إتفق الحاضرون في ملتقى الشربيني الثقافي، الذي أسسه ويديره الصحفي محمود الشربيني، على أنَّ مصر لا تسعى إلى هدم السد، ولكن تحذر إثيوبيا من مخاطر ما هي مقدمة عليه تجاه أراضيها وأراضي الدول المتشاطئة على حوض نهر النيل. شددوا على أنّه "لا يجب ملء السد إلا من خلال اتفاق ملزم يشمل حجم الخزان، الذي لا يجب أن يتجاوز ال44 مليار متر مكعب، ويتم ملؤه على مدى 15 عامًا. وخلال الملتقى دعا الدكتور أحمد السيد النجار الدولة المصرية إلي الانسحاب من إعلان المباديء الذي وقعته مع أثيوبيا والسودان عام 2015 بشأن سد النهضة، وإسقاط هذا الإعلان والإنسحاب الفوري منه، كون أثيوبيا لم تلتزم بالإعلان عن خطة عملها وفق ماورد في نصوصه، والتي تلزمها بالإعلان عن خطتها لتشييد السد، ومواصفاته الهندسية والفنية، وكيفية ملؤه وتشغيله في مدة أقصاها خمسة عشر شهرا من بدء سريان الإعلان. أشار إلى أنها ورغم مرور أكثر من 52شهرا لم تنفذ التزاماتها حتى الآن، وليس هذا وحسب، وإنما شهدت هذه الفترة الطويلة مراوغات ومماطلات عديدة من الجانب الأثيوبي، وفضلا عن ذلك فإنها رفضت جميع المطالب المصرية والسودانية خلال المفاوضات، حتي انها تمادت أكثر وأكثر، فقررت في يناير 2021 الاستحواذ على المياه في منابع نهر السوباط والنيل الأزرق، مايعني خرقاً تامًا لبنود الاتفاق، مشددًا على ضرورة قيام مصر باسقاط هذا الإعلان فورا، إستنادًا إلى هذا الموقف الأثيوبي. يعزو أحمد السيد النجار، خلال حديثه في ملتقى الشربيني الثقافي، في التظاهرة الثقافية التي أقامها تحت "عنوان النهر الخالد شرعية وشريان حياة" - عدم اكتراث أثيوبيا بالمفاوضات واستهتارها بمقدرات الدولة المصرية، إلى تفسيرها للصياغة الواردة في ديباجة إعلان المباديء، والتي تجعل من نهر النيل - وهو بموجب القوانين الدولية نهر دولي لا يجوز لأي دوله التحكم فيه أو فرض سيطرتها عليه - مجرد ممر مائي يحق للدول استخدامه والاستفاده منه. حذّر النجار من أنَّ الخطر الأكبر في وجود سدِّ النهضة الإثيوبي، هو حصولها على صلاحية التحكم في عملية فتح وإغلاق السد، مشدّدًا على ضرورة المشاركة المصرية في بناء السد، ومراقبة عمله، والوقوف على عمليات الفتح والإغلاق بما لا يغرق السودان، ولا يعطّش مصر. أوضح الصحفي نبيل عمر، أنَّ مصر تواجه خطرًا وجوديًا، فالسد تهديد مباشر ودائم، مشددًا على ضرورة وجود قوة مصرية داخل إدارة السد بذاته، منوها بأن مصر تتخذ الآن إجراءات عديدة في سبيل الدفاع عن حقوقها المشروعة. أشار عمر، إلى ضرورة الحفاظ على مياه النيل للأجيال القادمة، إذ أنَّ حصة مصر الراهنة من مياه النيل، لا تكفي الاحتياج المصري الحالي، وبالتالي مالذي سيحدث في ظل التنامي المستمر في الزيادة السكانية. قال الكاتب السياسي والمسرحي محمد فرج، وأمين العمل الجماهيري في حزب التجمع، إنَّ "كتاب بوليتيكا سد النهضة الذي ألفه وأعده الدكتور مهندس عبد الفتاح مطاوع رئيس قطاع بحوث المياة بوزارة الري والموارد المائية يشرح كل الاقتراحات، التي تمَّ وضعها أثناء ثورة 25 يناير، في شأن سد النهضة، والخطر فيه على مصر"، مشيرًا إلى أنَّ "السودان هي الأكثر عرضة للخطر، إذ أنَّ انهيار سد بهذا الحجم الذي تعتزم إثيوبيا الحصول عليه، يعني بالضرورة إغراق دولة السودان بالكامل"، مشدّدًا على أنَّ "الدخول للحرب سهل جدًا؛ لكن الخروج منها هو المعضلة". وكان ملتقى الشربيني الثقافي استهل تظاهرته الثقافية النهر الخالد شرعية وشريان حياة بعزف السلام الوطني كالعاده وألقى مؤسسه الكاتب الصحفي محمود الشربيني كلمة قال فيها إن النهر الخالد (كما اسماه الشاعر العظيم محمود حسن إسماعيل في رائعته التي تحمل هذا العنوان) لا تكفيه أمسيةٌ أو ليلةٌ، أو حتى مجموعة ليالٍ ثقافيةٍ وفكريةٍ، سواء كان إحتفاءً، أو تذكرًا، أو تذكيرًا، أو توعيةً - أو حتى إحتشادًا- من أجل استمرار جريان الدم في شريان حياة الوطن، إلا "رباطٌ" وصف به أهل مصرَ في الذكر الحكيم، والذي سيبقون فيه إلى يوم يبعثون.