غبي من لا يتعلم من التاريخ، فالتاريخ كله أحداث وعبر.. ومن الثورة الفرنسية - أم الثورات - يأتينا الدرس الكبير.. فهذه الثورة استمرت 10 سنوات بالضبط من يوليو 1789 إلي نوفمبر 1799.. عندما عاد بونابرت من مصر ثم استولي علي السلطة بعد سنوات من القلاقل والارهاب والهزائم . واستطاع أن يحقق لفرنسا النصر الكبير.. وأصبح امبراطورا، وربما تكون انجازات المدنية هي الأبقي في تاريخ هذه الثورة، وفي مقدمتها قوانين نابليون التي بدأ العمل بها عام 1804. ولكن هل استمر انتصار الثورة الفرنسية؟! يقول التاريخ إن نابليون بعد أن انهزم 1815 للمرة الثانية في معركة ووتر لو نفي للمرة الثانية إلي جزيرة سانت هيلانة.. ليموت هناك في مايو 1821 بعد اصابته بالسرطان. وعاد الحكم الملكي إلي فرنسا بعد أن رفض الفرنسيون والحلفاء تعيين ابنه ملكاً علي فرنسا ليصبح لويس 18 ملكاً علي فرنسا.. ولكن القلاقل عادت إلي البلاد فاندلعت الثورة من جديد عام 1830 بعد أن أصدر الملك قوانين صارمة علي الصحافة وحل مجلس النواب المنتخب ونجح رجال الطبقة المتوسطة والعمال في نقل تحركهم ومعركتهم إلي الشارع وأخذوا يقاتلون خلف السواتر والحواجز في الشوارع، واحتلوا باريس لمدة ثلاثة أيام فتنازل الملك شارل العاشر عن العرش وهرب إلي انجلترا.. وأصبح لويس فيليب ملكاً ارستقراطياً مثل الملك شارل العاشر.. وتمت صياغة دستور جديد علي اساس دستور عام 1814 وكان ذلك الدستور أكثر الدساتير حرية في أوروبا كلها. ولكن لم تهدأ الجماهير إلا قليلاً إذ سرعان ما ثار الشعب علي الملك بعد ان حكم البلاد من عام 1830 إلي عام 1848 وهو ابن شقيق نابليون بونابرت.. رغم أن فرنسا عاشت فترة حكمه مستقرة ونعمت بالرخاء.. ولكنها عانت من الرقابة الشديدة.. واندلعت الثورة من جديد بعد أن رفض الملك إصلاح قوانين الانتخابات.. وأجبر على التخلى عن العرش.. وأدت هذه الثورة إلى ظهور الجمهورية الفرنسية الثانية.. وتم انتخاب لويس نابليون رئيساً للبلاد بعد أن حصل على خمسة ملايين ونصف مليون مقترع من أصل سبعة ملايين ونصف المليون، وأدى اليمين للجمهورية ولكنه سرعان ما استطاع جمع كل الصلاحيات بين يديه.. وأعلن نفسه إمبراطوراً عام 1852. وتحول حكمه إلى أن أصبح دكتاتوراً فقد كان محاطاً بمغامرين غير أمناء.. كما فرض على الصحافة عدم نشر أى مناقشات!! وبعد هزيمته أمام جيش ألمانيا «الموحدة» ثارت فرنسا وأسقط الثوار هذا الإمبراطور فى سبتمبر 1870، وهو للأسف كان صديقاً للخديو إسماعيل وزوجته هى أوجينى التى دعاها الخديو لحضور افتتاح قناة السويس قبل ذلك بشهور قليلة. ولكن لماذا هذا السرد التاريخى.. سببه أن رأس هذه الأسرة نابليون بونابرت هو الذى أنهى الثورة الأم عام 1799 وأصبح حاكماً مطلقاً لفرنسا.. وهو الذى أنقذ البلاد من فوضى الإرهاب والاستبداد الذى مارسه بعض الثوار. أى جاء بجيشه لينقذ البلاد من هذه الفوضى.. ونجح إلي أن مجدت فرنسا هذا الضابط حتى أنها دفنت جثمانه تحت القبة الشهيرة فى باريس.. فهل هكذا تصبح الجيوش هى المنقذ لأوضاع الوطن فى الداخل كما تتولى الدفاع عن الوطن.. أمام أى خطر خارجى.. هل فهمتم الدرس؟. المعنى مطلوب قبل ألا يصبح أمامنا إلا اللجوء للجيش لإنقاذ مصر!! وياليت ذلك لا يكون فقد عانينا كثيراً.