التدبر فى كتاب الله من صفات المتقين و نتعلم من سورة فاطر انّ الذي يمكر بالناس ويتربّص بهم ويسعى لكي يؤذيهم بشروره فإنّه سيجزى بعمله السيئ ذاك ولن يؤذي إلّا نفسه، وبالتالي فعلى المؤمن أن يتقي ربّه في عباد الله ولا يؤذيهم؛ إذ كلّ ذلك راجعٌ إليه في النهاية. أنّ الله -تعالى- أرحم من أن يؤاخذ الناس بأفعالهم فورًا، ولكن من رحمته أنّه يمهلهم حتى الموت وبعدها يكون الحساب، فعلى المسلم أن يسارع في التوبة والإنابة إلى ربه -سبحانه- قبل أن يدركه الأجل ويأتي اليوم الذي {لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}. أنّ المسلم من الواجب عليه أن يكون عبدًا شكورًا لله على ما يحدثه له من نعم، فعليه ألا يلتفت إلى الصوارف التي يجعلها الشيطان في طريقه ليثنيه عن شكر الله عز وجل، كالسعي للعز والمنصب والجاه وما شابهها من تلك الصوارف الشيطانية. أنّ السورة قد افتتحت ببيان عظيم خلق الله -تعالى- للملائكة التي هي من أعظم مخلوقات الله تعالى، فأحرى بالإنسان أن يتضاءل أمام عظمة الله -تعالى- ولا يتكبر، ويعلم أنّه من أهون المخلوقات على الله تعالى، فيجتهد بطاعته ليكون من المقرّبين وينال الحظوة والمنزلة. أنّ المسلم عليه أن يتفكّر في آيات الله -تعالى- في الكون، فإذا تعقّل وفكّر فإنّه سيهتدي إلى أنّ الصانع واحد، فيزداد إيمانه بوحدانيّة الله تعالى، وأنّه ربٌّ واحد يستحقّ العبادة وهو -تبارك وتعالى- أحسن الخالقين. أنّ الله -تعالى- إذا شاء أن يكتب للمسلم رحمةً تصيبه فلا ممسك لها، ومن هنا ينبغي للمسلم أن يؤمن أنّه حاصل على رزقه لا محالة، وأنّ ما كان له فإنّه سيدركه، وأنّ ما كان لغيره فإنّه لن يبلغه ولو بالغ في السعي والمشقة، فيقنع المسلم حينها بما كتب له ولا يجزع لما فقده؛ فأمر الله -تعالى- نافذ لا محالة. أنّ هذه السورة جاءت مثبتة للبعث والحساب يوم القيامة، وهذا يمنح المؤمن أملًا بأنّه إن ظُلمَ في الحياة ولم يستطع أن ينتصف لنفسه ففي القيامة أعدل الحاكمين يستقيد له ويجزي الظالمين ما يستحقون.