عزة بعد الاتفاق..ترقب لقمة دولية بشرم الشيخ وترتيبات لتسليم الأسرى و الوسطاء أجّلوا القضايا الأصعب لعدم جاهزية الأطراف    مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    بدء تحرك الحافلات مع الصليب الأحمر لاستلام الأسرى الفلسطينيين (فيديو)    منتخب المغرب للشباب يفوز على أمريكا ويتأهل لنصف نهائى كأس العالم    رئيس الوزراء البريطانى يصل إلى شرم الشيخ للمشاركة فى قمة السلام    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. مقتل صالح الجعفراوي خلال اشتباكات بين حماس وعائلة فلسطينية في غزة.. ترامب يغادر البيت الأبيض بعد قليل متجها إلى الشرق الأوسط.. والرئاسة الفرنسية تعلن تشكيل حكومة جديدة    إبراهيم عادل يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    نادر السيد يكشف تفاصيل مسيرته فى الملاعب حتى الاعتزال: لم انتقل من الزمالك للأهلي مباشرة.. قررت أكون حارس مرمى وأنا عمري 7 سنين.. بطولة أفريقيا 93 مع الزمالك كانت ملحمة.. واعتزلت كرة القدم عندما فقدت شغفي    على أغانى أحمد سعد.. تريزيجيه يرقص مع ابنه فى احتفالية التأهل للمونديال    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    بلال مظهر يسجل أول أهدافه ويقود رديف أولمبياكوس للفوز على كاليثيا    الخامس.. غانا تفوز على جزر القمر وتتأهل إلى كأس العالم    منتخب مصر ينتصر على غينيا بيساو بهدف نظيف في تصفيات كأس العالم 2026    بوركينا فاسو تختتم التصفيات بفوز ثمين في ختام مشوار إفريقيا نحو المونديال    الأولى على القسم الجامعي "تمريض": التحاقي بالقوات المسلحة حلم الطفولة وهدية لوالدي    فرنسا تُعلن تشكيل حكومة جديدة برئاسة لوكورنو لتجاوز الأزمة السياسية    ترامب: الصراع في غزة انتهى والإدارة الجديدة ستباشر عملها قريبًا    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في مدينة خان يونس    بعد تجاوزات إثيوبيا غير القانونية.. مصر تكشر عن أنيابها في أزمة سد النهضة.. متخصصون: ندافع عن حقوقنا التاريخية في نهر النيل والأمن المائي خط أحمر    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    خبير تربوي يضع خطة لمعالجة ظاهرة العنف داخل المدارس    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 125.6 مليار جنيه في عطاء أذون الخزانة اليوم    الغرف السياحية تكشف تأثير قمة شرم الشيخ على مدينة السلام    وزير الصحة يلتقي الرئيس التنفيذي لمعهد WifOR الألماني لبحث اقتصاديات الصحة    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    أسامة الجندي: القنوط أشد من اليأس.. والمؤمن لا يعرف الإثنين أبدًا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    نوفمر المقبل.. أولى جلسات استئناف "سفاح المعمورة" على حكم إعدامه    ابن النادي" يتصدر تريند "إكس" بعد تصاعد الأحداث المثيرة في الحلقات الثالثة والرابعة (صور)    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    بعد مصرع الطفل " رشدي".. مديرة الامراض المشتركة تكشف اساليب مقاومة الكلاب الحرة في قنا    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    مي فاروق: أغنية «باركوا» علامة في كل الأفراح.. ومشاركة زوجي في ألبوم «تاريخي» صدفة    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    وزارة الصحة: 70% من المصابين بالتهاب المفاصل عالميا يتجاوز عمرهم ال55 عاما    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل عودة طالبان ترجمة لعودة القاعدة وهل ستصبح منصة لهجمات إرهابية عابرة للحدود؟
