التأمل فى كتاب الله من اسباب زيادة الايمان والثبات على الطاعة وقال اهل العلم تحدثت الآيات الأولى من سورة الكهف عن إنذار الذين أشركوا بالله وقالوا أنّ له ولدًا وبذلك تأكيدٌ على وحدانيته -جلّ وعلا- فقد قال: {وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} ويُلاحظ أنّه -عزّ وجل- ختم هذه السورة العظيمة بتأكيد توحيد الله في قوله: {أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ}. وبهذا تلتقي البداية مع النهاية أيضًا وتتجلى عظمة الله -تعالى-، ومن مقاصد سورة الكهف أيضًا أنّها بينت أنّ الله -جلّ وعلا- قد تحدّث في مجمل السورة وفي أكثر من موضع عن أمر البعث بعد الموت، وذلك لبيان عظمته -جلّ وعلا- وأنّه هو وحده القادر على هذا، فقد قال في حديثه عن أصحاب الكهف {وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}. فقد بعثهم الله بعد أن أماتهم ثلاثمئة وتسع سنوات وبعثهم ليثبت للناس أنّ وعد الله حقٌ وأن الساعة قائمةٌ لا محال كما قال -تعالى-: {وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}. وورد أمر البعث أيضًا في سياق حديث الله -جلّ وعلا- عن صاحب الجنتين وصاحبه فقد أنكر عذاب الله ووجود الساعة وظنّ أنّ ما يملكه لن يهلك أبدًا فقد قال -تعالى-:{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا}. فجاء عقاب الله له وإثباته عظمته بأنّ أهلك تلك الجنتين وأثبت أنّه وحده القادر على كلّ شيء يُحيي ما يشاء ويميت ما يشاء وذلك بقوله: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا}. ويتبين من اهداف سورة الكهف أيضًا أنّ الله -جلّ وعلا- ذكر العديد من الأمثلة والقصص التي تبيّن تصريفه للكون وغايته من كلّ ما يدور فيه، وأنّ كل شيءٍ بأمره فمنه ما يظهر للناس تصريفه وأسبابه ومنه ما يخفى عليهم، وذلك ما كان في قصة نبيّ الله موسى -عليه السلام- مع العبد الصالح. ومما تضمنته سورة الكهف أيضًا قصة ذي القرنين التي تبيّن أنّ الله -جلّ وعلا- آتاه قوةً وعلمًا تمكّنه من القيام بأعمالٍ لا يستطيع الناس القيام بها وكان هذا من رحمة الله بعباده، ثمّ بيّن الله -تعالى- في ختام سورة الكهف عاقبة الكافرين وأنّهم هم الأخسرون وأنّ جهنّم أُعدت لهم إنّ لم يرجعوا عن كفرهم هذا وعصيانهم وأنّ وعد الله حقٌ، وفي المقابل وعد الذين أمنوا وعملوا الصالحات بأنّ لهم الجنات خالدين فيها وذلك في قوله: {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}.