يترقب العالم بأثره سياسة طالبان المقبلة بعد سيطرتها على كامل تراب افغانستان، وفشل الجيش الافغاني في مواجهة عناصر الحركة. ووضع قادة الدول العظمى منها بريطانيا شروطا للاعتراف بحكم الحركة للبلاد من ضمنها التخلي عن الارهاب، وعدم ترك الساحة الافغانية ملاذا لجماعات إرهابية تعيد نشاطها من جديد. إقرأ أيضا: طالبان تمهل وزير الدفاع الأفغاني 4 ساعات لتسليم ولاية بنشجير انتصار طالبان وسيطرتها على الساحة الافغانية، وخروج الجنود الأمريكان بعد تواجد دام لعشرين عاما على خلفية احداث 11سبتمبر 2001 التي خلفت خسائر كبيرة بشرية ومادية لأمريكا بعد ضرب برج التجارة العالمي إبان حكم "بوش الأبن"، خلف حالة السجال في الداخل الأمريكي. اللوم لإدارة بايدن فبعد انقسام الشعب الامريكي بين مؤيد ومعارض للخروج من افغانستان، خاصة بين الحزبين الكبار "الجهوريين-ديمقراطيين"، أصابع اللوم في الوقت الحالي موجهة وبقوة تجاه إدارة الرئيس الأمريكي"جو بايدن"، التي إتخذت قرار الإنسحاب النهائي من الاراضي الأفغانية. ووفق لاستطلاعات الرأى، الصادرة عن مؤسسة "جالوب"التأييد الشعبى للتواجد العسكرى الأمريكى فى أفغانستان شهد تراجعًا كبيرًا فى السنوات الأخيرة، خاصة منذ عام 2014، وبعدما حظيت بتأييد شعبى واسع وصل إلى 93% عام 2001، وظل هذ التأييد يتجاوز الأغلبية حتى مقتل بن لادن عام 2011. ويرى البعض أن الحرب على أفغانستان كانت خاطئة فى التصاعد حتى تساوى عدد المؤيدين مع عدد الرافضين لأول مرة عام 2014، ثم انخفض التأييد لأدنى مستوياته عام 2021 توافقًا مع الانسحاب الأمريكى من أفغانستان. وجاء إنخفاض نسبة تأييد الانسحاب الأمريكي من الأراضي الافغانية نتيجة التخوف من إعادة سيناريو 2001، وتسترد الحركة عافيتها، ويصاب العالم من ويلات العمليات الإرهابية من جديدة، خاصة بعد ظهور جماعات أخرى تتبني فكرا متطرفا مثل" داعش-النصرة-بيت المقدس" بجانب جماعة الإخوان الإرهابية التي خرجت من رحمها كل التنظيمات بمختلف مسمياتها. ووفقا لاستطلاعات الرأى المنشورة فانه من الملاحظ أنه بالرغم من اتساق مواقف وسياسات إدارة بايدن مع إدارة ترامب فيما يخص الملف الأفغانى، إلا أن أنصار الحزب الجمهورى مازالوا الأكثر تأييدًا للحرب على أفغانستان، حيث يرى 29% من الجمهوريين أنه كان من الخطأ إرسال قوات أمريكية إلى أفغانستان مقارنة ب56% من الديمقراطيين و54% من المستقلين. وفيما يخص قرار الانسحاب العسكرى الكامل من أفغانستان، فقد وصلت نسبة التأييد لهذا القرار إلى 70% من الأمريكيين فى يوليو 2021، ثم انخفضت إلى 49% فى أغسطس 2021، عقب تقدم قوات طالبان تجاه كابول وحالة الفوضى التى تلت عملية الانسحاب. تنسيق للمصلحة وفي الوقت الذي يتخوف العالم من اتباع حركة طالبان منهج التطرف والارهاب ودخول افغانستان في نفق مظلم وجعلها مركز قوى لجماعات إرهابية أخرى، نسقت بعض الدول مع الحركة من قبل عقب سيطرتها على البلاد، وبحسب تصريحات خرجت من الهندوبريطانياوأمريكا، أن التعامل مع الحركة كان مؤقت لأجل إجلاء أبناء تلك الدول عبر مطار كابول الذي تسيطر عليه الحركة. وقال الخارجية الهندية، إن طالبان أصبحت واقعا خارج مطار كابول، وكان على الجميع العمل معها إلى حد ما لإخراج مواطنيه من هناك، وكانت هذه أولوية لكل دولة. وزار مدير السى أى إيه "ويليام برنز" كابول للقاء زعيم طالبان عبد الغنى باردار الأسبوع الماضى لمناقشة عملية الإجلاء، وساعدت مثل هذه الاتصالات على إخراج أكثر من 114 ألف شخص من كابول فى غضون أسبوعين. اعتراف مشروط وجاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكية انتونى بلينكن، لتؤكد بأن التعامل مع حركة طالبان مرهون بشروط، حيث قال إن واشنطن ألمحت إلى احتمال حصول حكومة طالبان على قبول دولى إذا منعت البلاد من أن تصبح ملاذا للإرهابيين مثلما كانت بالنسبة للقاعدة قبل هجمات 11 سبتمبر. وتتزايد رسائل قادة الدول الكبرى منها بريطانيا، حيث جاء على لسان "بوريس جنسون"لو أراد النظام الجديد فى كابول الاعتراف الدبلوماسى، فعليها أن تمنع أفغانستان من أن تصبح مرة أخرى حاضنة للإرهاب العالمى". وتحدث جونسونعبر رسالة فيديو عن الدمار الذى سببته الشبكات الإرهابية لزعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، ليقول أن تضحيات 457 جنديا بريطانيا فقدوا حياتهم خلال الحملة العسكرية التى استمرت 20 عاما لم تذهب هباءً. مراوغة مفضوحة وفي الوقت الذي يتخوف العالم من اتباع حركة طالبان سياساتها القديمة، تحاول تبييض صورتها عبر ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان الذي يتجول على الفضائيات ليؤكد للعالم بأن حركته تغيرت وأصبحت معتدلة، وأنها أصدرت عفوا عن الأفغان الذين حاربوها أو تعاونوا مع الاحتلال الأمريكى. كما اكدت الحركة على لسان متحدثها أنها تريد إقامة علاقات طيبة مع كل جيرانها، هذه المراوغة دفعت كثيرين للاعتقاد بأن الحركة الارهابية التى احتضنت تنظيم القاعدة وهدمت تمثال بوذا الأثرى فى باميان ومنعت النساء من التعليم والعمل قد تخلت عن سياساتها القديمة. لكن معظم الأخبار التي جاءت من بعض الاقليم عقب سيطرة الحركة على البلاد جاءت لتؤكد بأن ماتقوله الحركة عن تخليها عن الأفكار المتشددة ليس إلا أكاذيب وأنها تلاحق خصومها وتعتقلهم وتعدمهم ميدانيا وتعيد وضع النساء فى أقفاص العبودية. كسب ثقة المجتمع الدولي ومن جانبه قال السفير أحمد القويسني مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن العالم في حاجة لأن يقر ويعترف بأن حركة طالبان تمثل واقع إجباري، وأنها ليست حركة جديدة بل قديمة تطورت وتواصل تطورها. وأضاف القويسني، أن العالم بعد صعود طالبان يخشى بعض الممارسات والافكار القديمة، وفي ذات الوقت لاتمتلك أية بيانات عن انفتاح الحركة أو إيمانها بحرية العقدية والحكم الرشيد من عدمه. واردف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن العالم يحاول تحذير طالبان من مغبة الرجوع للافكار القديمة المتطرفة للتعامل معها، مشيرأن أن صعود الحركة بكل قوة وعودتها للساحة الافغانية سمة من سمات التراجع الأمريكي والتخبط وفتقاد المعلومات. وتوقع القويسني أن تستفيد حركة طالبان من تجارب الأخرين وتحاول الظهور بصورة معتدلة واتباع سياسات أكثر واقعية وعملية نحو التعمير لكسب ثقة المجتمع الدولي، لترسيخ أقدام مصالحها. الترويج للاعتدال وفي سياق، قال هشام النجار، الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، إن المستفيد الأول من سقوط أفغانستان في أيدي حركة طالبان هم الجهاديين أنفسهم، وفي المرتبة الثانية جماعة الإخوان الإرهابية. وأضاف النجار في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن سقوط أفغانستان أعطى الفرصة للجهاديين في تحسين صورتهم والترويج لاعتدالهم على خلاف جماعة الإخوان التي استغلت سقوط أفغانستان في بث روح الأمل في نفوس شباب الجماعة. وأردف، أن شباب جماعة الإخوان أصيبوا بحالة من اليأس والتراجع بعد سقوطهم في مصر، لذلك المنابر الإعلامية دائمًا ما تروج وتستخدم صعود طالبان في تأكيد أنه مهما طال الزمن فإن حلم الوصول للسلطة قادم. وحول ما إذا كان لأمريكا غرض وراء صعود طالبان، قال: "أمريكا فشلت في التصدي لطالبان وليس هناك مؤامرة، أمريكا كانت تريد الاستمرار لكن المتغيرات جاءت بالعكس". وحول مساعدة طالبان لجماعة الإخوان لاحقًا، أشار إلى أن حركة طالبان ستفسح المجال واسعًا أمام جماعة الإخوان لإحياء مشروعهم من جديد. وفي سياق متصل ، قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الوضع في افغانستان معقد والصورة العامة لم تتضح، وهل الحركة تحترم الحريات والقانون الدولي أملا؟. وأضاف بيومي، أن أعتراف العالم بحركة طالبان يحكمه تصرفها وعودتها للافكار القديمة من عدمه، مشيرا أن الموقف يحتاج تقييم دقيق. وحول ما إذا كانت هناك نوايا أخرى أمريكية وراء الانسحاب من أفغانستان، قال إن أمريكا تنسحب من أفغانستان إلا بهدف يحقق مصالحها، وأن أمريكا تتبع سياسية خلق أزمات وحروب في العالم لأجل بيع السلاح. وكشف مساعد وزير الخارجية الأسبق أن حركة طالبان تستغل صعودها وسيطرتها على الساحة الافغانية في الاستفادة من ذلك، وتحاول كسب ثقة قادة الدول الكبيرة، تلبية شروطها نحو التخلي عن الافكار القديمة. موضوعات ذات صلة:- شاهد.. إطلاق أعيرة نارية تحذيرية لتفريق الأفغان حول مطار كابل وزير الدفاع الأفغاني يرفض تسليم ولاية بنشجير: مقاومة طالبان فرض علينا