اللواء مجدى أبوالمجد يكتب:
نشر في الوفد يوم 01 - 09 - 2021

هل أخطأ الأمريكان التوقع بانهيار النظام الأفغانى أم رتبوا سلفًا سيناريو النهاية؟
صعود طالبان يحتم على دول الشرق وشمال أفريقيا اليقظة والتنسيق مع المجتمع الدولى
طالبان والانتصار السريع وهل حافظت أمريكا على طالبان لمواجهة الخصوم
تسارعت الأحداث بصورة دراماكتية بعد سيطرة طالبان على كابول وفى الليلة الأولى للسيطرة على عاصمة افغانستان نظم مقاتلو طالبان المنتصرون دوريات لضبط الأمن ومنع الفوضى فى الشوارع، بعد نهاية سريعة ومذهلة للحرب فى أفغانستان التى استمرت 20 عاما، وكان رئيس البلاد اشرف غنى قد فر من البلاد فجأة إلى دولة الإمارات بعد حصار المسلحين العاصمة، لتحتفى حركة طالبان بنصر عسكرى غالٍ حيث سيطروا على جميع المدن فى غضون 10 أيام فقط، فسقوط المدن الأفغانية بشكل متسارع فى يد حركة «طالبان» يطرح العديد من الأسئلة أول هذه الأسئلة هو(هل فشلت الولايات المتحدة الأمريكية فى بناء حكومة قادرة على مواجهة خطر التنظيمات الدينية؟ ) أم أن واشنطن سعت للحفاظ على قوة طالبان خلال عقدين فائتين؟ وكيف يمكن قراءة المشهد الأفغانى وانعكاساته على المنطقة والإقليم؟، بادئ ذى بدء لابد أن نحرر المصطلحات والمواقف بما حدث ولا يزال يحدث داخل أفغانستان، وللإجابة عن السؤال الأهم (هل نُعد السقوط السريع للحكومة الأفغانية أمام طالبان فشلًا للولايات المتحدة الأمريكية فى مواجهة الإرهاب؟ أم أن الأمر يتعلق بالفشل فى بناء قدرات الجيش الأفغانى ليكون قادرًا على مواجهة طالبان التى انتظرت خروج القوات الأمريكية لتنقض على الحكم؟، يبدو للمتابعين أن أمريكا حافظت على طالبان طوال فترة وجودها فى أفغانستان منذ بداية الحرب الأمريكية على الإرهاب هناك فى عام 2001 حتى خروج القوات الأمريكية عام 2021، وأن الهدف من الاحتفاظ بوجود هذه الحركة هو استخدامها فى مواجهة خصومها السياسيين، فهل تريد الولايات المتحدة أن تصبح أفغانستان منصة لتصدير الإرهاب والتطرف للعالم؟؟.
طالبان والبدايات وعملية الظهور بالوجه الجديد
النهايات موصولة بالبدايات فقد ولدت كل من حركة طالبان وتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية من رحم التنظيمات السلفية الجهادية التى سبقتها، نشأت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية المعروفة باسم طالبان (جمع كلمة طالب فى لغة البشتو) فى ولاية قندهار (جنوب غربى أفغانستان) على الحدود مع باكستان عام 1994، عقب انسحاب قوات الاتحاد السوفيتى السابق من أفغانستان، فطالبان حركة إسلامية سنية تعتنق المذهب الحنفى، وتعتبر الحكم الشرعى فى مذهبها حكما واحدا لا يحتمل الأخذ والرد حوله، وحينما وصلت طالبان إلى السلطة فى أفغانستان فى منتصف التسعينيات وحتى عام 2001، وكانت أفغانستان عمليًا دولة منبوذة، باستثناء ثلاث دول فقط اعترفت بشرعيتها، وهى كل من السعودية وباكستان والإمارات، وتولى زعامتها الملا عمر، وخلّفه الملا منصور، الذى قتل فى غارة أمريكية عام 2016 ليحل محله نائبه المولوى هبة الله أخوند زاده، المعروف بتشدده أيضًا.
