بدء الاقتراع في 20 دائرة من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب بالدوائر المُلغاة    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    تنسيقية شباب الأحزاب تهنئ أعضاءها الفائزين بعضوية "مجلس النواب"    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 3 ديسمبر في سوق العبور للجملة    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 3 ديسمبر 2025    وزير الخارجية يؤكد اهتمام مصر بالدبلوماسية البرلمانية لتعزيز أواصر التعاون مع برلمانات دول العالم    القطاع الخاص غير النفطي في مصر يسجل أقوى نمو خلال 5 سنوات    جولة مفاجئة.. محافظة الغربية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات فجرًا    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان وسط اعتراض أمريكي-إسرائيلي    روبيو: واشنطن حققت بعض التقدم فى المحادثات مع روسيا بشأن أوكرانيا    نتنياهو: اتفاق محتمل مع سوريا بشرط إنشاء منطقة عازلة    زلزال بقوة 4 درجات يضرب جنوب غربى باكستان    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    جوارديولا: أهداف فولهام من أخطاء دفاعية.. ولا أملك إجابة لما حدث في المباراة    القلاوي حكما للقاء الجونة وبترول أسيوط في دور 32 لكأس مصر    نادي الزهور ينعى يوسف محمد لاعب السباحة ويعلن الحداد 3 أيام    أمطار وشبورة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 3-12-2025 في محافظة الأقصر    د.حماد عبدالله يكتب: " ينقصنا إدارة المواهب " !!    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    متحدث الصحة: تحذير للمسافرين من أدوية ومستلزمات خاضعة للرقابة الدولية    تجديد حبس المتهمين باستدراج موظف وسرقته    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    مطروح للنقاش.. نجاح خطة ترامب لحصار الإخوان وتأثير طموحات ماسك على منصة إكس    توقيع مذكرة تفاهم بين "الاتصالات" و"الاعتماد والرقابة "بشأن التعاون فى تنفيذ التطوير المؤسسي الرقمى    إصابة 9 أشخاص بينهم أطفال وسيدات في حادث تصادم بالفيوم    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    زكريا أبوحرام يكتب: تنفيذ القانون هو الحل    «أحكام الإدارية» تُغير خريطة البرلمان    5 محاذير يجب اتباعها عند تناول الكركم حفاظا على الصحة    5 وفيات و13 مصابًا.. ننشر أسماء المتوفين في حريق سوق الخواجات بالمنصورة    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    زينة عن شخصيتها في "ورد وشوكولاتة": حبيتها لأنها غلبانة وهشة    مصر توسّع حضورها في الأسواق الأفريقية عبر الطاقة الشمسية والتوطين الصناعي    سوريا تعلن إحباط محاولة تهريب ألغام إلى حزب الله في لبنان    «بإيدينا ننقذ حياة» مبادرة شبابية رياضية لحماية الرياضيين طبيًا    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    في ملتقى الاقصر الدولي للتصوير بدورته ال18.. الفن جسر للتقارب بين مصر وسنغافورة    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    مقتل شخص أثناء محاولته فض مشاجرة بالعجمي في الإسكندرية    والد جنى ضحية مدرسة الشروق: ابنتي كانت من المتفوقين ونثق في القضاء    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    مانشستر سيتي يهزم فولهام في مباراة مثيرة بتسعة أهداف بالدوري الإنجليزي    تقرير مبدئي: إهمال جسيم وغياب جهاز إنعاش القلب وراء وفاة السباح يوسف محمد    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة أسيوط تختتم ورشة العمل التدريبية "مكافحة العنف ضد المرأة" وتعلن توصياتها    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في جنوب سيناء    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفغانستان تحت عباءة «طالبان»
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 08 - 2021

فى صباح الثلاثاء 11 سبتمبر عام 2001 فوجئ العالم ببث حى متلفز عن عملية إرهابية غير مسبوقة تاريخيًا وعالميًا حيث اقتحمت طائرتان مدنيتان مختطفتان يقودهما انتحاريون ينتمون لمنظمة القاعدة الإرهابية، والتى يترأسها أسامة بن لادن من أفغانستان، وقاما باقتحام وتدمير ناطحتى سحاب فى نيويورك، وكانت النتيجة مصرع 2966 إنسانا، وبالطبع قُتل ال19 إرهابيا من تنظيم القاعدة، وبعد 17 دقيقة فوجئ الجميع بطائرة ثالثة تصطدم بمبنى البنتاجون فى واشنطن وتدمر جانبًا منه، وطائرة رابعة كانت تستهدف البيت الأبيض لكنها سقطت، واصطدمت بالأرض فى إحدى الحقول، وقد أعلن أسامة بن لادن من جبال قندهار فى أفغانستان، أنه هو المسئول عن هذه العملية بكل تفاصيلها.
