في وقت تتصاعد فيه الخلافات بين النظام الحاكم وقوى المعارضة المتحدة تحت ائتلاف جبهة الإنقاذ الوطني، ومع فشل محاولات الحوار الوطني في لم شمل القوى السياسية، وفشل وثيقة الأزهر لنبذ العنف، ظهرت مبادرة جديدة لتدشين كيان مواز لجبهة الإنقاذ الوطني تحت مسمى «جبهة الضمير الوطني». وأثيرت تساؤلات حول تداعيات تدشين هذه الجبهة والهدف من ورائها، وحقيقة الخلفية التكوينية لقياداتها. وتُعد من أهم تداعيات تأسيس هذه الجبهة ما شهدته الساحة المصرية من صراع وفوضى عارمة بين مكونات النظام السياسي أدت إلى تقسيم مصر بين معسكرين وشيوع حالة القطيعة غير المسبوقة بين رئيس الجمهورية وقوى المعارضة والتي اشتدت حدتها بعد فشل مبادرة وثيقة الأزهر لنبذ العنف التي وقعت عليها القوى السياسية يوم الخميس الموافق 31 يناير 2013. ورغم أن الأهداف الداعية لتدشين جبهة الضمير الوطني تشير كما هو موضح في البيان التأسيسي إلى أن الهدف الرئيسي هو نبذ العنف وإحياء قيم الثورة، وخلق طريق ثالت للبحث عن حل للإشكالية الحالية وكرد فعل لحالة الانزعاج التي تسود الكثير من فئات الشعب المصري بعد مرور عامين على الثورة إلا أن القراءة الدقيقة تكشف عن أنها ليست سوى وسيلة لاحتواء المعارضة خاصةً بعد مواقفها الأخيرة وإصرارها على إسقاط النظام والتحفظ على الحوار الوطني وهو ما يبدو جليا من توقيت تدشين الجبهة الذي تتصاعد فيه أسهم شعبية جبهة الإنقاذ وسط مؤشرات على عدم وجود بديل لها. كما أنها جاءت كرد فعل على سعى البعض ممن يرى النظام أنهم يمثلون امتدادا لبقايا النظام السابق ويسعون لإشعال ثورة مضادة. وقد تجلى واضحاً السرعة في الإعلان عن تدشين جبهة الضمير الوطني، في البيان الذي يغلب عليه اللغة الأدبية التي لا تتلاءم مع الخطاب السياسي والذي أرسل إلى الصحف والذي نشر على البوابة الرسمية لحزب الحرية والعدالة وهو مغاير للبيان الذي أُعلن في المؤتمر التأسيسي للجبهة بساقية الصاوي يوم السبت 9 فبراير 2013. كما اتضح التسرع في غياب التنوع الكافي للخلفيات الفكرية والإيديولوجية للقيادات المؤسسة للجبهة، حيث يغلب علي المنتمين لها الإسلام السياسي واتضح ذلك في عضوية محمد البلتاجي وحلمي الجزار القياديين بجماعة الإخوان المسلمين، ونصر عبد السلام وصفوت عبد الغني عن حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وإيهاب شيحة عن حزب الأصالة، والدكتور محمد محسوب وزير الدولة السابق للشئون النيابية والقانونية نائب رئيس حزب الوسط. كما أن الجبهة لم تنتظر لتحسم موقف بعض الرموز المدنية وهو ما وضعها في موقف محرج، حيث صرح كل من د. سامح فوزى والقس رفيق جريش المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر ومنار الشوربجى ود. سيف عبد الفتاح بأنهم ليسوا أعضاء بهذه الجبهة، وهذا يؤكد الصبغة الإسلامية للجبهة خاصة بعد انسحاب الرموز القبطية. كما لا تخفى دلالة الاسم الذي يستهدف التشويش على مسمى جبهة الإنقاذ الوطني. وحتى يكتب لجبهة الضمير الوطني النجاح عليها التوافق مع العديد من الرموز المدنية الحيادية التي تتمتع بمصداقية في الشارع المصري، وعلى قيادات التيار الإسلامي الانسحاب منها بأن يكون هناك ممثل واحد وليس العشرات لإعطاء فرصة للآخرين ولإضفاء المصداقية على الجبهة بأنها كيان لخلاص مصر من الصراعات وليس كياناً إخوانيا آخر لتضييق الفجوة على معارضيه.