واليوم لا تزال طالبان تعتبر نفسها الحاكم الشرعى لإمارة أفغانستان الإسلامية كما يسمونها، وسيرغبون بدرجة معينة من الاعتراف الدولى بهم، ويبدو أنهم حريصون بالفعل على طرح فكرة أنهم جاءوا لاستعادة النظام والهدوء والسلطة، بعد الفساد والاقتتال الداخلى والهدر الذى اتسمت به الحكومة على مدى السنوات العشرين الماضية.
يبقى مستقبل أفغانستان مرتبطًا بنوعية السياسات التى ستعتمدها حركة طالبان فى الأشهر المقبلة، فبعد دخول كابول، أرادت طالبان إيصال رسالة واضحة بأنها تحترم القواعد، وكأنها بدأت بإجراء عملية لتغيير وجهها فى الخارج! ويبقى التساؤل فيما إذا كان المجتمع الدولى سيكمل وضع المكياج على الوجه الجديد أم سيتركه قبيحًا كما يراه كثير من ضحاياه الأفغان، فقصة أفغانستان لن تنتهى بسيطرة طالبان، فتطورات المشهد فى أفغانستان قد تنحصر لدى البعض فى سيطرة حركة طالبان على مفاصل الدولة وفرضها لرؤيتها المتشددة، إلا أن المشكلة على ما يبدو أعمق من ذلك إذ تحتمل تقسيم أفغانستان نفسها بسبب تفاعلات إقليمية مع دول الجوار.
ما هى العوامل الثلاثة التى تمكن حركة طالبان من ترسيخ وجودها فى حكم البلاد؟
قد أثارت عودة الحركة إلى الاستيلاء على حكم أفغانستان دون مقاومة تذكر من الداخل الأفغانى أو ممانعة إقليمية حقيقية أو رفض دولى قوى، كثيرا من التساؤلات التى ظلت تبحث عن إجابات فى ضوء هذه التحولات التى تشهدها أفغانستان محليا وإقليميا وعالميا، ومن بين هذه التساؤلات ما العوامل التى أدت إلى انسحاب الجيش الأفغانى والقوى المعارضة لحكم طالبان دون مقاومة، على غرار ما كان متوقعا بأن الأمر سيدخل البلاد حتما فى أتون حرب أهلية؟ فما هى دوافع الأطراف الإقليمية الفاعلة فى الملف الأفغانى لقبول عودة هيمنة الحركة على السلطة؟ ولماذا اتخذت الأطراف الدولية موقفا أقرب إلى المهادنة مع الحركة؟. وهل يرجع ذلك إلى الارتكان للاتفاقات الأمريكية مع قادة الحركة لضمان مصالح هذه الأطراف فى أفغانستان،على الرغم من كل هذه المواقف التى مكنت الحركة من العودة إلى قمة السلطة بسهولة ويسر، لا تضمن أن تمكّن الحركة من ترسيخ وجودها فى حكم البلاد، إذ يظل الأمر مرهونا بعوامل ثلاثة، الأول مصداقية الحركة فى تنفيذ وعودها سواء تلك المتعلقة بحماية جميع البعثات الدبلوماسية على أراضيها من ناحية، أو تلك المتعلقة باحترام تعهداتها بإفساح المجال لمشاركة الأطراف الأفغانية الأخرى فى الحكومة القادمة، الثانى قدرة الحركة على حل المعضلات الأمنية والأزمات الاقتصادية اليومية التى يعيشها الشعب الأفغانى، الثالث وفاء الحركة بتعهداتها مع الأطراف الدولية والإقليمية بعدم معاونة التنظيمات الإرهابية على أراضيها.