وكان من أهم تداعيات هذا الحادث تحول ضخم فى تاريخ الولايات المتحدة والعالم؛ سواء من ناحية سياستها الداخلية أو على صعيد علاقاتها الخارجية. وكان من أهم ما أعلنته أمريكا عن سبب احتلالها أفغانستان هو القضاء على الإرهاب وضمان عدم استخدام هذا البلد (أفغانستان) كملجأ آمن للجماعات الإرهابية التى تهدد أمن واستقرار أمريكا أو أى بلد آخر فى العالم. وقد أعلنت أمريكا أيضًا الحرب على تنظيم القاعدة وعلى جماعة «طالبان» التى وفرت للقاعدة وزعيمها بن لادن الملاذ الآمن وحرية الحركة، على أن تستمر حتى القضاء نهائيًا على هذا التنظيم.
وها هو سبتمبر 2021م يقترب ولم يتحقق القضاء على طالبان، بل العكس هو الذى حدث. فالعجيب أن الولايات المتحدة اليوم تتفاوض مع طالبان، ذلك التنظيم الإرهابى الذى يعلن توبته بوعود تتنافى مع دعوته وإيمانه مثل السماح بعمل المرأة وصدور العفو العام عن جميع الموظفين طالبة منهم العودة للحياة الطبيعية والعمل فى المؤسسات الحكومية وقد ظهرت المذيعات على شاشات القنوات وفى الميدان دون اللجوء إلى وضع نقاب أو حجاب والذى كان مفروضًا على المرأة فى الفترة الأولى من حكم الحركة... إلخ، ومن المعروف والواضح والأنكى أنه مازالت الروابط القوية بين طالبان المُعدَّلة والقاعدة وداعش تزداد يومًا بعد يوم على قدم وساق. وما يجمع هؤلاء الثلاثة من أهداف معلنة هو مواصلة الحرب ضد القوات الأمريكية على كل الجبهات حتى خروجها من كل العالم العربى الإسلامى.
•••
لقد انتصرت رؤية وسياسة أوباما ووزيرة خارجيته، ومازالت أفكار هيلارى كلينتون وسياسة الحزب الديمقراطى مستمرة والذى كانت توجهاته هى ترك هذه البلاد لكى تقرر مصيرها بيديها. ولعلك عزيزى القارئ تتذكر انتخابات رئيس جمهورية مصر العربية أثناء الربيع العربى، وكيف ضغطت هيلارى كلينتون لإنجاح محمد مرسى، ونتذكر جيدًا تلك السنة التى كان فيها محمد مرسى رئيسًا لمصر وكيف حرر جميع المتطرفين من السجون.
وهكذا نستطيع أن نؤكد أنه بعودة الحزب الديمقراطى بقيادة بايدن سوف تعود هذه السياسة خاصة بعد هزيمة ترامب (الحزب الجمهورى) فى الانتخابات الأخيرة. بلا شك لقد ضيع ترامب فرصة فوزه ثانية برئاسة أمريكا بحماقاته السياسية، لكن من الناحية الأخرى نرى تداعيات سياسة الحزب الديمقراطى، حيث تحكم حركة «طالبان» دولة أفغانستان، وهى تتحدث الآن من كابول وقد استولت عليها تمامًا. لقد انهزم بايدن واهتزت الثقة فى الحزب الديمقراطى، ولقد وصل الحال إلى أن هناك مساعي من إدارة بايدن لإقناع «طالبان» بعدم مهاجمة السفارة الأمريكية فى كابول!، ومن السذاجة التى تعودناها من السياسيين الأمريكيين القول إن الحجة التى تعتمدها الحكومة الأمريكية هى أن طالبان من المستحيل أن ترتكب مذابح لأن حمام الدم قد يؤذى سمعتها الدولية!، وكأن الإرهابيين المتشددين قلقون من صورة وسمعة علاقاتهم العامة!. والسؤال الذى يجب أن تجيب عليه أمريكا هو: ما الذى تغير فى تفكير جماعة «طالبان»؟! وأين ذهب الجهد الذى كنا نسمع أنه بُذل خلال عقدين من الزمان لقيام وصعود جيل جديد فى أفغانستان قادر على مواجهة أفكار «طالبان» المتطرفة؟، وكذلك دعم نظام سياسى قابل وصالح لاستيعاب مختلف التيارات الحزبية والقبائل، وتمثيلها تمثيلًا عادلًا فى مؤسسات الدولة؟!.
