية النيل بنفس المنطقة والمحيط المرورى، ويضم المبنى قصر الثقافة وإقليم شرق الدلتا ومسرح أم كلثوم ومركز ثقافة ومسرح طفل الدقهلية، وقد ظل المبنى منارة ثقافية وفنية منذ نشأته وملتقى للأدباء ومفكرى المحافظات وعنواناً لمدينة المنصورة «عروس النيل» فضلاً عن القيمة التراثية لقصر ثقافة المنصورة. فجر الرافضون تساؤلات عن تكلفة «القصر الجديد» الذى يتم إنشاؤه بمنطقه أخرى وجدوى هدم مبنى بحالة جيدة وإنشاء آخر بدلاً منه بهدف استغلال الموقع المطل على النيل فى بناء فندق مع إنفاق وزارة الثقافة مبالغ طائلة على تطويره خلال الفترة القصيرة الماضية، وهو ما اعتبره المواطنون إهداراً للمال العام. ويقول إبراهيم جادالله إبراهيم إن المنصورة ترجع إلى الخلف بمشروعات يطلق عليها «نقلة حضارية». ويضيف: العجيب أن بعض هذه الحدائق كانت فى الأصل «كازينوهات» مميزة على النيل، وكانت تؤجر لصالح المحافظة، وتم هدمها وتحويلها إلى حدائق عامة لجميع المواطنين لتكون متنفساً لغير القادرين على اشتراكات النوادى التى استولت على ضفاف النهر وبدلاً من أن يتم تطويرها وتحول «الهابى لاند» إلى «حديقة دولية» فوق جراج متعدد كما كان مقرراً من قبل أن يتم تحويلها إلى كتل خرسانية. وتعجب مما تشهده عروس النيل فى وجود نواب البرلمان.