هل عودة طالبان ترجمة لعودة القاعدة وهل ستصبح منصة لاحقة لهجمات إرهابية عابرة للحدود؟
ثمة ابتهاج فى وسائل التواصل المختلفة
على الإنترنت بما حدث فى أفغانستان، لما يعتبره أنصار القاعدة انتصارًا تاريخيًا لطالبان، بما يبشر بعودة تنظيم القاعدة بقوة إلى أفغانستان وتحولها إلى ملاذ آمن للجماعات الإرهابية الدولية مجددًا، ولكن هل تترجم عودة طالبان على أنها عودة لقواعد القاعدة ومنصة لاحقة لهجمات إرهابية عابرة للحدود تستهدف الدول الغربية من بين أهداف أخرى؟، فهل ينصب تركيز طالبان على حكم أفغانستان وفقًا لتفسيرها الصارم للشريعة الإسلامية، وليس خارج حدودها، وهل الجهاديون الآخرون فى القاعدة وتنظيم الدولة لهم رأى آخر فقد يكون لديهم طموحات مختلفة خارج تلك الحدود، ومن المحتمل أنه فى حين أن حكومة طالبان الجديدة قد ترغب فى كبح جماحهم، إلا أن هناك جيوبًا فى البلاد يمكن أن تمرر فيها الجماعات أنشطتها دون أن يلاحظها أحد.
هل أخطأ الأمريكان التوقع بانهيار النظام الأفغانى، أم أنهم رتبوا سلفا سيناريو لهذه النهاية الكالحة؟
استيلاء حركة طالبان على السلطة فى البلاد هو مسار بديهى يعيد البلد إلى الوضع الذى كان عليه قبل الغزو الأمريكى عام 2001، ببساطة شديدة تعيد واشنطن أفغانستان إلى الطرف الذى كان يحكمها وكأن عشرين عاما من الزمن كانت مرحلة عرضية، وما تغير خلال عقدين هو كل شيء، تغير العالم، وتغيرت طالبان، وتغيرت الولايات المتحدة، وتغيرت المنظومة الغربية، وتغيرت مصالح الدول المعنية بمصير أفغانستان، وتغيرت خرائط الإرهاب وهياكل تنظيماته، على كل حال يدور فى ذهن الكثير، هل أخطأ الأمريكان التوقع بانهيار النظام الأفغانى بهذه السرعة القياسية بعد انسحابهم فتلك مصيبة، وإذا كانوا توقعوا ذلك الانهيار حتى قبل الانسحاب فالمصيبة أعظم، وهى أعظم لأن معنى ذلك أنهم رتبوا، سلفا لهذه النهاية، وأن طالبان كانت شريكا لهم فى هذا الترتيب، فليس مفاجئا ولا خارج التوقعات ما حدث من انهيار شامل للنظام الأفغانى ومن سيطرة كاملة لحركة طالبان على السلطة والبلاد، كان ذلك محبوكا الحبكة السياسية الجيدة فى مفاوضات التسوية، التى جرت بين ممثلى الحركة وممثلى النظام منذ زمن والتى هى على الحقيقة الاسم المستعار لمفاوضات تسليم الأمريكيين السلطة إلى حركة طالبان، البينات والقرائن على ذلك كثيرة لعل أظهرها أن مفاوضات الانسحاب الأمريكى من أفغانستان جرت، فى المقام الأول، مع حركة طالبان لا مع الحكومة، وهو ما يعنى أن تفاصيل كثيرة منها دارت حول ما بعد الانسحاب وترتيبات تكوين السلطة وعلاقات واشنطن بأفغانستان بعد جلاء قواتها، وربما حتى الأدوار المطلوبة من الحركة فى المحيط الإقليمى لأفغانستان، وقد لا يكون مستبعدا أن الأسلحة والمعدات الأمريكية المتروكة فى القواعد إنما هى عطاء أمريكى لتعزيز قوى الحركة فى إنجاز أدوار إقليمية قادمة، فإذا كانت الولايات المتحدة، إدارة وجيشا، قد رتبت على هذه الحقيقة التحتية، فى مفاوضات تدور على ترتيبات ما بعد الانسحاب، فإن المفاوضات هذه لا يمكنها أن تكون سوى مع القوة الفعلية التى تسيطر على الميدان فى البلاد طالبان، ولا يمكن لمن يجريها أن يتوقع مشهدا آخر ختاميا غير الذى رآه العالم فى كابول فى الخامس عشر من شهر أغسطس 2021، فكل حديث عن المفاجأة مجرد خرافة.
