علي غير ترتيب مني وفي مفاجأة لم أحسب لها بالا وجدتني مدعوا من قبل مؤسسة الرئاسة لمقابلة الرئيس ودون أن أستغرق في مراسم وبروتوكول ما قبل اللقاء الذي جاوز دون الساعة رأيتني أجلس أمام الرئيس وجها لوجه بمكتبه في قصر الاتحادية المحاط بسياج أمني وكأنه ثكنة عسكرية وبعد أن تبادلنا عبارات الترحاب التقليدية قطع الرئيس بذكائه الفطري صمتي الذي لم يدم طويلا مبددا دهشتي لهذه الدعوة فبادرني القول، كل الشواهد عندنا تؤكد أنك كاتب معتدل وغيور علي مصلحة بلدك لهذا السبب أنا اخترتك لتكتب لي خطابا تاريخيا أراني فيه نموذجا ما بين السادات وعبدالناصر فقلت في تحد وأنا أعدك بألا يقل قلمي شأنا عن هيكل في قلمه فاستطرد قائلا: مضمون الخطاب يتضمن عدة محاور أولها أن لديّ رغبة ملحة بأن أصدر عفوا رئاسيا بالإفراج الصحي عن مبارك فأنا أريد أن أستبق القضاء فيما لو حكم ببراءته وهو أكبر الظن عندي وبذلك أكون قد كسبت ود ملايين محبي وأنصار مبارك وأحدثت نوعا من التهدئة والتوازن في الشارع المصري نسبيا، فقلت له ولكن ذلك الأمر محفوف بالمخاطر ذلك أنه سوف يؤجج بعض القوي السياسية والتيارات المختلفة ضدك فوق أنه يؤذي مشاعر أهالي متظاهري يناير، فقال لي أيما إنسان هذا الذي يستطيع أن يبلغ مرضاة الجميع؟! والتاريخ وحده فقط هو الذي سيكتب لمبارك ما له وما عليه، وفي واقع الحال أكدت بعض التقارير لأجهزة رقابية رفيعة المستوي أن هناك عناصر أجنبية وأخري خارجة عن القانون تداخلت في تظاهرة يناير وهي التي قامت بضرب المتظاهرين في الميدان فقلت له وأنا سمعت هذا الكلام حصرا من المشير طنطاوي في شهادته أمام المحكمة، فتنفس الصعداء وقال إذن نحن متفقون.. أما المحور الثاني فأنا أريد أن أطبق فكرة نلسون مانديلا وأتصالح مع رجال النظام السابق ورجال الأعمال في قضايا الاعتداء علي المال العام حتي نسترد المليارات المركومة في الخارج لتدخل خزانة الدولة وتنعش اقتصادنا المترهل الذي شارف علي الانهيار، فقلت له هذا قرار صائب وفي تصوري التحدي بأن الاقتراض من الصندوق يعد بمثابة شهادة بأن اقتصادنا قوي ومعافي أري أن العبرة بالواقع المتردي وليس بالشهادات، أما المحور الثالث فأنا جاد في إلغاء قانون العزل السياسي منتويا إعادة الحزب الوطني الي الحياة السياسية مرة أخري ولا أرغب أن أكرر خطأ أحمد عز في برلمان 2010م. حينما قام بإقصاء المعارضة إقصاء كاملا وكان سببا في انهيار النظام السابق وسوف أترك الشارع هو الذي يحكم يقبل من ويرفض من، فقلت له هذا هو فن السياسة الذي غاب عن كثير من قراراتكم ويعد التوازن الطبيعي لتفعيل الديمقراطية، فتنهد غير قليل وقال في النهاية: أود أن أعترف بشجاعة الفرسان سواء أنا أو الشاطر كنا في الحكم لن يستطيع أي منا أن يتحلل من وصاية جماعة الإخوان المسلمين فالأمر أكبر من الأشخاص فهو قسم علي الطاعة ولا يمكن أن نحيد عنه، فقلت له هذه أمانة في عنقك وحدك وأري من الأصوب أن تكون علي مسافة واحدة من كل المصريين، وبينما أتحسس قلمي لأسجل بعض ملاحظاتي باغتني الرئيس بألا أبوح بكلمة واحدة مما دار بيننا وفجأة وجدتني أستيقظ علي أرق وأنات أمي حفظها الله وهي تتهيأ لصلاة الفجر كعادتها كل يوم منذ ما يزيد علي ستين عاما. المحامي بالنقض