سؤال مصيرى يردده جموع الشعب بدون استثناء.. «مصر.. إلى أين؟».. فى ظل النظام الحاكم الحالى.. الذى لا يبدو منه إلا الغموض.. المرتبط بحالة من الارتباك والتردد، ليس لها مثيل فى أى أنظمة حكم معلوم عنها فى العالم!! فليس لدى النظام الحاكم سياسات واضحة يمكن الحكم عليها.. فمنذ انتخاب الرئيس محمد مرسى.. وخلال الثمانية شهور الماضية ونحن نعيش فى ظل تضارب المواقف، وقرارات غير مدروسة، ودائماً يتراجع عنها حتى فى نفس اليوم التى تصدر فيه. وهذا الوضع المقلق على مصير البلاد ليس مرجعه مؤسسة الرئاسة فقط.. بل فوجئ الشعب المصرى من بعض أعضاء جماعة الإخوان وحزبها (الحرية والعدالة) يخرجون علينا بتصريحات، أو نكتشف أن لهم مهام.. وكأنهم يتولون منصباً فى الدولة.. حتى أصبحت البلاد يخيم عليها مناخ ضاعت فيه الحقائق.. ولا يدرى أحد إلى أى منقلب سنسير. ومنذ استفتاء 19 مارس وجماعة الإخوان وحزبها قبل كل انتخابات أو استفتاءات يرفعون لافتة: «قولوا نعم للاستقرار» وهذه الكلمة السحرية (الاستقرار) التى أصبح المواطنون يسعون إليها.. بعد أن أجهدتهم المناورات والتصريحات غير المسئولة وتوزيع الاتهامات جزافاً بدون حساب على المؤسسات والأشخاص، وهذه الممارسات التى أدخلت على الحياة السياسية من قبل الجماعة وحزبها.. ولكن العكس يحدث الآن فنحن نعيش فترة من عدم الاستقرار لم نعشها من قبل. ويذكر لجماعة الإخوان أنهم لم يضيعوا الوقت، بل خططوا لجنى ثمار ثورة 25 يناير المجيدة من بين أيادى الثوار الشرفاء خاصة الشباب، وبالرغم أن التاريخ سجل أن جماعتهم فى بداية أيام الثورة كانوا ضد الخروج على الحاكم.. ومن قبلها كانت هناك تصريحات للمرشد بالموافقة على «التوريث» ومساندته. ولكن عندما استبان الوضع بالنسبة للثورة.. سارع الإخوان للالتحاق بها فى يوم 28 يناير.. ومنذ ذلك الوقت وهم يوحون بجهد أنهم الثوار الذين حموا الثورة، بالرغم من أن المؤسسة العسكرية هى التى كان لها الفضل الأول. وما مورس من أفعال للإخوان وحزبها خلال العامين الماضيين كان صادماً بكل المعنى.. حيث لم يوفوا بأى وعد أو عهد قدموه.. وعلى سبيل المثال ما يسمى بمشروع «النهضة» الذى كان جزءاً من برنامج الرئيس محمد مرسى بانتخابات الرئاسة ووعدنا بأنه سيأخذنا إلى عصر تتحقق فيه كل آمال بناء مصر الحديثة.. كذلك ما صوروه بأن بمجرد وصولهم إلى منصب رئاسة الدولة ستحصل البلاد على 200 مليار.. ولم يحددوا كيف؟.. ونحن الآن نسعى بكل استماتة للحصول على 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولى.. كذلك يتجه النظام للاستدانة من كل أرجاء العالم.. وبدون حذر.. بما سيكلفنا ذلك!! ولا ننسى.. ما تعهد به الرئيس مرسى بأن فى 100 يوم الأولى من حكمه سيحل خمس قضايا يعانى منها المواطن: «الأمن.. المرور.. العيش.. الوقود.. النظافة».. ولا تعليق على ما نفذ منها خلال فترة الثمانية شهور.. حيث ازدادت سوءاً فى كل القضايا وعلى كل المحاور بدون استثناء!! وأما الحديث التليفزيونى للرئيس مرسى مع إحدى الفضائيات الخاصة.. فلقد ضاعف من القلق الذى يشعر به المواطن المصرى.. وزاد من تخوفه على مصير الوطن.. وما سوف تئول إليه الأمور.. فلقد أظهر الحوار أن ما يحدث على أرض الواقع غائب عن مؤسسة الرئاسة.. بحيث لا يصل إليها ما يقع فى الشارع المصرى.. واشتعال الأوضاع الذى يمتد فى أرجاء البلاد يوماً بعد يوم.. حيث أصبح هناك اتجاه نحو العصيان المدنى فى المحافظات. كذلك فكر «المؤامرة» كان مسيطراً من خلال ردود الرئيس على أسئلة المحاور.. فبالنسبة للشخصيات المعارضة.. لا يعارضون لمصلحة الوطن.. بل يسعون إلى السلطة.. وأما بالنسبة للثوار.. فلا يرى منهم إلا البلطجية!! وكعادة الرئيس مرسى دائماً فى أحاديثه ينهيها بالدعوة «للحوار» بعد أن يكون اتخذ القرار بشكل نهائى.. وضح ذلك جلياً فى الإعلان الدستورى الذى أصدره، وبالنسبة للدستور، وأخيراً بالنسبة لقانون الانتخابات.. ثم يتساءلون لماذا لا تشارك المعارضة فى الحوار؟ الكلمة الأخيرة السؤال «مصر إلى أين؟» من المستحيل الإجابة عن السؤال.. تحت نظام حكم.. ليس له رؤى.. بل همه الأول الاستحواذ على كل مفاصل الدولة، والانفراد بها.. واستبعاد الآخرين. عظيمة يا مصر