عواقب استيلاء على الحكم وفكرة العائدون إلى افغانستان وخطورة الأمر على الشرق الأوسط ومصر؟
اليوم تعلو الأصوات الإقليمية والدولية محذرة من عواقب استيلاء طالبان على الحكم، واحتمالية عودة ازدهار الجماعات الإرهابية مرة أخرى فى عودة عكسية إلى أفغانستان، وتأثير ذلك على المنطقة التى شهدت خلال السنوات الماضية حربًا على الإرهاب فى دول عدة، كانت فى مقدمتها مصر، فسقوط كابول سيؤثر على مصر حال عملت طالبان على إعادة أفغانستان ملاذًا آمنا لكل العائدين من مناطق التوتر فى سوريا والعراق وليبيا وغيرها من مناطق الصراع فى المنطقة، فطالبان هى الأب الروحى للجماعات الإرهابية وعلى رأسها القاعدة، وتتلخص خطورة الأمر على مصر فى أن تصبح أفغانستان ملاذًا لعناصر الإخوان الإرهابية، فتأثير التغيرات فى أفغانستان على مصر يتوقف على التفاهمات التى جرت بين طالبان والولايات المتحدة والتى أدت لدخول عناصر الحركة إلى كابول، فالتأثير سيتوقف على ما ستقدمه طالبان من ممارسات مختلفة عن الممارسات السابقة، فطالبان لازالت حركة متشددة لكنها عملت مواءمات وفتحت قنوات اتصال مع المجتمع الدولى، وبالتالى يجب أن تكون مصر جزء من الدول التى فتحت قنوات اتصال مع طالبان، وأن يكون هناك تفاهمات مع حركة طالبان بهدف فرض وتأكيد ألا تعود طالبان لممارساتها القديمة التى كانت عليها خلال حكمها المتشدد فى التسعينيات، والفترة القادمة لابد أن تكون هناك ضغوط ورسائل وتواصل مع المجتمع الدولى لتغيير سياسة طالبان، ومصر لها حلفاء بين هذه الدول، فيجب أن يكون هناك ضمانات بألا تعود أفغانستان ملاذًا آمنًا للعناصر الإرهابية، فوصول طالبان للحكم أعاد للأذهان التاريخ الحافل لأفغانستان كونها حاضنة للجماعات المتطرفة، وبالتالى الخوف
الآن من فكرة «العائدون إلى أفغانستان».
انتصار طالبان هو خبر سعيد جدا لكل المتطرفين فى العالم، على الأقل سوف يجدون ملاذا آمنا فى هذه الدولة بدلا من حالة المطاردة التى يعيشون فيها، ونعلم جميعا ونرى أن المتطرفين من كل الفئات تلقوا ضربات موجعة فى السنوات الأخيرة، واندحروا فى العراق وسوريا وسيناء وليبيا إلى حد ما، وأخيرا تونس، بل إن الدول التى كانت تدعمهم بالمال والتخطيط والمأوى، اضطرت إلى التخلى عنهم بصورة حتى لو كانت شكلية، حرصا على مصالحها، لكن انتصار طالبان الأخير قد يقود إلى حل المعضلة التى واجهت المتطرفين والدول التى تدعمهم. وعلى سبيل المثال وليس الحصر فإن الإخوانى أوالقاعدى أو الداعشى الذى طلب منه أن يغادر الدول التى كانت تدعمهم، سيجد فى أفغانستان ملاذا آمنا، يتحرك فيها كيفما يشاء، نفس هذه الدول التى طلبت من المتطرفين أن يوقفوا برامجهم التحريضية ضد بلدانهم الأصلية، سوف يجدون فى الأرض الأفغانية حلا مناسبا، حتى لو كان مؤقتا. لكن يبقى الملاذ الآمن هو أفضل هدية يتلقاها المتطرفون من كل المنطقة. إذا استمرت طالبان فى نفس سياستها القديمة، يعنى عودة مصطلحات (الذاهبون إلى أفغانستان، والعائدون منها)، وهذا يعنى تحول أفغانستان إلى المكان الذى يتواجد فيه (منتخب الإرهاب الدولى)، فصعود طالبان يعنى إعطاء نسبة أكسجين عالية جدا لكل المتطرفين العرب والمسلمين، بعد أن عانوا من ضيق التنفس طوال الفترة الماضية، وبعد أن انقطع عنهم معظم الدعم ممن كانوا يشغلونهم.
