عرفت فرنسا النظام الجمهورى لأول مرة من خلال ثورتها التاريخية التى بدأت عام 1789، وكان يوم سقوط الملك لويس السادس عشر فى 21 سبتمبر عام 1792 هو بداية الجمهورية الأولى التى استمرت حتى عام 1804، حيث أعلن نابليون بونابرت نفسه إمبراطورًا. وعرفت الفترة ما بين 25 فبراير 1848 حتى 2 ديسمبر 1851 بالجمهورية الثانية، وكان لويس نابليون بونابرت هو رئيس هذه الجمهورية، ثم أعلن نفسه هو الآخر إمبراطورا على فرنسا وأسقط الجمهورية الثانية. بعد الهزيمة الساحقة التى منى بها الإمبراطور نابليون الثالث على يد الألمان عام 1870، والتى انتهت باحتلال ألمانيا على إقليم الإلزاس واللورين، تم إعلان الجمهورية الثالثة عام 1870، والتى استمرت حتى عام 1940، بعد هزيمة فرنسا للمرة الثانية على يد الألمان واحتلالهم لها خلال الحرب العالمية الثانية، وتنصيب حكومة موالية لهم (حكومة فيشى). كان انتصار الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية يمثل مرحلة تاريخية جديدة للعالم كله، وخاصة دول أوروبا التى تغيرت خريطتها، فبعد تحرير فرنسا من الألمان، أعلنت الجمهورية الرابعة، والتى كانت استئنافا للجمهورية الثالثة، واستمرت حتى عام 1958. شارل ديجول هو الأب الروحى للجمهورية الفرنسية الخامسة، ويرجع الكثير من الفرنسيين الفضل إلى الجنرال ديجول فى استقلال بلادهم من الجيوش النازية التى احتلت بلادهم خلال الحرب العالمية الثانية، إذ لم يتوقف وهو فى لندن عن إطلاق الشعارات التى كانت تلهب قلوب الفرنسيين وتدفعهم إلى المقاومة، ومن أشهر نداءاته "أيها الفرنسيون لقد خسرنا معركة لكننا لم نخسر الحرب وسوف نناضل حتى نحرر بلدنا الحبيب من نير الاحتلال الجاثم على صدره". بدأ ديجول فى التحول من الحياة العسكرية إلى الحياة السياسية مع بدء عمليات تحرير فرنسا، فبعدما استطاعت الفرقة الثانية المدرعة وفرقة المقاومة الشعبية أن تجبر القوات الألمانية على الاستسلام، وصل ديجول فى 25 أغسطس إلى مقر وزارة الدفاع الفرنسية واتخذها مقرًا له، وفى 26 أغسطس 1944 استقبل ديجول فى باريس استقبالًا شعبيًا حافلًا، وعقد اجتماعا مع رؤساء المقاومة، وفى سبتمبر 1944 أصبح رئيسًا للحكومة المؤقتة. قدم استقالته فى يناير عام 1946 من الحكم واعتكف، وبعد حدوث اضطرابات داخلية كبيرة فى فرنسا فى شهر مايو 1958، أعلن ديجول أنه مستعد أن يتسلم زمام الحكم، على أن يكون رجوعه للحكم بشكل شرعى، فقام ديجول بتشكيل حكومة يونيو 1958، تتمتع بصلاحيات مطلقة لمدة ستة أشهر، ووضع دستورًا جديدًا للبلاد، قدمه للفرنسيين فى شهر سبتمبر 1958، وحاز على 80% من أصوات الشعب، كما حاز حزب الوحدة من أجل الجمهورية الديجولى على 200 مقعد فى البرلمان. وتم انتخاب شارل ديجول رئيسًا فى 21 ديسمبر 1958، وكانت ثورة الجزائر قد اشتدت، وفرضت نفسها فى وجه الاحتلال الفرنسى، وأحس ديجول بحسه التاريخى أن ثوار الجزائر لا بد منتصرون، مضى ديجول فى سياسة التفاوض مع الثورة الجزائرية واعترف باستقلال الجزائر فى اتفاقية إيفان فى مارس 1962، وفى مايو 1962 منحت الجزائر استقلالها، وبذلك أنهى ديجول حرب دموية، دامت سبع سنوات. بعد انتخاب الجنرال شارل ديجول رئيسا لفرنسا، بدأت الجمهورية الخامسة رسميا فى مثل هذا اليوم من عام 1959. وما زالت الجمهورية الخامسة فى فرنسا قائمة حتى الآن، وتوالى على رئاستها كل من: شارل ديجول (1958 - 1969)، جورج بوميدو (1969- 1974)، جيسكار ديستان (1974- 1981)، فرانسوا ميتران (1981- 1995)، جاك شيراك (1975- 2007)، نيكولا ساركوزى (2007 -2012)، والآن(فرانسوا أولاند).