إن ما ردده أوباما وهيلارى وكونداليزا رايس وهم يجلسون على كراسٍ مريحة يُنظّرون ويتفلسفون ويعظون بلاد العالم الثالث التى تحاول أن تتصدى للإرهاب الذى سيطر عليهم بسبب فقرهم وجهلهم قائلين «هذه بلادكم وعليكم الدفاع عنها وهذا شعبكم وعليكم حمايته، وفى النهاية عليكم أن تختاروا القيادة التى تريدونها لبلادكم». والحقيقة أن هذا كلام عظيم وعميق وصحيح لكن المشكلة الأهم، والتى تثير غيظى وشجونى وقلقى، كيف وصلت هذه الدولة الأكبر فى العالم وقد أدارت شئون هذا البلد (أفغانستان) وكانت تؤكد كل يوم أن الشعب الأفغانى قادر على حمل المسئولية، لكن كانت النتيجة هرب الرئيس الأفغانى وتقدم قوات طالبان وسيطرتها على كابول ومعظم المدن؟! وهكذا هربت القوات العسكرية الأفغانية وتفكك الجيش النظامى. والسؤال: هل هذا سوء تقدير، أم فشل استخباراتى فظيع؟!
وكيف لم تلتفت الاستخبارات الأمريكية إلى فرار عدد كبير من عناصر الجيش الأفغانى تاركين دباباتهم خلفهم مع تقدم طالبان، وهو ما يُذّكرنا بما حدث فى العراق عندما فرت بعض القوات العراقية أمام تقدم تنظيم «داعش» وسيطرته على مدينة الموصل فى يونيو 2014م.
•••
أما الطامة الكبرى فقد سمعتها مباشرة من جو بايدن إذ يقول «ليست وظيفة أمريكا أن تقرر مستقبل أفغانستان نيابة عن شعبها»، وهذه الجملة بالذات رسالة لكل دول العالم أن تفقد ثقتها فى أمريكا، فهى تقول إن أمريكا ليست مستعدة للوقوف مع حلفائها، إلا إذا كانت مصلحتها الخاصة تقتضى ذلك.
وهكذا تستخدم أمريكا مصطلحات وتصريحات عكس بعضها البعض، ليس لصالح الشعوب المغلوبة على أمرها لكن لصالح أمريكا وتحالفاتها ولتذهب هذه الشعوب إلى الجحيم، ما الذى يحدث عندما يترك الأسد فريسته بعد أن ينهشها ويأكل لحمها وعظمها، أنه يتركها لباقى الوحوش الأضعف منه التى تنتظره وهو ينتهى منها، وها هى روسيا والصين وإيران وتركيا... إلخ، يتأهبون منتظرين ما الذى ستؤول إليه أحوال أفغانستان، وكيف يمكنهم التدخل فى الوقت المناسب ليقطفوا ثمار انسحاب أمريكا.
إن الانسحاب الأمريكى لن يهب السلام لأفغانستان بل العكس هو الصحيح فهو سوف يترك فراغًا ربما يتسبب فى حروب على جبهات مختلفة. ولو تحدثنا عن موقف إيران نتساءل هل الوضع الجديد خطير عليها؟ وهل طالبان عدو طبيعى لنظام طهران؟. إن حدود إيران مع أفغانستان لا تقل عن ألف كيلومتر، وهذه المسافة كافية لإخافة النظام فى إيران من الوضع فى أفغانستان سواء اندلعت فيه حرب أهلية أو استقر تحت حكم طالبان. قد تعادى طالبان إيران وتندلع حرب بينهما وقد يكون العكس إذا أصبحا متحالفين، فالفروق المذهبية ليست كافية لمنع الاتحاد السياسى بينهما.
التنافس محموم بين القوى الكبرى على أفغانستان، فهى من الأماكن القليلة فى العالم التى تتنافس عليها الصين وروسيا وأمريكا، وهناك القوى الإقليمية باكستان والهند وإيران التى لها نفوذها المحلى وعازمة على الاحتفاظ به.
وهكذا كما عاد الخمينى عام 1979م من باريس وأقام دولة دينية لا زالت قائمة حتى اليوم، والله أعلم حتى متىن فها هو المُلا عبدالغنى برادر يستقل الطائرة من قطر إلى كابول ليتسلم مقاليد السلطة بدون أى مقاومة تُذكر، وستقيم طالبان دولة دينية، ويعلم الله إلى متى ستستمر هذه الدولة، وكيف ستتعامل مع الأفغان والدول المجاورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.