صعود طالبان يحتم على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومن بينها مصر أن تكون فى حالة يقظة كاملة وتنسيق مستمر مع المجتمع الدولى والإقليمى لمجابهة المخاطر المحتملة من وصول طالبان للحكم، وأن تنسق فيما بينها بصورة جادة حتى تتمكن من بناء استراتيجية حقيقية لمواجهة هذا التطور الدراماتيكى، الذى تسببت فيه أمريكا منذ عام 1979 وحتى هذه اللحظة. الفترة المقبلة تستوجب الحذر والانتباه من دول الإقليم لمواجهة موجة جديدة من الإرهاب، نتاج ما سوف تفرزه طالبان من حركات إرهابية جديدة أو مساعدة للجماعات الإرهابية القديمة لإعادة نشاطها وتهديدها للمنطقة، وعلينا أن نتوقع أنه ليس فقط داعش، بل القاعدة والجماعات الأصغر أيضًا ستصبح أقوى، وسيزداد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية فى الشرق الأوسط، خصوصًا فى سوريا والعراق، وشمال أفريقيا، وظاهرة الأفغان العرب الذين تدربوا وحاربوا فى أفغانستان ثم عادوا لبلادهم قنابل موقوتة وأحزمة ناسفة قابلة للتكرار بصورة أشد عنفا وأكثر ضراوة وهنا مصدر الخطر. فصعود طالبان فى أفغانستان قد يستخدم كورقة من قبل بعض الدول العربية، مثل مصر، للتأكيد بأن هناك مخاطر حقيقية فعلية داخلية وإقليمية، وبالتالى قد يعزز النهج الأمنى لدى العديد من الدول فى المنطقة.
على منطقة الشرق الأوسط انتظار تكرار مشاهد أفغانية عندنا، من العراق وسوريا ولبنان واليمن وأماكن أخرى، لتشابُه أوضاع كثيرة فى منطقة الشرق الأوسط مع الظروف الأفغانية، HYPERLINK «https://www.bbc.com/arabic/world-56759056» وتعيش دول مجلس التعاون الخليجى حالة من الترقب الشديد عشية إعلان حركة طالبان سيطرتها على أفغانستان، باستثناء قطر الرابح المزدوج التى لعبت لسنوات دور الوسيط بين الحركة وواشنطن. والآن أصبحت المعادلة مختلفة وباتت للدول الخليجية حسابات أخرى غير واضحة المعالم حتى هذه الساعة. فقد دعت الإمارات التى شاركت قواتها فى عمليات عسكرية ضد طالبان فى مرحلة معينة، الأطراف الأفغانية إلى بذل الجهود لإرساء الأمن والاستقرار بشكل عاجل. أما السعودية فقد دعت إلى حفظ الأمن واحترام خيارات الشعب الأفغانى، البحرين والكويت حالهما كحال السعودية والإمارات بخلاف قطر التى قد دعت فى بيان لها عشية سيطرة طالبان على الحكم، إلى انتقال سلمى للسلطة وضمان سلامة المدنيين، لكن المفاجأة الكبرى جاءت من سلطنة عمان التى رحّب مفتيها بما سماه الفتح المبين وهو بمثابة ضوء أخضر من السلطان العمانى، هيثم بن طارق، واعترافًا عمانيًا شبه رسمى بحكم طالبان.
المخاطر والتهديدات التى تواجه المنطقة العربية وما هو الدور الفاعل للدول العربية؟
أما المخاطر والتهديدات التى تواجه المنطقة العربية، زيادة فى عدد اللاجئين، وتدفق عدد جديد من المسلحين إلى المنظمات الإرهابية مع زيادة نشاطها، وزيادة فى حجم تهريب المخدرات، فالخطر الوحيد المتوقع هو أن تتحول أفغانستان إلى معقل ووكر للجماعات المتشددة الإرهابية، التى تبدأ عادة هناك وتنعكس نتائجها هنا، فى خضم كل ما سبق، يظل التساؤل الرئيسى متعلقا بالموقف العربى مما يحدث فى أفغانستان التى أثرت بأحداثها السابقة فى الأمن والاستقرار فى كثير من دول المنطقة، حينما كانت بؤرة لنشر الفكر المتطرف والأعمال الإرهابية فى مختلف دول العالم بما فيها المنطقة العربية؟. فإنه من الأهمية بمكان أن لا يعنى ذلك عدم تفاعل الدول العربية مع مستجدات القضية وتطوراتها حتى لا يحدث ما جرى فى العراق سابقا، بل يجب أن يكون للدول العربية الفاعلة (مصر والسعودية والإمارات على وجه التحديد) دور فاعل فى حماية أفغانستان من انفراد حركة طالبان بإدارة شؤونها، مستفيدة فى ذلك من علاقات قديمة كانت تربط كلا من السعودية والإمارات بجماعة طالبان، حيث كانت الدولتان إلى جانب باكستان قد اعترفت بحكم طالبان، وقد يكون من المفيد استغلال هذه العلاقة القديمة بالانفتاح والحوار مع قادة الحركة، التى ستكون بحاجة إلى اعتراف السعودية لما تمثله من ثقل عربى وإسلامى كبير، وكذلك الإمارات بما تملك من قدرات اقتصادية وسوق مفتوحة، إلى جانب مصر ومرجعية الأزهر الشريف، مقابل الحصول من الحركة على ضمانات بعدم إيواء فلول القاعدة، أو استقبال أى مقاتلين فارين من بؤر الصراع فى ليبيا، وسوريا، وغيرهما. ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال تنسيق الأدوار والسياسات مع الفواعل الدولية التى لديها تخوفات حقيقية من نوايا الحركة فى قادم الأيام (يقصد بذلك روسيا والصين التى فتحت كل منهما خطا مباشرا فى التنسيق والتفاوض مع الحركة)، وكذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية التى يظل لها الوجود الأكثر تأثيرا فى أفغانستان، وأيضا مع الفواعل الإقليمية التى لديها تفاعل مباشر مع الأطراف الأفغانية (طاجيكستان وأوزبكستان وباكستان). ومما يعزز هذا التوجه أن طبيعة علاقات الدول العربية الثلاث بكل هذه الأطراف الدولية والإقليمية، تسمح لها بالتنسيق المشترك ورسم مسارات المستقبل المأمول لأفغانستان بعيدا عن الوقوع رهينة فى يد حركة طالبان وتحالفاتها مع شركاء الأمس من التنظيمات الإرهابية والجهادية المنتشرة فى بعض دول المنطقة وتهدد أمنها واستقرارها، ويُقترح فى هذا الشأن أن تُسرع الدول العربية الثلاث بتنظيم مؤتمر دولى تدعو إليه كافة الأطراف الأفغانية والإقليمية الدولية المنغمسة فى الأزمة، وممثلى المنظمات المعنية بالشأن الأفغانى، حيث يناقش كيفية بناء مستقبل أفغانستان من خلال التوصل إلى خريطة طريق لاستعادة الدولة الأفغانية بعيدا عن التجاذبات الدولية والأطماع الإقليمية والصراعات المحلية.
حفظ الله مصر وشعبها وحفظ شبابها ورجالها ونساءها من كل مكروه وسوء وحفظ الله رئيس مصر.. لك يا مصر السلامة وسلاما يابلادى.. تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.
اللواء مجدى أبوالمجد
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.